محمد ناجي أحمد

أصدرت الأمانة العامة للوحدوي الناصري بياناً في ختام اجتماعها المنعقد خلال الفترة 21-23 أكتوبر 2016م. وقد تضمنت الكلمة الافتتاحية لأمين عام التنظيم الترحم على الشهيد إبراهيم محمد الحمدي، الذي وصفته الكلمة الافتتاحية بأنه مثّل تصحيحاً لمسار الثورة السبتمبرية، وكذلك الترحم على شهداء الـ15 من أكتوبر 1978م، بقيادة الشهيد عيسى محمد سيف، والتي كانت حركة إنقاذ لو نجحت لكفت الوطن والمواطنين شر المآلات التي أوصلتنا إليها الأيدي الملوثة بالدماء والنفوس المدنسة بالفساد... إلخ.
لقد خلا البيان من أية إدانة للدور السعودي والدولي الذي عمل على وأد حركة 13 يونيو، وما ترتب عليها أيضاً من تصفية الناصريين كونهم الذراع الميدانية تنموياً وتعاونياً. واختزل بيان الناصري تصفية خط الحمدي وعيسى محمد سيف، بأنه من عمل الأيدي الملوثة والفاسدة..
يؤكد التنظيم دعمه لما سماه الشرعية، بما يعني التزام التنظيم بتوجهات التحالف السعودي، فالفصل بين مسار هادي وحكومته، وبين أهداف التحالف السعودي، ليس ممكناً، بل إنه انعكس في تجاهل بيان الأمانة العامة للوحدوي الناصري، الذي أغفل أية إشارة لجرائم هذا التحالف، مكتفياً بالحديث عن جرائم الاقتتال الداخلي، مع أن الدعم السعودي/ الإماراتي بالسلاح والمال، والضربات الصاروخية جواً وبراً وبحراً، تجعل التمييز بين المسارات المحلية والإقليمية ضرباً من الوهم!
(يجدد التنظيم إدانته للحرب واستمرارها..)، وهو في إدانته يحمل المسؤولية الكاملة للطرف الذي وصفه بالمناطقي والمذهبي والسلالي، أي ما يسمونه (تحالف الحوثي صالح)، مما يجعل إدانة الحرب مجرد (كلام فاضي مليان كلام فاضي). فالناصري في بيانه وممارسته مكون من مكونات الحرب، فكيف يدينها، فالإدانة تقتضي أن يكون له رؤية مغايرة لمكونات الاحتراب، وهو عملياً منغمس فيها، ومؤيد للدور السعودي، وما يترتب على هذا الدور من تمزيق الوحدة الوطنية، واستخدام المال السياسي لمزيد من تفتيت اليمن أرضاً وإنساناً...
والناصري إذ يؤكد على الحل السلمي، لا يخرج في رؤيته عن التصور السعودي لهذا الحل، بل إنه يتجاهل الإشارة إلى اتفاق السلم والشراكة، الذي كان فيه أمينهم العام أحد الفاعلين في التوقيع عليه، وعلى ملحقه الأمني!
لقد أصبحت فدرلة اليمن كمخرج من مخرجات (الحوار الوطني) سقفاً بديلاً عن الوحدة الاندماجية لدى الوحدويين الناصريين، فبعد أن كان قبولهم بها نزولاً عند إجماع من حشدهم هادي في (موفنبيك)، تحولت اليوم إلى هدف وطني لدى الناصريين ينبغي تحقيقه، وأن جوهر الأزمة كما يرونها هو الانقلاب على تلك المخرجات! إذا كانت الدول تنتقل من التجزئة إلى الوحدة، فإننا في اليمن ننتقل من الوحدة بكل ما شابها من إفراغ لمحتواها، إلى التجزئة تحت مسمى الأقاليم والولايات، وبما يعطي للأقاليم والولايات صلاحيات سيادية تجعلها أشبه بالدويلات، فهي تمتلك مليشيات ونزعات مناطقية ومذهبية، والنظر إلى الثروات الطبيعية في هذه الولاية أو تلك على أنها حق محلي!
لو أن التنظيم الناصري اجترح لنفسه طريقاً سلمياً، ولم ينخرط ضمن اصطفاف المتحاربين محلياً وإقليمياً، لكانت دعوته إلى (تشكيل كتلة وطنية مجتمعية) امتلكت قدراً من الموضوعية والاستجابة، لكنه يربط ذلك بمخرجات (الحوار الوطني)، وبشكل واضح يربطه بدولة الأقاليم، مع أن فكرة الأقاليم والدولة الاتحادية من أهم أسباب الحرب، ولهذا فبيان الأمانة العامة للوحدوي الناصري لا يقدم رؤية مغايرة، إنه يعيد تكرار مسببات الحرب كفصيل منخرط بها، بما فيها دعوته إلى التظاهر السلمي ضد الحرب للتوصل إلى حل سياسي سلمي على أرضية دولة الأقاليم!

أترك تعليقاً

التعليقات