اليمن ومجلس العائلات المتحدة
 

محمد ناجي أحمد

عند سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991م كـ(دولة أيديولوجية)، اعتقد يلتسين ومستشاروه ببلاهة أن عصر الوئام مع الغرب، وقيام علاقات دون صراع قد بدأ، وكان ذلك جهلاً بطبيعة السياسة الخارجية للدول، التي تبنى على أساس المصالح وليس الأيديولوجيات، كما يرى ذلك (رسلان حسبولاتوف) في كتابه (المواجهة الدامية)، وأن هذا الصراع لن ينتهي إلا بزوال الدولة ذاتها.
هو ذات الوهم الذي تصوره رموز جمهورية 5 نوفمبر 1967م حين أحالوا أسباب الصراع مع الكيان السعودي بأنها تعود للأخطاء التي وقعت بها ثورة سبتمبر، والتصريحات المعادية للسعودية التي أطلقها عبد الرحمن البيضاني! فاعتقدوا أنهم بانقلابهم على الرئيس المشير عبد الله السلال، ووصولهم إلى السلطة، فإن موقف السعودية من اليمن كدولة سيادية سوف يتغير، وأن العلاقة معها سوف تتحول من الصراع إلى الوئام طالما تغيرت أيديولوجية الدولة. لكنهم تفاجأوا أن الحرب ضد النظام الجمهوري مستمرة، وأنها لم تنتهِ بتغير النظام، وإنما بسقوط سيادة الدولة في مايو 1970م، وهو العام الذي سمي (عام المصالحة الملكية الجمهورية)، من خلال تسوية استهدفت ليس فقط جوهر النظام الجمهوري، وإنما اليمن كدولة سيادية في التنمية والقرار السياسي.
لقد توهمت روسيا بسقوط الاتحاد السوفيتي إمكانية انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، فكان رد دول الحلف (سلبياً وجافاً)، أي الرفض القطعي. فالأمور لاتسير كما توهموا إلى (حلول عصر أو انسجام المصالح).
يمنياً، يستمر هادي وعلي محسن وعبد الملك المخلافي في بيع السراب للناس بأن وقت انضمام اليمن إلى (مجلس التعاون الخليجي) قد أزف، وأن العقبة في عدم الانضمام حتى الآن هو تحالف (الحوثي/صالح)، وباستكمال سيطرة هادي على الـ15% المتبقية تحت نفوذ هذا التحالف - بحسب زعمهم - سوف تعمل السعودية على تهيئة اليمن اقتصادياً للانضمام الكامل لهذا المجلس الذي أسميه (مجلس العائلات المتحدة)، وهذا وَهْم يتم من خلاله تخدير الناس، فصراع المصالح لا يرتبط بسقوط (س) أو (ص) من الحكام، أو تغير في طبيعة النظام وأيديولوجيته، وإنما بما تمثله اليمن في المنطقة من تحدٍّ سياسي واقتصادي لا يسمح لها بأن تكون شريكاً مع مصالح (العائلات المتحدة)، فلقد مر على الكيان السعودي: المملكة المتوكلية ثم جمهورية السلال فجمهورية المشيخ وجمهورية اليمن الديمقراطية بتياراتها المتصارعة وحركة 13 يونيو من الحمدي والغشمي وصالح، ثم الجمهورية اليمنية، وفي كل هذه المراحل والتحولات لم يتغير موقف الكيان السعودي من اليمن.

أترك تعليقاً

التعليقات