محمد طاهر أنعم

كل ما يفعله نظام بني سعود ضد اليمن واليمنيين اليوم في المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية، ليس جديداً.
والمتابع لمسار تاريخ العلاقات السعودية اليمنية يعرف ذلك جيداً، كما أن المطلع على طبائع نظام بني سعود وأخلاق حكام بني سعود يعرف ذلك جيداً أيضاً.
بنو سعود ينظرون لليمنيين باحتقار، ولمعظم العرب والمسلمين، وذلك لأسباب متعددة، يأتي على رأسها شعورهم بالتفوق والاستعلاء بسبب المال والنفط الذي ظهر في بعض الأراضي التي يحكمونها بغير سعي منهم ولا كد ولا عرق، فرأوا في أنفسهم تفوقاً واستعلاءً على غيرهم، وخاصة ممن يأتون لبلادهم بمئات الآلاف لطلب العيش، ويصبرون على بعض الأمور والإهانات من أجل استمرار عملهم.
هذا الأمر الذي استمر لبضعة عقود جعل نظرة كثير من السعوديين، وفي مقدمتهم أهل نجد، وعلى الرأس منهم بنو سعود، ينظرون باحتقار لكل من اليمنيين والمصريين والفلسطينيين والسودانيين والهنود والباكستانيين والبنجلاديشيين والإندونيسيين والفلبينيين والنيجيريين والتشاديين، وهذه هي معظم الجنسيات التي تعمل وبمئات الآلاف في السعودية.
وهناك عشرات الآلاف من الأمريكيين والأوروبيين وغيرهم يعملون في السعودية أيضاً، ولكن بني سعود لا ينظرون لهم نظرة دونية مثل العرب والمسلمين ورعايا دول العالم الثالث، والسبب هو قوة بلادهم وحماية سفاراتهم لهم، وارتفاع معدل الدخل لديهم، حتى في أعمالهم داخل السعودية.
سبب آخر من أسباب احتقار السعوديين لليمنيين وكرههم واستهدافهم داخل وخارج بلادهم، هو تشابه اليمنيين مع السعوديين، من ناحية اللبس والشكل واللهجة داخل السعودية، مما يجعل كثيراً من اليمنيين يتغلغل في المجتمع، في الرياض وجدة ومكة والمدينة وغيرها، ويجد فرصاً كثيرة في التجارة والعمل، مما يسبب امتعاضاً وغيظاً عند كثير من السعوديين.
وسبب آخر أيضاً، وهو نجاح كثير من اليمنيين في أعمالهم، وتميزهم وتفوقهم، في التجارة والإدارة والبيع والشراء، وغيرها من الأعمال، وهذا يسبب استفزازاً وحسداً للسعوديين العاطلين عن العمل، والذين أدت سياسات الرفاهية المُبالغ فيها والرواتب العالية للسعوديين والعمل المكتبي سابقاً في عزوف كثير منهم عن الأعمال العادية متوسطة ومنخفضة الدخل، أو ذات الجهد البدني والعقلي العالي.
سبب رابع هو الطبيعة النجدية، وهي المنطقة الوسطى السعودية التي ينحدر منها بنو سعود، وعدد من القبائل العدنانية مثل عنزة وعتيبة ومطير وغيرها، وتلك الطبيعة هي طبيعة تكبر وغطرسة واستعلاء على الآخرين، وهذا أمر قديم منذ مئات السنين، وقد وصفه النبي صلى الله عليه وسلم في وقته، بقوله: (والكبر وغلظ القلوب عند أذناب الإبل في ربيعة ومضر)، وهي أسماء نفس هذه القبائل في ذلك الوقت، قبل أن تتفرع لبطون كثيرة متعددة كما هو اليوم.
وسبب خامس أيضاً، وهو المواقف السياسية اليمنية المخالفة للنظام السعودي، والتي لا تروق له، ابتداء من حرب 1934 بين اليمن والسعودية على المنطقة الحدودية في نجران وجيزان وعسير، ومروراً بثورة 62، وكذلك ثورة 63 في الجنوب، ومروراً بحركة الحمدي التصحيحية، ثم الوحدة اليمنية، وحرب 94، وإلى اليوم.
وسبب سادس هو النظرة المذهبية الضيقة للفكر الوهابي السعودي المتعصب ضد اليمنيين، الذين يصنفهم كمنحرفين ومخالفين للدين الصحيح ومبتدعين، سواء الزيدية أو الشافعية الصوفية، أو الإسماعيلية، أو حتى الإخوان المسلمين والسلفيين المخالفين لسياسات بني سعود.
كل هذه الأسباب تجعل التعايش مع نظام بني سعود شبه مستحيل بالنسبة لليمنيين.

أترك تعليقاً

التعليقات