إجلالاً للقحوم نحني رؤوسنا
 

أحمد الحسني

على جناح زوامله حمل المقاتلين المتوكلين على الله ببلاجيكهم إلى جبهات الدفاع عن الوطن، ومنها اقتاتوا في الشعاب الوعرة والفلوات المقفرة، وسطروا على إيقاعاتها الحماسية ملاحم بطولات شاهد فيها العالم كيف تقعي دبابة الإبرامز ذليلة بين يدي مقاتل يمني وهو يلقم فوهتها ــ بكل سخرية ــ ماسورة بندقية البسالة الفذة وإباء الضيم. 
إنه لطف القحوم الشاب القادم من صعدة متخماً بالأنفة ومضمخ القامة الفارعة بشموخ جبالها التي يستحيل في حقها الانحناء... 
عرف كشاب كيف يبدو أنيقاً في سروال الجينز والقميص القطني، لكنه بروح الفنان عرف أكثر كيف يحيل الكلمة الجياشة إلى دماء فوارة في الأوردة تصبح جحافل مردة أعيت البوارج في باب المندب، والتهمت المدرعات في الوازعية وميدي، وعجزت طائرات العدو وصواريخه أن تنال منها في مأرب، وفر أمامها جيشه من عسير ونجران وجيزان. وكلما حشد العدو مرتزقة وجيَّش إرهابيين واشترى ذمماً وأقام تحالفات وزادت ترسانته فتكاً وعنفاً، دوى أكثر رجع صدى الصمود اليمني وهو يردد مع لطف القحوم (ما نبالي ما نبالي).
وها نحن اليوم نكتشف أنه كان يعرف أكثر كيف يكون هو بطلاً، وعرفنا كم كان صادقاً. يعلم الجميع أن زوامل القحوم قاتلت معهم في كل جبهة، والقليل فقط من يعرف أن صاحبها كان مقاتلاً باسلاً في معظم الجبهات.
ربما رضي الكثيرون أن يقاتل فقط صوت القحوم، لكنه لم يرض أن يكون الحماسة المستأجرة والمزجي في المؤخرة، وإنما حادياً في مقدمة الركب وفارساً في الصفوف الأولى.
لقد استحق لطف القحوم في حياته أن نعجب به كصوت للفروسية. أما اليوم فنحن نحني رؤوسنا إجلالاً في وداعه كأحد رجالها الصادقين.

أترك تعليقاً

التعليقات