رئيس التحرير - صلاح الدكاك

هل الخزانة السعودية، الأضخم في العالم من حيث الوفرة المالية؛ على وشك الإفلاس بالفعل؟!..
يرى البعض في دعوة المفتي عبدالعزيز آل الشيخ، رعايا المملكة إلى التبرع لدعم المجهود الحربي للجيش السعودي، برهاناً على حالة إفلاس مالي ألجأ (الرياض) لمزاولة الشحاذة على قارعة الشارع العام المحلي..
الأمر ليس كذلك بطبيعة الحال!
أجل، السعودية أفلست، لكن ليس مالياً، بل على مستوى الذرائع التي تسوِّغ لها الاستمرار في عدوانها على اليمن، أمام رعايا محليين ظلت تسوسهم بوهم امتلاكها القوة العسكرية المطلقة، وقد انثقبت بالونة هيبتها الفارغة في أذهانهم، وبامتلاكها القرار العالمي، وقد تصدَّع اصطفاف التواطؤ الأممي معها، وانفض أبرز المتواطئين الدوليين عنها، وبسيطرتها على مسرح الصراع العسكري المحتدم في الجوار اليمني، وقد انتشرت وتنتشر ألسنة لهب الصراع بصورة حثيثة في هشيم عمقها الجنوبي، منذرة بمآل كارثي على كيانها الملكي الضخم، لا مجال لتفاديه..
تأسيساً على هذه المعطيات؛ فإن دعوة المفتي للتبرع لا تستهدف حشد ريع مالي لخزانة حربية فارغة مجازاً؛ وإنما أخذ البيعة من الرعايا المحليين لمقامرات ولي ولي العهد العسكرية الخائبة، وتأليب مستوى من الولاء له يقرِّبه زلفى إلى وراثة عرش أبيه النافق كولي عهد أول.
يود محمد بن سلمان لو أن فلسفة نشأة النظام السعودي، تتيح له دعوة الشارع المحلي إلى الخروج في تظاهرات مؤيدة لحربه العدوانية وممجدة لمقامراته؛ إلا أن هذه الفلسفة تتعاطى مع الشارع بوصفه رعايا يستمدون شرعية وجودهم من تابعيتهم لبني سعود، ويعتاشون على فضلات مكرماتهم، لا شعباً قائماً بذاته ولذاته يضفي الشرعية على سائسيه، ويسلبها عنهم من موقع الند.
لذا، فإن الدعوة للتبرع بما تواربه من إقرار ضمني بتحوُّل استراتيجي في طبيعة العلاقة بين المالك والمملوك لصالح الأخير، تجيء كمعادل تكتيكي لحاجة بني سعود الملحة إلى تدعيم شرعيتهم المهترئة المتداعية بتأييد (شعبي) مقنَّع بفتوى دينية فاضحة تتسول مال المحسنين في أكبر ممالك البنكنوت والسيولة النقدية.
تحاول (الرياض) الانتقال من وضع الدولة الفاعلة العظمى التي تقود تحالفاً عسكرياً من 12 دولة لـ(إعادة الشرعية في اليمن وإنهاء الانقلاب)، إلى وضع الدولة المفعول بها والمجني عليها والمستهدفة من عصابة شريرة تنتهك حدودها وسيادتها، وتغتال أمنها وسكينتها ظلماً وعدواناً، رغم أنها (ليست طرفاً) في النزاع العسكري اليمني، حد تصريح العميد أحمد عسيري، الناطق باسم تحالف العدوان..
إنها مستمرة في تمويل وتسليح وتجنيد عشرات الآلاف من المرتزقة وشذاذ الآفاق للعدوان على اليمن، وتفويج طائرات (الإف 16 والأباتشي) لانتهاك سيادته واقتراف المجازر اليومية بحق شعبه، وفي الوقت ذاته مستمرة في التلطي خلف جلد الضحية التي تدافع عن نفسها وترابها ورعاياها ليس إلاَّ..!
منذ يونيو الفائت أطلقت مجموعة قنوات (إم بي سي) حملة دعائية تسوِّق من خلالها (الرياض) لنفسها أمام الرعايا المحليين عديمي الحيلة كذائدة عنهم إزاء خطر داهم قادم من وراء الحدود، يتهدد غرف نومهم ودور عبادتهم وملاعب أطفالهم، وفي الأثناء يظهر جنود الجيش السعودي وهم يحشون الأسلحة بالذخيرة على الحدود الجنوبية، ويطلقون قذائف المدفعية باتجاه اليمن، في صورة (حمائم سلام وسوبرمانات)، في الصورة المكرسة لهم محلياً.
في نهاية المطاف؛ ما من مؤشرات على أن (الرياض) التي فقدت سمعتها كـ(مهاجم) في أوساط رعاياها، يمكن أن تكسب تضامنهم وتأييدهم بتقمُّص وضع الدفاع، والمؤكد أنها ستخسر في الحالين وفق مئات الآليات والمدرعات السعودية التي يحيلها المقاتل اليمني إلى معامل تدوير الخردة، وأعداد مماثلة من جنودها وضباطها الذين تتصيدهم بندقيته الشريفة يومياً في عمق المملكة الجنوبي.
على هذا المستوى يتمظهر إفلاس الرياض الحقيقي، فهي عاجزة عن الإقرار بالمتغيرات اليمنية، لأن في ذلك زوالها، وعاجزة عن احتوائها عسكرياً، وفي ذلك زوالها...
في الأثناء، يفضي عجزها المزمن هذا، إلى إنضاج تناقضاتها البنيوية الداخلية على نار غير هادئة، منذراً بأزوف حتفها..

أترك تعليقاً

التعليقات