الشرعية الرخوة
 

عبد الحافظ معجب

(سقطت الحكومة ولا عاد وحدة باقية ولا انفصال سيتم)؛ بهذه الجملة اختصر لي أحد الرفاق الوضع في عدن بعد الأسبوع الدامي الذي شهدته المدينة، وسقط على إثره الكثير من الشهداء والجرحى.
لم يحدث شيء في عدن من باب المصادفة، ولم يكن ما حدث غير مدروس ومخطط، فالعملية مرتبة ومجهزة منذ وقت مبكر، والهدف واضح جداً في فرض مشروع التقسيم في اليمن كأمر واقع.
طالما هناك شرعية (رخوة) وقيادة (منبطحة) للعدوان السعودي الإماراتي، فلا يوجد أي شيء صعب، وبكل سهولة الأمريكي يخطط والسعودي يمول والإماراتي ينفذ، واليمن يدفع الثمن الغالي لهذه المخططات التي أقل ما يمكن أن نصفها بالقذرة.
الكارثة أن المليشيات (البلدي) (مصوعين) ويتقاتلون من صدق، ومصدقين أن هناك خلافاً، وقاتلوا بعضهم برصاص وأموال مصدرها واحد، وبعد أن سقطت هيبة الدولة ومؤسساتها، وسقطت المعسكرات وكل المقرات الحكومية، غرد السفير السعودي على حسابه في (تويتر) بالقول: (تحالف الإخوة يعيد الهدوء والأمن في عدن... فشلت أبواق الفتنة وانتصرت الحكمة).
تغريدة السفير السعودي تعطيك انطباعاً أن الإخوة المتحاربين في عدن يتبعون حركة الشباب الصومالية وحكومة مقديشو، حتى حركة الشباب الصومالية كانت تمولها الإمارات، وسبق أن كشف فريق الرصد التابع للأمم المتحدة، أن حركة الشباب تتلقى نحو 10 ملايين دولار سنوياً من تجارة الفحم غير المشروعة، ولا زالت مدينة (دبي) وجهة التصدير الرئيسية، إضافة إلى كونها مركزاً للشبكات الإجرامية التي تنتهك الحظر المفروض على تصدير الفحم.
ابردوا لكم من الشباب الصومالي، وخلونا بتحالف الإخوة الذي سلح ووكل المليشيات وحرضها لقتال بعضها، ورجع يصلح بينهم ويعقلهم، خلونا بعيدروس الزبيدي المرتزق الإماراتي الذي انقلب على المرتزق السعودي مهران القباطي، وكلا القائدين ملطخة أيديهما بدماء اليمنيين، الشقات الاثنين دعوا مسلحيهم ومليشياتهم للاقتتال والحرب بتوجيهات دول العدوان، ولما تحقق الغرض وسقطت الحكومة (الرخوة) وشرعيتها المهترئة والمزعومة، تبنت دول العدوان مفاوضات سياسية بين من أطلقت عليهم ممثلين عن الحكومة الشرعية اليمنية وآخرين ممثلين عن المجلس الانتقالي الجنوبي، وكلهم يمثلون على الشعب، ويؤدون أدواراً مكتوبة في مسرحية التقسيم.
انتهت المفاوضات بإشراك المجلس الانتقالي الإماراتي في الحكومة الشرعية الإخوانية السعودية بعدد من الحقائب الوزارية، وإقالة عدد من قادة ألوية الحماية الرئاسية، وعلى رأسهم كل من إبراهيم حيدان ومهران القباطي، وتسليم قيادة هذه الألوية لقيادات سلفية موالية للدنبوع وليس لليدومي وصعتر والزنداني.
وسيلتزم مرتزقة السعودية من الإخوانيين بما وجهتهم به دولة الإمارات من وقف للحملات الإعلامية ضد وجود طارق محمد صالح بمدينة عدن، والاعتراف به طرفاً أساسياً من أطراف (الشرعية)، وتهيئة الظروف الممكنة لقيادته جبهة سياسية وعسكرية تنطلق من عدن والساحل الغربي.
هذه الأحداث الدراماتيكية تؤسس لإعلان الأقاليم الستة في إطار مشروع تقسيم الدولة اليمنية، وتقسيم حتى المحافظات الجنوبية، واستمرار العدوان السعودي الأمريكي على اليمن، ولكن بفصول جديدة وعناوين مختلفة، وإغراق البلاد كلها في الفوضى والحروب الداخلية والأهلية.

أترك تعليقاً

التعليقات