عدن والحرب الداخلية
 

عبد الحافظ معجب

(ياتخلوني ألعب أو أخرب الملعب) هذا شعار دول الاحتلال في مدينة عدن التي تتعامل مع هذه المدينة كنموذج لتجاربها في اليمن، والتي بلا شك تريد تعميمها على كل البلاد لولا أنها غير قادرة على تجاوز مربعاتها التي دخلتها ولم تستطع الخروج أو التوسع.
بعد أن كانت مليونيات الحراك الجنوبي (متوحدة) و(منسجمة) على مدى الأعوام السابقة، وتقريباً وصل أبناء المحافظات الجنوبية بعد لقاءات ومؤتمرات (التصالح والتسامح) الى كتلة واحدة موحدة في إطار مطالب محقة ومشروعة، تحولت اليوم محافظات الجنوب ومناطقه الواقعة تحت سلطات الاحتلال الى ساحات للتصفية والاقتتال.
مشروع الصراع الداخلي عقب الحروب ليس بجديد، وهو أنموذج قديم يتجدد في كل بلد يخرج منه الغازي المحتل، ويكمل أهدافه التي عجز عن تحقيقها، عبر الأدوات الداخلية التي يوكل إليها مهمة التدمير الكامل لكل ما لم تدمره الحرب.
يتجلى الصراع الداخلي اليوم من خلال انقسام القوى الحراكية في مدينة عدن الى ساحتين للتظاهرات واستعراض المناصرين، ففي شارع مدرم بالمعلا احتشد أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي، فيما تجمع عدد من مناصري فصائل الحراك الجنوبي في ساحة العروض بخور مكسر، وكلهم كانوا قبل العدوان السعودي والمشاريع الإماراتية (كتلة) واحدة وفريقاً واحداً يناضل من أجل قضية واحدة.
عدن تنقسم اليوم علانية في ساحتين منفصلتين في ذكرى الـ7 من يوليو، والفاعل هو ملايين الريالات التي تنفقها السعودية والإمارات (لشعططة) الصف والبحث عن مناصرين أو مؤيدين لهادي وشرعيته المزعومة بعد أن ارتفعت الأصوات الرافضة له وأدركت دول الاحتلال أنه لم يعد هناك من يناصرها أو يرغب ببقائها في جنوب البلاد.
ساحة العروض بخور مكسر (اللي) كانت تحتضن كل أحرار وشرفاء الجنوب، كانت هذه المرة محاطة بعدد من الأطقم العسكرية والجنود (الملثمين)، وكل واحد رافع سلاحه يترقب ويراقب أن يندس جنوبي آخر للساحة.
أما ساحة المعلا (واللي) كانت أيضاً حاضنة لكثير من فعاليات ونضالات (الجنوب)، اكتفت اليوم برفع صور قيادات الغزو والاحتلال وأمراء ممالك النفط ومشيخاتها.
وعلى الرغم من أن الجنوب اكتوى بنيران فتوى (الإخوان)، إلا أنه اليوم يستخدم الفتاوى ضد شركاء الأمس أعداء اليوم بفعل (أموال الخليج). خطيب جمعة المعلا المؤيد لعيدروس الزبيدي خلال التظاهرة اعتبر أن من يخالف المجلس الانتقالي الجنوبي (خائن) للوطن ودمه (مباح).
أمام هذا الانقسام ينتاب المواطنين في عدن، والمتابعين للمشهد، مخاوف من احتقان الوضع، نتيجة لحالة الانقسام التي تتجذر يوماً بعد آخر ومنذ وقت بعيد.
دول العدوان (سلبت) الحراك الجنوبي كثيراً من حريته ومطالبه إما عبر الاعتقالات أو الاغتيالات، وفي الفترة الأخيرة استخدمت موضة الإقامات الجبرية التي فرضتها على قاداته، لتبدد بذلك كل المطالب التي أوهمته بتحقيقها.
من لايعرف مخططات دول العدوان ومشاريعها، عليه أن ينظر جيداً الى ما يحدث في عدن، وبقايا الأحزاب التي لا زالت تعول على دول العدوان (مهم جداً) أن تعرف (أن اللي لاقته أم الشعر بتلاقيه القرعا).

أترك تعليقاً

التعليقات