الغزاة.. كمحررين؟!
 

محمد عبده سفيان

لم أكن أتوقع في يوم من الأيام أن أحداً من أبناء اليمن سيقبل بالعدوان على وطنه وشعبه، وأن تُنتهك سيادة بلده، ويدنس ترابها الطاهر من قبل أية دولة تحت أي ظرف من الظروف، ومهما كانت الأسباب والمبررات.. لم أكن أتوقع بتاتاً أن هناك يمنيين يؤيدون قصف الطائرات والبوارج الحربية التابعة لتحالف العدوان السعودي الصهيوأمريكي لوطنهم، وارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية في حق أبناء وطنهم من الأطفال والنساء والشيوخ والشباب والرجال في المدن والقرى على حدٍّ سواء، مهما بلغت درجة الخصومة والأحقاد والخلافات الداخلية.
ولم أكن أتخيل للحظة واحدة أن هناك من أبناء تعز الثورة والوحدة والنضال ضد الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما، سيخرجون بمسيرات تأييداً للعدوان السعودي الصهيوأمريكي على وطنهم وشعبهم، وسيرفعون عبارات (شكراً سلمان) وصور قادة دول تحالف العدوان.. تعز التي تمثل قلب اليمن النابض ومنارة العلم والثقافة والعنوان الأبرز للوحدة الوطنية والمدنية والتعايش السلمي والحضاري، وفيها تتجسد روح المحبة والألفة والوئام.. لم أكن أتوقع بتاتاً أن هناك من أبنائها من سيرفعون شعار الانفصال والمناطقية والطائفية والمذهبية النتنة، تعز التي مثلت جسراً للتواصل والعبور من واقع التشطير والفرقة والتشرذم والحروب والاقتتال إلى فضاء الوحدة والأمن والسلام والاستقرار لكل أبناء يمن الإيمان والحكمة من حوف شرقاً حتى ميدي غرباً ومن صعدة شمالاً حتى عدن جنوباً.. تعز التي مثلت جسراً لعبور طلائع الشباب المدافعين عن ثورة 26 سبتمبر الخالدة التي انطلقت عام 1962م، لإنهاء الحكم الإمامي الرجعي الاستبدادي المتخلف في الشطر الشمالي من الوطن سابقاً، وجسراً لفك الحصار عن العاصمة صنعاء في ملحمة السبعين يوماً (67 ـ 1968)، وجسراً لعبور طلائع ثوار 14 أكتوبر ومناضلي حرب التحرير في الشطر الجنوبي ضد الحكم السلاطيني الرجعي المتخلف والاستعمار البريطاني البغيض، لم أكن أتوقع بصورة قطعية أن هناك من أبنائها من يريد أن يجعل منها جسراً للانفصال وجسراً لعبور الغزاة والمرتزقة العرب والأجانب لاحتلال اليمن.. متى كان الغزاة محررين؟ فإذا كانت القوات السعودية والإماراتية والسودانية والمغربية والمصرية والأردنية والكولمبية ومرتزقة شركة (بلاك ووتر) الأمريكية، محررين! فمن هم الغزاة الذين يحتلون اليمن ليتم تحريرها منهم؟!
تعز تحولت إلى مدينة أشباح.. أبناؤها تزهق أرواحهم البريئة وتسفك دماؤهم الزكية ظلماً وعدواناً. أبناؤها شردوا من منازلهم وأصبحوا نازحين في وطنهم جراء الحرب المجنونة التي تدور رحاها في أحيائها وحاراتها وشوارعها وأزقتها، وجراء ضربات طيران العدوان السعودي الصهيوأمريكي، ولم يتوقف الأمر على مدينة تعز وحسب، بل امتدت الحرب الملعونة وضربات طيران العدوان إلى عدد من القرى والعزل والمدن الثانوية في المديريات، وخصوصاً باب المندب وذوباب والمخا والوازعية وموزع والبرح وجبل حبشي والنشمة والمسراخ والضباب وصبر الموادم ومشرعة وحدنان والتعزية وماوية وخدير والراهدة وحيفان، كل ذلك تحت شعار (تحرير تعز)!
فمن هو الغازي والمحتل الأجنبي الذي يحتل تعز ليتم تشكيل المقاومة المسلحة لخوض حرب التحرير والاستقلال؟!

أترك تعليقاً

التعليقات