معركة تحرير نجران وعسير وجيزان
 

محمد عبده سفيان

حكام مملكة بني سعود شكلوا أكبر حلف عسكري في تاريخ الامة العربية، وحشدوا كل الامكانات العسكرية والبشرية والمالية والسياسية والإعلامية لمعركة اعتبروها مصيرية.. طبعاً ليس لتحرير فلسطين المحتلة من قبل الكيان الصهيوني، وتخليص أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين -المسجد الاقصى الشريف- من دنس الصهاينة، ولكن للعدوان على اليمن وقتل أبنائه وتدمير ممتلكاتهم ومنازلهم ومقدرات وطنهم المتمثلة بالبنى التحتية -التنموية والخدمية والاقتصادية والعسكرية والامنية- وبغطاء من مجلس (الحرب) الدولي والامم (المتخاذلة) والجامعة (العبرية)، وبدعم غير محدود من قبل أمريكا وبريطانيا وفرنسا وإسرائيل، بذريعة إعادة الشرعية للفار هادي ومن معه في فنادق الرياض.. بينما الحقيقة غير ذلك تماماً، فالعدوان على اليمن تم الاعداد والتحضير له قبل 6 أشهر من بدء عاصفة الجرم السعودي العربي الامريكي في حق الشعب اليمني، كما جاء على لسان السفير السعودي بواشنطن، والذي قال: إن عاصفة (الحزم) تم الاعداد والتحضير لها قبل بدء عملياتها بـ6 أشهر، بالتنسيق مع الامريكان والبريطانيين.. وهذا يؤكد أن الحرب التي تشنها السعودية على اليمن منذ مارس 2015م، بمشاركة إمارات الخليج والسودان ومصر والاردن والمغرب، وبدعم من أمريكا وبريطانيا وإسرائيل، ليست من أجل ما يسمونها (الشرعية والرئيس الشرعي وحكومته)، ولكن من أجل تدمير مقدرات الشعب اليمني- العسكرية والامنية والاقتصادية والتنموية والخدمية- واستلاب قراره الوطني، وانتزاع سلاحه وتسريح جيشه الوطني واستبداله بجيش خانع تابع عبارة عن مليشيات متناحرة، كما هو الحال في العراق وليبيا، وتنفيذ مخطط تقسيم اليمن الى 6 دويلات تحت مسمى (الاقاليم)، على أساس طائفي ومذهبي ومناطقي، في إطار تنفيذ المخطط الصهيوني العالمي (الشرق الاوسط الجديد)، ولذلك جلبوا المرتزقة والإرهابيين من أرجاء العالم الى عدن ولحج وأبين وشبوة ومأرب وحضرموت وتعز، بعد أن تمكنوا عبر مرتزقتهم المحليين من تدنيس تراب الوطن في عدد من المحافظات الشرقية والجنوبية.
حكام مملكة بني سعود اعتقدوا أنهم قادرون على تركيع الشعب اليمني، وإجباره على الاستسلام والخضوع والخنوع لهم خلال أيام معدودة، ولذلك تركز عدوانهم بدرجة أساسية على تدمير المطارات المدنية والعسكرية والقواعد والدفاعات الجوية والمعسكرات والمنشآت العسكرية والامنية بشكل عام، والمنشآت الاقتصادية والتنموية والخدمية والتعليمية الحكومية والخاصة، وقصف الاحياء والتجمعات السكنية ومنازل المواطنين، وارتكبوا جرائم حرب وإبادة جماعية في حق المدنيين، معظمهم من النساء والاطفال، واستخدموا كل أنواع الأسلحة، بما فيها المحرمة دولياً، ومنها القنابل الفراغية والانشطارية والعنقودية، وفرضوا على اليمن حصاراً جائراً -جواً وبراً وبحراً - ودعموا المليشيات التابعة لمرتزقتهم والجماعات الارهابية والمتطرفة في المحافظات الجنوبية والشرقية، بالاموال الطائلة ومختلف أنواع الاسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة الحديثة والمتطورة، وعززوهم بالقوات البشرية من الدول  المشاركة في تحالف العدوان وآلاف المقاتلين المرتزقة من مختلف بلدان العالم عبر شركتي (بلاك ووتر وداين جروب) الامريكيتين.. معتقدين أنهم بذلك سيجبرون الشعب اليمني على الاستسلام والركوع، ولكنهم اكتشفوا، وعلى مدى عام ونصف من العدوان والقتل والدمار والخراب، أن اليمنيين لايركعون إلا لله سبحانه وتعالى، وأن هاماتهم لاتنحني إلا لخالقهم، وأن أبطال الجيش المسنودين باللجان الشعبية أصبحوا في عمق أراضي جيزان وعسير ونجران، يسطرون أروع الملاحم البطولية، ويلقنون جيش درع الجزيرة والخليج دروساً قاسية في المواجهات الميدانية، رغم الفارق الكبير في العدد والعتاد العسكري، ورغم الاسناد الجوي المكثف بطائرات إف 16 والعمودية والاباتشي، إلا أن جنودهم يفرون من أمام أبطال الجيش اليمني واللجان الشعبية كالجرذان من مواقعهم المحصنة، تاركين خلفهم الدبابات والمدرعات والعربات العسكرية والاسلحة الحديثة والمتطورة.
مناطق ومدن ومواقع عسكرية سعودية سقطت بيد أبطال جيشنا المغاوير واللجان الشعبية الصناديد الذين أصبحوا على مشارف مدينة نجران، بينما لم تستطع قواتهم الغازية والمليشيات التابعة لمرتزقتهم والجماعات الارهابية والمتطرفة، تجاوز صحن الجن في مأرب وشعب الجن في باب المندب وكرش في القبيطة وفرضة نهم بمحافظة صنعاء.
حكام مملكة بني سعود وإمارات الخليج أصابهم الغرور بما يمتلكونه من أموال طائلة وترسانة أسلحة مهولة، فكانوا ومعهم مرتزقتهم داخل الوطن وخارجه، وعلى مدى عام ونصف، يتحدثون عن تحرير اليمن، وعن معركة تحرير العاصمة صنعاء من أبنائها الاحرار الشرفاء المواطنين والجيش والامن الذين رفضوا العدوان، وكانوا يراهنون على الحسم العسكري، وها هم اليوم يتحدثون عن تحرير نجران وعسير وجيزان، ويبحثون عن مخرج سياسي ينقذهم من المستنقع الذي يغرقون فيه.

أترك تعليقاً

التعليقات