إيران الغريم والوسيط
 

عبد الحافظ معجب

كان في اثنين إخوة واحد منهم مسكين وطيب، والثاني وسخ وملعون، وبيوم من الأيام قام الوسخ يضرب المسكين بتهمة إنه (يساير) واحد من الحارة الثاني، المهم هاذاك الوسخ ضرب أخوه وبهذل به وقتل عياله وخرب بيته وجلس سنتين ونص ينكل به بسبب تهمة باطلة وما لها أي أساس من الصحة، وبعد السنتين لما تعب الأخ الوسخ والناس كلهم يلوموه وينتقدوه على اللي يفعله بشقيقه، قام راح لا عند الشخص اللي من الحارة الثانية، وطلب منه يتوسط عند أخوه الطيب لأجل ينهوا المشكلة.
هذا تماماً ما تفعله السعودية بعد عامين ونصف من العدوان على اليمن بدعوى محاربة إيران، تذهب اليوم إلى طهران لتطلب منها التوسط والضغط على اليمنيين لإنهاء الحرب.
في بداية الأمر تم تفسير عاصفة الوهم بأنها صراع بين العرب وإيران، ومن المغالطات التي تم تسويقها قبل أكثر من عامين أن عاصفة السعودية هي لتصفية الحسابات مع إيران في إطار الصراع الإقليمي.
موقع (ديفنس نيوز) الأمريكي المتخصص في الشؤون الدفاعية والعسكرية، ذكر أن عملية (عاصفة الحزم) أثبتت تفوق الرياض بقيادة ملك (الزهايمر) سلمان بن عبد العزيز، وهو ما جعلها تستحق لقب (زعيم العالم العربي) في الفترة الراهنة.
وتحدث الموقع في تقريره الذي نشره بعد أيام قليلة من انطلاق عمليات العدوان، عن أن السعودية تمكنت في أقل من 24 ساعة من توجيه ضربة قاصمة لجهاز الاستخبارات الإيراني الذي لم يكن لديه أي علمٍ بتشكيل تحالف عربي إقليمي نجحت المملكة في تشكيله بجهود الملك سلمان، لمواجهة المد الإيراني في المنطقة، مع العلم أن (الدنبوع) بنفسه لم يكن يعرف بالحملة أو انطلاقها، وتفاجأ بها وهو في طريق (الهربة).
وعلى هذا النحو استمرت الحملة الإعلامية الموازية للعمليات العسكرية لتوجيه الرأي العام العالمي أن حرب (سلمان) ضد إيران، وليست ضد الشعب اليمني، واشتغلت على هذا (الموال) أقلام كثيرة، وأتذكر ما قاله يومها الكاتب والصحافي الكويتي أحمد الجار الله، رئيس تحرير جريدة (السياسة) الكويتية، من أنه لولا عمليات عاصفة الحزم لاحتلت إيران دول الخليج بدون سلاح.
ولم تخلُ المؤتمرات الصحفية للمتحدث باسم العدوان أحمد العسيري، من الحديث عن ضرب إيران وتدمير قدراتها في اليمن، كما أن وزير الإعلام الأردني السابق صالح القلاب، قال: (لو تأخرت عاصفة الحزم يوماً واحداً، لكانت طهران هي من تحكم اليمن)، وأزعجونا (بنباحهم) اليومي عن المد الفارسي والمشروع الصفوي في اليمن، وأن عاصفتهم جاءت لقطع اليد الإيرانية الممدودة في الخاصرة العربية، ومن هذه الهنجمة والهضربة اللي ما لأمها دخل بالواقع.
حتى الدنبوع كان يهنجم علينا بهذه الهدرة، وقال إنه بيرفع العلم اليمني بدل العلم الإيراني في جبال مران بصعدة، وفي كل مناسبة وخطاب كان يرطن له لا ظهر إيران.
أما رئيس حكومة الفندق، أحمد عبيد بن دغر، فقد قال حينها إن التحالف بقيادة المملكة لدعم شرعية الدنبوع (سحق المشروع الإيراني) في اليمن، وأنه منذ إطلاق عملية (عاصفة الحزم) استعادت حكومة هادي السيطرة على 85% من أراضي الدولة.
وأورد بن دغر في تصريحاته أن العاصفة استعادت هيبة وأمجاد العروبة، مع استشعار الخطر الفارسي الشيعي الداهم الذي انتحر وسُحق على جدار عروبة اليمن الأزلية.
وكل من استضافتهم قنوات العدوان من وزراء ومستشاري الدنبوع والمرتزقة عموماً، كانوا يتحدثون عن العاصفة التي جاءت لسحق وضرب (وردع وزبط) المشروع الإيراني الفارسي في اليمن.
وشوية شوية بدأ الحديث عن إيران يخفت، وتوقفت مؤتمرات العسيري الصحفية، واختفت الأصوات التي كانت تتحدث عن إيران وخطرها المزعوم، حتى ظهر مبعوث محمد بن سلمان (إسماعيل ولد الشيخ) في طهران، باحثاً عن وساطة إيرانية لمخارجة السعودية من الورطة اللي دخلتها.
البحث عن الوساطة الإيرانية لم يفاجئ أحداً، فلقد كشف موقع (ميدل إيست آي) البريطاني، من خلال مراسلات مسربة بين السفير الإماراتي في واشنطن، يوسف العتيبة، والسفير الأميركي السابق في إسرائيل، مارتن إنديك، أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، يريد الخروج من حرب اليمن، وأنه لا يمانع وجود تنسيق إيراني أميركي مسبقاً.
واعترف ولي العهد السعودي لمسؤولين أميركيين سابقين بأنه (يريد الخروج) من (الورطة) التي دامت لأكثر من سنتين في اليمن. ووفقاً لرسائل بريد إلكتروني فإن ولي العهد كشف عن نواياه لمارتن إنديك، ومستشار الأمن القومي الأميركي السابق ستيفن هادلي، في اجتماع سري منتصف العام الجاري.
طبعاً السعودية قبل إيران وسطت روسيا، ومابوش فايدة، ووسطت عُمان، وما لاقت تجاوب، لأن اليمنيين أسياد أنفسهم، ولا يمكن لأية دولة أو قوة في العالم أن تجبرهم على القبول بإخراج السعودية من ورطتها منتصرة، يعني هذا الحلم بعيد عن المهفوف بن سلمان بعد الشمس.
إذا يشتي حل سياسي، معروفة طرق الحل السياسي، والخارطة مرسومة وواضحة، وإذا يشتي يكمل بالحل العسكري يا حيا ومرحب.

أترك تعليقاً

التعليقات