التمكين:السرطان الإخواني
 

محمد طاهر أنعم

فقه التمكين هو السرطان الخبيث الذي أفسد حركة الإخوان المسلمين منذ عشرات السنين، وجعلها تدخل في صدام مع كل دولة وسلطة وحكومة تتواجد فيها.
يظن الإخوان حسب الدروس التربوية والتنظيمية التي يتلقونها، أنهم الجماعة الوحيدة التي تفهم الإسلام بشمولية، وتسعى لتحكيم الشريعة في الأرض، ولذلك يعتبر أفرادها المتعصبون كل معاركها السياسية جهاداً، وكل أخطائها تجاوزات من الآخرين، وكل ما تتعرض له من مصائب بسبب ذنوبها ابتلاءً ربانياً لا يصيب إلا الصالحين!
هذه مشكلة كبيرة عند الإخوان يجعلها قنبلة موقوتة في أي بلد تتواجد فيه، ومصدراً لمصادمات وصراعات لا حصر لها هنا وهناك.
وهذا هو السبب الرئيسي لحظرها في كثير من الأماكن والدول.
ولا تكاد الجماعة تتفق مع أية سلطة، بل تنقلب على الجميع، وتشارك في كل فرصة إزاحة مندفعة من أوهام فقه التمكين الذي صاغه بعض منظريها حسب هواهم!
لننظر نظرة مختصرة لتعاملهم مع السلطة في اليمن منذ تواجدهم فيها.
أيام الإمام يحيى (ملك اليمن)، قام الإخوان المسلمون بالتحريض ضده بحجة أنه بخيل ومتخلف، وشاركوا في ثورة 48 التي أدت لمقتله، ليجنوا فرصة المشاركة في السلطة على أشلاء ودماء الحاكم السابق.
وفِي أيام الإمام أحمد حميد الدين، قامت نفس الجماعة بالتحريض عليه باعتباره إقصائياً ورافضاً للتحديث، وشاركوا في ثورة 62 لقطف ثمارها والمشاركة في أية سلطة متاحة.
وفي أيام السلال بعد الثورة، اعتبروه ناصرياً عدواً، وحرضوا عليه وشوهوا سمعته، وباركوا الانقلاب الذي قام به الإرياني ضده.
ثم لم يلبثوا أن انقلبوا على الإرياني، ووصفوه بمظلة اليساريين والقوميين، وقامت قياداتهم بالفرار من صنعاء والاستقرار في صعدة في 72، ولم تعد إلا بعد الانقلاب الأبيض للحمدي ضده في 74.
وفِي أيام الحمدي، أنشأ لهم المعاهد العلمية وقربهم، ولكنهم لم يلبثوا أن تصادموا معه سريعاً، وبدأوا في تشويه سمعته وسمعة حلفائه الناصريين، مستخدمين الدعايات الدينية المضللة، وفرت القيادات مرة أخرى إلى منطقة خمر، وبقيت هناك حتى اغتياله سنة 1977.
ورغم علاقاتهم الإيجابية بعلي صالح لفترة طويلة من الزمان، إلا أنهم قاموا بتشويهه والحملات المتكررة عليه، مصطحبين نفس فكرة التمكين السرطانية التي تشبه عقيدة الاصطفاء اليهودية في بعض جوانبها.
وكذلك في أيام (أنصار الله)، يقومون بنفس هواية الترهيب والتمرد ضد أية سلطة، منتظرين فرصتهم في اعتلاء السلطة التي يظنون أنهم يجب أن يجاهدوا فيها ومن أجلها.
هذه العقيدة الإخوانية هي عقيدة فاسدة يجب عليهم مراجعتها، لأنها السبب الرئيس الذي يجعل الدول تحصرهم وتحاربهم وتطاردهم، وليس كما يظنون بسبب صلاحهم وتدينهم ونزاهتهم!

أترك تعليقاً

التعليقات