رجعة المرتزق إلى صباه
 

رئيس التحرير - صلاح الدكاك

على غرار مراوغات الإخواني محمد قحطان والإخواني الناصري عبدالله نعمان، في حوار (موفنبيك)، يراوغ عبدالملك المخلافي، كبير وفد مرتزقة الرياض في مشاورات الكويت، بصبيانية فجة وسامجة، مدفوعاً بأمل أن تتوج هذه المشاورات بعدوان دولي واسع النطاق على اليمن، يباركه قرار أممي تحت الفصل السابع.
(حوار موفنبيك) الذي جرى برعاية أممية في الفترة من 20 يناير إلى 26 مارس 2015، لم يسفر عن إدانة أممية لأنصار الله، يليها قرار بالتدخل العسكري ضمن الفصل السابع، طبقاً لما كان يأمله تجمع عملاء الرياض؛ وعلى النقيض من ذلك، فقد اتهم المبعوث الأممي جمال بن عمر حينها، حزب الإصلاح، صراحة، بالمراوغة وازدواجية الموقف إزاء ما كان يجري الاتفاق عليه من نقاط ومحددات، وذكر بن عمر في تقريره لمجلس الأمن، أن الأطراف اليمنية كانت توافقت على شكل الإدارة الانتقالية الرئاسية والحكومية، وأن الحرب التي شنها (التحالف العربي بقيادة السعودية)، حالت دون هذا التوافق، وأجهضته.
كانت (واشنطن) حينها تدرك استحالة توفير مظلة أممية للعدوان، بفعل تفاوت التقديرات لمدى الحاجة إلى تدخل عسكري أممي على خط الأزمة في اليمن، بينها من جهة وبين الصين وروسيا من جهة أخرى، لذا فقد أوعزت (واشنطن) إلى الرياض باكراً بالاستعداد لاقتراف هذه الحماقة انفرادياً، ومباشرة العدوان على اليمن بمنأى عن المباركة الأممية، وسوَّغت لها ذلك بحقها في مواجهة خطر التوسع الإيراني الذي بات يهيمن على (حديقتها الخلفية).. ليأخذ التدخل العسكري شكل مبادرة عربية دفاعية مشروعة إزاء تهديدات مباشرة لـ(الأمن القومي العربي).
وإذ غدا العدوان العسكري أمراً واقعاً، فقد نضجت الحاجة الصينية الروسية لمقاربته من زاوية أممية تتيح لها مناكبة (الولايات المتحدة) الحاضرة بأدواتها على الأرض، في تأويل الأزمة في اليمن، على طاولة أممية، وبلورة قواعد اشتباك إزاءه تلافياً للاستثمار الأمريكي المنفرد.
هكذا كانت الصين ـ روسيا، ناضجتين للقبول بتمرير القرار 2216، في أبريل 2015، بعد قرابة شهر من بدء العدوان السعودي الأمريكي على اليمن، وهو قرار يضبط إيقاع الاشتباك أكثر منه قراراً يشرعن للعدوان.
ثمة اليوم متغيرات ميدانية أعطبت جنازير ترسانة العدوان العسكرية، دون بلوغ أهدافها، وفرضت مشاورات الكويت، وأرست قواعد اشتباك جديدة قوامها الإقرار بقوة (حركة أنصار الله)، والحاجة للتفاوض معها، بوصفها صاحبة اليد الطولى والقابضة عملياً بزمام الحل والعقد على مستوى أكثر من ملف، لا سيما ملف الحدود الملتهبة ذا التبعات باهظة الكلفة على حاضر (المملكة) ومستقبلها.
في سياق موازٍ لهذه المتغيرات الميدانية، ثمة سياج الاستثمار الصيني الروسي على خط الأزمة اليمنية، والذي تقدر معه بكين وموسكو أن سقف الاشتباك القائم هو السقف الأمثل مرحلياً لإنجاز تسوية سياسية انتقالية يمنية لا تكون وفقاً على المصالح الأمريكية من حيث محدداتها وأفق تطورها المستقبلي..
إن محاولات كبير مرتزقة وفد الرياض عبدالملك المخلافي، اجترار مناخ مفاوضات (موفنبيك)، والدفع باتجاه أن تؤول مشاورات الكويت إلى إجماع دولي حول رفد الآلة العسكرية العاثرة لتحالف أربابه من دول العدوان، بزخم سياسي حربي نوعي من حيث الكم والكيف، هي محاولات يعوزها لتتحقق تصفير عداد اللحظة الزمنية، وغض الطرف عن متغيراتها.
إن كلا (قحطان - المخلافي) لا يصدران - بطبيعة الحال - في مواقفهما عن هم وطني إزاء أزمة اليمن، وإنما يعكسان أزمات ومآزق دول تحالف العدوان، الناجمة عن إخفاقات آلتها العسكرية على الأرض، وارتدادات تلك الإخفاقات على كواليس عائلاتها المالكة سلباً.. لذا فإن الحلول السياسية التي سعى قحطان بالأمس، ويسعى المخلافي لإنجازها اليوم، لا تمت بصلة للحلول التي تحقق مصلحة لليمن، وتفضي إلى انفراج سياسي وطني، قدر ما هي حلول تعيد إنتاج الاستلاب والوصاية بصيغ مختلفة على اليمن، بوصف ذلك السبيل الأوحد لتعافي أربابه في الدوحة - الرياض - أبوظبي وواشنطن، كإرادة دولية عليا، لا إرادة للشعوب معها ولا تعقيب..
يعتقد المخلافي أن بوسعه أن يسبح في نهر الأحداث مرتين، مرة باستجلاب عدوان أجنبي بلبوس عربية، كما في مارس 2015م، وأخرى باستجلاب عدوان أممي خليط واسع النطاق، فيبرهن بذلك على خطأ تقدير بعض المراقبين لذكائه، مفصحاً عن غباء فادح مبعثه القصور الذاتي لمرتزق يلجأ لاعتساف كل منطق وعقل وواقع، قرباناً لفجور ولي نعمته، لا عن قراءة حصيفة لمتغيرات تكرس إحساسه بكونه لا أكثر من مطية نافقة باتت عبئاً على إسطبل طويل العمر.
إن جرار العسل التي يهرقها المخلافي في حمَّامه اليومي، لن تعيد إلى الوجه المترهل المهترئ تماسكه، وليس بمقدور قرار تحت الفصل السابع، إذا ما نجحت شيكات النفط في شرائه من دكاكين العطارة الأممية، أن يصلح ما أفسده الدهر وبيادات الجيش اليمني واللجان الشعبية، من أضلاع منظومة الإقطاع والعمالة..

أترك تعليقاً

التعليقات