القدس عاصمة فلسطين
 

محمد طاهر أنعم

إعلان الرئيس الأميركي ترامب، الأربعاء الماضي، أن الولايات المتحدة ستنقل سفارتها في الكيان الصهيوني من تل أبيب إلى القدس، وهو ما يعني أول اعتراف دولي في العالم بالسعي الصهيوني لإقرار مدينة القدس عاصمة للكيان، هو قرار يصب في خانة الصراع القديم المتجدد بين الأمة العربية والإسلامية من جهة ودول الاستعمار الجديد الغربية من جهة أخرى.
لقد تخلصت دول الاستعمار من اليهود فيها عن طريق إقرار وطن لهم في أرض بعيدة عن أوروبا، وذلك ابتداء من وعد بلفور قبل 100 عام، وما تلاه، مما جعل اليهود يهاجرون من كثير من المدن الأوروبية التي كانوا يعيثون فيها فساداً، ويؤذون أهلها، إلى أرض فلسطين، ودعمتهم الدول الاستعمارية بريطانيا وفرنسا وأمريكا بكل أشكال الدعم، للتخلص منهم، ولتشكيل مستعمرة جديدة موالية لهم في تلك الأراضي الشرق أوسطية، كشكل جديد من أشكال الاستعمار بعد انتهاء الشكل القديم المتمثل في الاحتلال المباشر الذي كلفها الكثير من المال والرجال، خاصة مع بداية الثورات الشعبية في كثير من دول العالم الثالث.
بدأت الهجرات اليهودية تكثر لأرض فلسطين منذ عشرينيات القرن الماضي، وبدأت الاحتكاكات والصدامات بين اليهود والعرب في فلسطين في الثلاثينيات أيام وجود الاستعمار البريطاني في المنطقة، ثم انسحبت بريطانيا في 48، وسلمت السلاح والإدارة لليهود ليعلنوا دولتهم في نفس السنة، على مساحة محدودة من أرض فلسطين، ليس منها الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة.
وفي 1967 انتصرت إسرائيل في الحرب الخاطفة ضد الدول المجاورة، واستولت على كل أرض فلسطين المتبقية، إضافة لأرض سيناء من مصر، وأرض الجولان من سوريا، وخسرت شيئاً من أرض سيناء في حرب 73، وكذلك بعد اتفاقية 78، ثم أخذت بعضاً من أرض جنوب لبنان في حرب 82، لتعود لخسارتها في حرب 2006.
آذى ذلك الكيان الصهيوني اللقيط جيرانه العرب بالحروب وبالمؤامرات وبمحاولة التفتيت، وكانت قمة ضرباته السياسية للعرب باعتراف مصر في اتفاقية كامب ديفيد سنة 78 بتلك الدولة، مما سبب عزلها حينها لفترة طويلة، تلاه اعتراف الأردن، ومؤخراً صارت السعودية والإمارات تبنيان علاقات متوسعة مع الكيان الصهيوني بشكل متسارع، تتحدث عنه كثير من الصحف الإسرائيلية والعربية.
والواضح في جميع العلاقات الصهيونية مع الدول العربية أنها توجه سلاح وسياسة تلك الدول تجاه دول شقيقة أخرى، وتحاول أن تكون حليفاً جديداً لها، كما تفعل اليوم مع السعودية والإمارات ضد سوريا واليمن وإيران وتركيا وقطر.
لا يمكن أن يعيش الكيان الصهيوني في المنطقة دون سياسة فرق تسد، وهي سياسة استعمارية قديمة كانت بريطانيا تطبقها في كل المناطق التي تحكمها، وهذا ما يجعل الشعوب العربية والإسلامية اليوم أمام مسؤولية مقاومة هذه الدولة اللقيطة، ورفض وجودها واحتلالها للقدس وبقية فلسطين، لأن في الاعتراف بها والتعامل معها تمزيقاً للوحدة العربية والإسلامية.

أترك تعليقاً

التعليقات