تعز غير..؟!
 

محمد عبده سفيان

من تعز انطلقت قوافل الشباب للدفاع عن ثورة 26 سبتمبر عام 1962م، والدفاع عن النظام الجمهوري، وفك الحصار عن العاصمة صنعاء عام 1967م.. ومن تعز كان ينطلق ثوار 14 أكتوبر، لخوض معارك حرب التحرير ضد الاستعمار البريطاني الذي كان جاثماً على الجزء الجنوبي والشرقي من الوطن اليمني.. ومن تعز انطلق الأحرار لدعم ثورة 1948م التي أطاحت بالإمام يحيى.. ومن تعز قاد الشهيد المقدم أحمد الثلايا الانقلاب ضد الإمام أحمد عام 1955م.. وفي تعز تم الإعداد والتجهيز لتفجير الثورة من قبل تنظيم الضباط الأحرار.
تعز أنجبت أبرز مؤسسي الحركة الوطنية اليمنية: الأستاذ أحمد محمد نعمان، والشيخ عبدالله علي الحكيمي، ومؤسس الحزب الاشتراكي اليمني الشهيد عبدالفتاح إسماعيل، الذي تولى منصب أمين عام الحزب ورئيس الجمهورية في الشطر الجنوبي من الوطن (78ـ1980م)، وأنجبت المناضل والشاعر الكبير عبدالله عبدالوهاب نعمان، وغيرهم كثير لا يتسع المجال لذكرهم جميعاً.
تعز اتخذها الرسوليون عاصمة لدولتهم التي استمر حكمها للفترة 569ـ626 هجرية (1173ـ1229م)، وتعد من أطول الدول عمراً في تاريخ اليمن الوسيط، ويتفق معظم المؤرخين والعارفين بالتاريخ اليمني على أن عصر الدولة الرسولية كان أزهى عصور اليمن خلال العصور الإسلامية الوسيطة، سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية أو الإدارية أو الثقافية أو الحضارية.. واتخذها الإمام أحمد بن حميد الدين عاصمة لمملكته طوال فترة حكمه منذ توليه الملك بعد اغتيال والده الإمام يحيى في صنعاء عام 1948م، وحتى وفاته يوم 18 سبتمبر 1962.
تعز كان يتم تهيئتها لتكون العاصمة الثقافية لليمن، وبينما كانت الجهود تبذل من قبل قيادة السلطة المحلية، ممثلة بالأستاذ شوقي أحمد هائل، لتحقيق ذلك، إذ بالأزمة الحالية تندلع في العاصمة صنعاء، إثر استقالة الرئيس التوافقي عبدربه منصور هادي والمنتهية فترة رئاسته المحددة بعامين بموجب المبادرة الخليجية، وفترة التمديد الممنوحة له من قبل مؤتمر الحوار الوطني، والمحددة بعام واحد، ثم فراره إلى عدن، وإعلانه العدول عن استقالته، وتمسكه بمنصبه (كرئيس شرعي منتخب)، وخرج أعضاء وأنصار أحزاب الإصلاح والاشتراكي والتنظيم الناصري في تعز، يتظاهرون تأييداً لهادي الذي كانوا قبل ذلك يلعنونه صباحاً ومساءً، بعد توقيعه اتفاق السلم والشراكة الوطنية مع أنصار الله.
من تعز انطلقت المظاهرات المؤيدة لهادي، بينما لم تنطلق مظاهرة مؤيدة له في عدن التي فر إليها من صنعاء، وأعلنها عاصمة مؤقتة له ولحكومته الفارة معه إلى عدن، ومنها إلى الرياض، ولم تخرج مظاهرة مؤيدة له حتى في المحافظة التي ينتمي إليها (أبين)، بل وحتى في مسقط رأسه مديرية الوضيع، بينما خرجت المظاهرات المؤيدة له في تعز، والتي خرجت كذلك مؤيدة للعدوان على وطننا وشعبنا من قبل مملكة بني سعود وحلفائهم من أنظمة الشر العربي والعالمي، ورفع المشاركون في تلك المظاهرات صور قادة تحالف العدوان واليافطات التي كتب فيها عبارة (شكراً سلمان).
فعلاً تعز غير كل المحافظات والمدن اليمنية، فقد اجتمعت فيها كل المتناقضات، ولذلك أصبحت مدينتها الجميلة تعز التي كان يتم تهيئتها كعاصمة ثقافية للجمهورية اليمنية.. أصبحت مدينة منكوبة تسكنها الأشباح، ويعيش من تبقى فيها من سكانها في خوف ورعب دائمين، جراء قصف طيران العدوان للأحياء السكنية، والمواجهات المسلحة الدامية بين رجال الجيش المسنودين باللجان الشعبية والمليشيات المسلحة الموالية للعدوان والتابعة للتنظيمات الإرهابية (القاعدة ـ داعش ـ أنصار الشريعة ـ كتائب حسم ـ كتائب الموت ـ لواء الصعاليك)، وكذا الجماعات السلفية المتطرفة (كتائب أبو العباس ـ كتائب أبو الصدوق)، والمليشيات التابعة لحزب الإصلاح والحزب الاشتراكي والتنظيم الوحدوي الناصري وما يسمى (لواء الحمزة ولواء النصر)، وكذا المنشقين عن الجيش والأمن الذين أعلنوا ولاءهم للسعودية ودول تحالف العدوان، والتي تتخذ من الأحياء السكنية مواقع لاستهداف مواقع الجيش واللجان، ومن منازل المواطنين متاريس يحتمون بها.
تعز غير لأنها أصبحت اليوم ساحة مفتوحة لحرب عبثية قذرة ممولة مالياً وعسكرياً ومدعومة سياسياً وإعلامياً من قبل مملكة بني سعود وحكام إمارات الخليج.. تعز غير لأنها أصبحت وكراً للجماعات الإرهابية وعصابات القتل والنهب والسلب.. تعز غير لأنها أصبحت ساحة مفتوحة للصراعات المسلحة بين فصائل المليشيات الموالية لدول تحالف العدوان.
تعز غير لأنه تم تعيين محافظين لها ومديرين للأمن وقائدين للمحور وقائدين للواء 22 واللواء 35 مدرع ومديرين للتربية والتعليم ومديرين لكل مديرية وإدارة أمن.. فعلاً تعز غييير..!

أترك تعليقاً

التعليقات