نبي اسمه " سلمان "!!
 

محمد ناجي أحمد

لم تعد المقولة الساخرة التي تُعرِّف الناصري بأنه «إخوان مسلمين يشرب سيجارة» دقيقة في توصيفها، لأن الإخواني رغم نفعيته وانتهازيته يؤمن بفكرة لا بأشخاص، وإن جعلوا لحوم «علمائهم» مسمومة وفوق النقد، في استثمار لمقولة تراثية نقلوها عن ابن عساكر، ولقنوها لكوادرهم وللعامة من الناس على أنها «حديث»واجب الاتباع! 
كل أمة من الأمم تقدس مؤسسيها وترفعهم إلى درجة الآلهة، على ذلك سارت روسيا والاتحاد السوفيتي والأحزاب الشيوعية حين رفعت من «لينين» بعد موته إلى مصاف الآلهة، وحنطت جسده على النقيض من رغبته، فالرجل الذي استطاع منع تقديسه في حياته تم تحنيطه بعد مماته، وتقديس مقولاته وخطبه وكتاباته بعد مماته! ثم كان «استالين» الإله الذي أطنب الأدباء والمفكرون والعلماء والسياسيون في جعله مبتدأ لكل شيء! حتى أمريكا لم تنجُ من هذا الطريق، فـ «جورج واشنطن» و»ابرهام لينكولن» تم تمجيدهما نثراً وشعراً، وكانت سلطتهما شبه مطلقة! «ماوتسي تونغ» في نظر الصينيين في حياته ومماته إله ومخلص يفتتح باسمه عند تناول الطعام، ويزيح نشيد «الشرق الأحمر» الذي كتب في تمجيده - النشيد الوطني الشيوعي، فمن مقاطع «الشرق الأحمر»هذا المقطع : الشرق يلمع باللون الأحمر الشمس تطلع من الشرق الشمس خلقت «ماوتسي تونغ».. إنه يعطي البركات للشعب.. إنه المخلص الكبير للشعب..
وعلى ذلك النهج كان «كاسترو» و»تيتو» وغيرهم ..لكن الأمم وهي تمجد مؤسسيها كانت تستمد من تلك العاطفة القدرة على الحركة والنمو والإنجاز في العمل، واكتفى الناصريون بتمجيد جمال عبد الناصر ضمن مفهوم «عبادة الشخصية» كدراويش يطوفون حول ذكراه ومنجزاته باقتيات يومي، حتى وهم ينقلبون على نهجه الاشتراكي ظلوا بحكم «القصور الذاتي» يطوفون حول ضريحه. فبرنامجهم السياسي بما يتعلق بالعدالة الاجتماعية لا يختلف عن أي حزب ليبرالي أو إسلامي، فـ»اقتصاد السوق» هو الأساس! بل إن قادتهم يفسرون القرارات الاشتراكية التي نهجتها مصر عبد الناصر عام 1961م وما بعدها -على أنها تمصير للاقتصاد المصري وليس توجهاً اشتراكياً حتمياً كما ينص الميثاق الوطني! وعلى الصعيد الوطني ونتيجة للضمور الفكري صارت المناطقية خيمتهم الأولى والأخيرة، ومملكة آل سعود بدورها الغربي ملجأهم ومخلصهم الذي أرسلها الرب بنبي اسمه «سلمان»! قلتها وسأكررها: أصيبت الناصرية بمقتل بعد حركة 15 اكتوبر 1978م، نتيجة تصفية صفها القيادي المؤسس، وبتوجيهات وإشراف سعودي مما أدى إلى وفاة الناصرية كخط وتوجه فكري وسياسي، بعد ذلك جاء «أطفال أنابيب الناصرية «بحماس دون وعي، كأي جسد يتحرك لصالح من يقوده ويضله سبل الغواية !

أترك تعليقاً

التعليقات