خيار شمشون
 

رئيس التحرير - صلاح الدكاك

مرة أخرى يتعيَّن علينا تذكير العالم المنافق المتواطئ الجبان، بأننا مستعدون لأن (نحارب جيلاً بعد جيل)، وبأنه ليس لدى اليمنيين الشرفاء ما يخسرونه سوى أغلالهم، وأن الخسارة كل خسارة هي أن نبخس تضحيات شعبنا الصامد، وألا نثمِّن الدم اليمني الزاكي على طاولة مشاورات (السلام المزعوم).
ما لم يحصل عليه تحالف قوى العدوان السعودي الأمريكي الكوني، عبر ترسانة القتل العسكرية، لن يحصل عليه عبر حوار سياسي، ومن الغباء وعدم الحصافة أن يعتقد أننا أرهقنا أو تضعضعت عزائمنا، لمجرد أننا امتثلنا للحوار السلمي السياسي.
لم نأتِ إلى الكويت لنقايض بالدم والأشلاء، ولا لنتنازل عنها كرمى لعيون حقيبة وزارية ورفاهية حياة تحت نير الوصاية والاستعباد..
جئنا إلى الكويت لنوقف العدوان على شعبنا، والحصار الجائر، ونرفع محاكم تفتيش القرن الـ21 في (بيشة وعمّان وجيبوتي)، عن كاهل مواطنينا وأهلنا، وعلى هذه المحددات ووفقها جنحنا للحوار، ولوجه التوافق والشراكة قبلنا بحل سياسي يمنح لفيف الملوثين والمرتزقة فرصة أخيرة ليتطهروا بحقن دم شعبنا الذي تورطوا بصورة مباشرة وغير مباشرة في سفكه وإباحته لجلادي العالم وشذَّاذ الآفاق والقتلة المأجورين من كل حدبٍ وصوب.
قبلنا التفاوض مع السعودية، وانخرطنا في مشاورات الكويت، على أساس مخرجات مؤتمر الحوار الوطني واتفاقية السلم والشراكة التي أقرت الأمم المتحدة في تقرير رسمي لمبعوثها السابق (جمال بن عمر)، بأن الحرب أجهضتها واعترضت طريق حل سياسي كان ناجزاً، وفقاً لمحددات المخرجات والاتفاقيات الآنفة؛ غير أن العالم المنافق ومبعوثه الحالي (ولد الشيخ) يطمعون اليوم في أن نتنازل لهم عن رقاب شعبنا لتحرسها سواطير داعش، وأن نتنازل عن ترابنا لتحرسه أبواط (بلاك ووتر) و(داين جروب) و(الرينجر) و(المارينز) وأوغاد الاحتلال من كل الأصقاع.
يريدون أن نتخلى عن سلاحنا للأشباح، وأن نفرش سجادة حمراء تمتد من الكويت إلى صنعاء، ليعبر عليها كل الخونة ومصاصي الدماء دون قيد أو شرط، ودون حياء أو خجل.. ونحن ندرك أن أي تنازلات على هذا المستوى، ومن هذا القبيل، لن تعفي شعبنا من العدوان، وإنما ستبيحه رسمياً لآلة القتل، كما أنها تنازلات لن تجعل قوى الاستكبار والامبريالية تتورع عن مزاولة وصايتها على قرارنا السياسي الوطني وأقواتنا ومعايشنا، ولن تدرأ عن البلد أخطار التمزيق الطائفي والمناطقي، وإنما ستضاعف من الأغلال المضروبة علينا، وستمزق بلدنا ونسيجنا الاجتماعي نتفاً، وتدفع بنا إلى هاوية تدمير ذاتي تأتي على بنيتنا الاجتماعية برمتها، لتفسح طريقاً ممهداً لجغرافيا هي عبارة عن ماخور بلا نبض ولا مقاومة ولا وجود..
تنازلات مستحيلة رفضناها بالأمس وثرنا عليها، ونرفضها اليوم ونحارب لكي لا تفرض علينا تحت أية مسميات، وسنظل نحارب حتى النفخ في الصور في سبيل ألا نقع تحت طائلتها، فنغدو شعب خيام وملاجئ، في محيط (عربي عبري، دولي صهيوني) يستهجننا ويفرزنا في خانة اللاآدمية.
إن اليد التي مددناها للسلام لا قيمة لها بغير اليد القابضة على الزناد، في عرف العالم المنافق.
إنهم يراهنون على إرهاقنا وإنهاكنا، ولم يستوعبوا، بعد، طاقة اليمني على احتمال الشظف صوناً للكرامة، واحتمال الجوع تلافياً لخيار الأكل بالثديين، واختيار النار تلافياً للعار.
لن يكسروا العمود الفقري الشعبي لملحمة الصمود حتى النصر، ولن يبرأوا من مأزق سقوطهم الوشيك في جنوب المملكة بالتحشيد العسكري في جنوب الجمهورية، وبوسعنا - خلافاً لشمشون - أن نهدم معبد النفط المقدس على رؤوسهم، دون رؤوسنا.

أترك تعليقاً

التعليقات