تعز.. ومبادرات السلام
 

محمد عبده سفيان

ما من شك أن أبناء محافظة تعز، بل كل أبناء اليمن، ينشدون تحقيق السلام الشامل والكامل، واستعادة الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي في تعز وكل أرجاء الوطن اليمني، ولا يوجد من يرفض دعوات السلام ووقف العدوان الغاشم والحصار الجائر وإنهاء الحرب المجنونة وإطفاء نار الفتنة الملعونة المستعرة في يمن الإيمان والحكمة، سوى أولئك الذين يقبضون الأموال من حكام السعودية وإمارات الخليج، ويعيشون خارج الوطن في فنادق 7 نجوم في الرياض وأبوظبي ودبي والدوحة والقاهرة وتركيا ولندن وباريس وألمانيا، ومنهم داخل الوطن الذين لديهم مشاريع صغيرة وتجار الحروب الذين يتاجرون بأرواح ودماء أبناء الشعب اليمني لتحقيق مكاسب مادية ومصالح شخصية ضيقة.
الاثنين الماضي، تم الإعلان عن مبادرة لتحقيق السلام في محافظة تعز من قبل عدد من القيادات السياسية من أبناء المحافظة المتواجدين في العاصمة المصرية القاهرة، والتي كشف عنها عضو مجلس النواب الأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام سلطان البركاني، في رسالته الموجهة لرئيس الجمهورية الأسبق رئيس المؤتمر الشعبي العام الأخ علي عبدالله صالح، والتي أوضح فيها أنه وعدداً من رجال محافظة تعز ووجهائها يعملون من خلال لجنة مجتمعية لتحقيق السلام في المحافظة، مطالباً بأن يكون للمؤتمر ورئيسه دور كبير في تحقيق هذا الهدف وتنفيذه على أرض الواقع، وأن يتم إعلان موافقة المؤتمر على المبادرة ودعم اللجنة المجتمعية وإنجاح مهامها والتعاون معها بما يحقق السلام والطمأنينة لأبناء محافظة تعز.. وقد رد مصدر مسؤول بمكتب رئيس المؤتمر على رسالة البركاني بتصريح أكد فيه أن قيادة المؤتمر الشعبي العام تؤيد وتبارك جهود اللجنة المجتمعية لتحقيق السلام، والمنعقدة في القاهرة، وكذا أي جهود تبذل في سبيل ذلك، سواء في ما يتعلق بمحافظة تعز أو غيرها من المحافظات في الجمهورية.
هذه المبادرة لتحقيق السلام في تعز ليست الأولى، فقد سبقتها مبادرات عدة قبل بدء العدوان السعودي في مارس 2015م، وبعد العدوان، وجميعها باءت بالفشل بسبب رفض قيادات المليشيات المسلحة التي تُطلق على نفسها (المقاومة) الموالية لتحالف العدوان، وهذا ليس تجنياً أو افتراءً، فقد شاهدنا عبر قناة (الجزيرة) قائد ما يسمى (المجلس التنسيقي للمقاومة الشعبية بتعز) المدعو حمود سعيد المخلافي، وهو يتحدث صراحة عن رفضه لمبادرة حقن دماء أبناء تعز، وتجنيب مدينتهم ومحافظتهم الخراب والدمار في بداية العدوان، حيث قال إنه رفض عرضاً من الحوثيين للانسحاب من مدينة تعز والمحافظة بشكل عام.. وعندما سأله مراسل القناة مقابل ماذا سينسحبون.. رد عليه قائلاً: (مقابل حفظ ماء الوجه).. وفي مقابلة أخرى معه في نفس القناة (الجزيرة)، رد على مراسل القناة بمدينة مأرب بشأن إعلان هدنة وإجراء حوار لوقف الحرب، وبالحرف الواحد: (نحن بالنسبة للهدن والحوار لايمكن لايمكن، نحن قلنا سنحتفل في جبال مران، وإنا ماضون في تحقيق وعودنا)، فقال له مراسل القناة: (وإن جنحوا للسلم)، فرد عليه (وإن جنحوا للسلم فليذهبوا الى قم، أما أننا سنتركهم لايمكن.. لايمكن.. لايمكن)، ورفع السلاح بيده، وردد عبارة: (الله أكبر ولله الحمد) 3 مرات.
وها نحن بعد عامين و40 يوماً ومازال العدوان الغاشم مستمراً على أبناء الشعب اليمني كافة في تعز وبقية المحافظات، من قبل دول تحالف الشر العربي والعالمي بقيادة مملكة بني سعود ومن خلفها أمريكا وبريطانيا والعدو الصهيوني، ومازالت الحرب المجنونة تدور رحاها في مدينة تعز وعدد من المناطق في بعض مديريات المحافظة، ولم يتمكن قائد (المقاولة) من الوفاء بوعده بالاحتفال في مران، ولم يستجب لمبادرات ودعوات السلام المتكررة لوقف إزهاق اA271;رواح ونزيف الدم والخراب والدمار في تعز، امتثالاً A271;مر الله القائل في كتابه الحكيم: (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين).
كنا نعتقد أنه بعد أكثر من عامين سوف يراجع الموالون للعدوان حساباتهم، ويثوبوا لرشدهم، ويعودوا لجادة الصواب بعد انكشاف المؤامرة على اليمن (الوطن واA273;نسان)، وبعد أن اتضحت مخططات وحقيقة أهداف العدوان، فيستجيبون للدعوات المتكررة للحوار، ويقبلون بالمبادرات الهادفة لتحقيق السلام، والتي كان آخرها دعوة رئيس الجمهورية اA271;سبق رئيس المؤتمر الشعبي العام، ومبادرة اللجنة المجتمعية لتحقيق السلام في محافظة تعز، لكن للأسف الشديد كان الرد صادماً لكل أبناء تعز، فقد أعلنوا صراحة رفضهم للمبادرة في البيان الصادر عما يسمى (مجلس تنسيق المقاومة الشعبية ولجنة التهدئة بمحافظة تعز)، اA271;ربعاء الماضي 3 مايو الجاري.
لاندري لماذا يرفض الموالون للعدوان الجنوح للسلم والاستجابة لدعوات الحوار وتحكيم لغة العقل والمنطق بدلاً عن لغة القتل والخراب؟ فعلى ماذا يراهنون بعد رهاناتهم الخاسرة على تحالف العدوان لأكثر من عامين؟ فمن يسمونه الرئيس الشرعي والحكومة الشرعية لم يقدموا لمحافظة تعز سوى القتل والخراب والدمار والجماعات اA273;رهابية، بينما هم ينعمون برغد العيش الهني في فنادق الرياض وبقية عواصم الدول المشاركة في تحالف العدوان.. عن أية شرعية يتحدثون وهم يرون أبناء المحافظات الجنوبية التي ينتمي إليها الفاران عبدربه منصور هادي وأحمد عبيد بن دغر، يعلنونها صراحة على الملأ (لا شرعية بعد اليوم)، وينصبون اللواء عيدروس الزبيدي رئيساً للقيادة السياسية الجنوبية، ويخولونه باتخاذ كافة الخطوات A273;علان الانفصال عن اليمن وقيام جمهورية الجنوب العربي أو ربما (اتحاد إمارات الجنوب العربي)، حسب ما سيتم الاتفاق عليه من قبل محمد بن سلمان في الرياض ومحمد بن زايد في أبوظبي..؟!

أترك تعليقاً

التعليقات