شعب عظيم
 

عبد الحافظ معجب

من تحت الركام يولد شعب عظيم، ينفض الغبار، ويواصل مسيرة الكفاح، شعب لم تهزمه دول الاستكبار ومعها ممالك النفط، بعد أن سخروا كل إمكانياتهم وخبراتهم في الحرب، لم يستطيعوا أن يكسروه، وانكسروا هم، أرسلوا له أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا في مجال الطيران، وأنزلها كأنها (جراد)، قصفوه بالصواريخ والقنابل الممنوعة والمحرمة، ليدفنوه تحت الأنقاض، ولكنه برأس مرفوع وشامخ خرج مبتسماً، وقهرهم بصموده الأسطوري منقطع النظير، حشدوا له المرتزقة والمقاتلين من عشرات الدول، بعد تسليحهم وتدريبهم على أعلى المستويات، وكافة التضاريس، وبخبرته القتالية المتواضعة أعادهم داخل (الصناديق)، وأغلبهم عادوا أشلاء ممزقة أو متفحمة (طبعاً غير الذين أكلت جثثهم الكلاب).
يحيي اليوم هذا الشعب العظيم ذكرى عامين من الحرب، متماسكاً، وقواه السياسية متلاحمة بصفوف مرصوصة كالبنيان، وبصوت عالٍ يهتف الشعب معلناً قدرته وطاقته على الصمود لأعوام قادمة بذات المعنويات، بل بعزيمة أقوى، ورغبة جامحة للحياة الكريمة، غير آبه بالعدوان ومخططاته الفاشلة ومحاولاته اليائسة.
من هتافات الشعب في ساحة السبعين يسمع العالم إرادة وعظمة الأمة اليمانية التي باتت كل الأمم تعرف إصرارها على البقاء واستمرار كفاحها لتطهير حدودها الجغرافية والاغتسال من رجس العملاء والخونة الذين أدركوا مؤخراً أنه لا مكان لهم في البلدة الطيبة.
عامان من الحرب كانا فترة كافية ليعلم العالم أجمع من هو اليمني الذي لا يُكسر ولا يُقهر ولا يُمكن لأية قوة أن تجبره على الاستسلام مادام متسلحاً بإيمانه وعدالة قضيته.
(سلم نفسك يا سعودي أنت محاصر) و(شردوا شردوا يا ولي الله)، هذه عناوين لمعركة الحق ضد الباطل في العمق السعودي، وتكبدت فيها مملكة الرمال خسائر بشرية فادحة، بعد أن فقدت خلال العامين أكثر من 6500 جندي وضابط بمختلف الرتب والمناصب العسكرية. أما عيال زايد فقد قدموا ما يقارب الألفين من جنودهم وضباطهم ما بين قتيل وجريح، وقدمت بقية الدول حوالي 700 جندي وضابط من مختلف الجنسيات، وحازت السودان وكولومبيا وباكستان على النصيب الأكبر في حجم الخسائر البشرية.
ومثلما تطهرت السلطة والقصر الرئاسي والوزارات والأحزاب من العملاء والخونة الذين ارتموا في حضن العدو، تطهرت الأرض أيضاً من قرابة الـ30 ألفاً من المرتزقة المحليين (البلدي)، بينهم ضباط وقيادات عسكرية كانت رفيعة قبل أن تختار الموت وهي غارقة في وحل العمالة والارتزاق.
في الجو أيضاً كان التنكيل حاضراً، وأسقط ودمر جيشنا واللجان 78 طائرة مقاتلة ومروحية نقل وطائرات استطلاع ورصد، أما في البحر فالإحصائيات المؤكدة تتحدث عن 12 قطعة حربية، بالإضافة إلى 42 زورقاً حربياً، هذا طبعاً غير الجثث المجهولة التي رفضت حتى الأسماك أن تبتلعها.
وابتلعت الأرض ما يقارب 1500 ما بين أطقم ومدرعات ودبابات وسيارات متنوعة، وأغلبها جرى بيعها (بالكيلو) لتجار الحديد (الخردة).
أضعاف هؤلاء الثوار الذين خرجوا لإحياء الذكرى الثانية للعدوان، مرابطون في 47 جبهة داخلية، يحيون الذكرى بطريقتهم الخاصة، من خلال التنكيل بالعدو بسلاح الإيمان وسلاح الحديد، ولسان الحال يقول: ما لم يتحقق في عامين، لن يتحقق في ألف عام.

أترك تعليقاً

التعليقات