رئيس التحرير - صلاح الدكاك

قبل 3 أعوام راهنت مكونات سلطة الوصاية بشقيها (الحاكم والمعارض) في اليمن، رهان المؤمن الواثق، على الترسانة العسكرية لمديرها التنفيذي الأمريكي، في استعادة (شرعيتها) ووزنها الرسمي والشعبي الذي خسرته أمام (مليشيا انقلابية فئوية)..
بعد 3 أعوام باتت هذه (المليشيا الفئوية) شعباً عميم الحضور وسلطة جماهيرية وازنة يخطب العالم المنافق ودها سراً وعلناً، بينما كانت مكونات الوصاية ولا تزال بلا وزن من قبل ومن بعد، لأن جذور (شرعيتها) موصولة بمجارير مشيخات النفط الموصولة بـ(واشنطن ولندن)، وجذور (انقلابنا) ضاربة في عمق التربة الوطنية، وموصولة بآلام وآمال الشعب.
جوهر أزمة تحالف المدير التنفيذي الأمريكي، كان ولا يزال يكمن في عجزه عن الإقرار بكون (الآخر) شعباً لا فئة، وإرادة شعبية لا انقلاباً، ومشروعاً أصيلاً واعياً بوجوده مدركاً لطاقاته الروحية والمادية الوطنية والإنسانية وطامحاً إلى كينونة مقتدرة وازنة، لا وجوداً بالتبعية لطرف إقليمي أو دولي، ولا بؤرة متقدمة لـ(نفوذ إيراني) أو (حالة تهريب).
على أن عجز التحالف عن الإقرار بهذه الحقيقة لا يعني جهله بها وعدم إدراكه لها، بل إن فرط وعيه بها كان ـ منذ البدء ـ حافزه للعدوان عليها ومحاولة طمرها إعلامياً وسياسياً وثقافياً تحت ركام هائل من التضليل والتحوير والدعاية الكيدية وشيطنة الآخر بغية
 تشتيت الانتباه والوعي المجتمعي اليمني والعربي عنها، وصولاً إلى وأدها، هرباً من كلفة الإقرار بها على وجوده الاستعماري الذي يتلقى الضربات من كل صوب في مسرح هيمنته الشرق أوسطي الآيل للانهيار!
إن كل وجود أصيل ووازن (يمني ـ عربي ـ إسلامي ـ إنساني) لا يمكن أن يتخلق إلا خصماً من حظائر الوجود بالتبعية لمركز الهيمنة الأمريكية، وهذا هو جوهر الصراع الذي تقف خلاله اليوم كل القوى والمكونات المؤمنة بأمريكا والكافرة بشعوبها وقضايا أمتها، على الضفة المضادة لكل القوى والمكونات الكافرة بأمريكا والمؤمنة بشعوبها وبحقها في الحرية والاستقلال والكرامة، وبإمكانية الحياة خارج جوارب الوصاية والهيمنة الأمريكية!
تبعاً لذلك لا يعود الصراع (أهلياً) في اليمن على سبيل المثال كما يجري التسويق له، ولا تعود أزمة المكونات العاملة بمعية المشروع الأمريكي، أزمة محلية في مواجهة مكونات محلية، وإنما أزمة أدوات محلية يسعى المدير التنفيذي الأمريكي لإعادة موضعتها في مفاصل السلطة في اليمن بقوة ترسانته العسكرية، في مواجهة جبهة وطنية ثورية تحررية، وفشلُه في هذا المسعى يسحب نفسه سلباً على أدواته، وعلى مستقبل وصايته وهيمنته في المنطقة العربية والإسلامية، وهكذا فإن انتصارنا يغدو انتصاراً لكل أحرار العالم، إلى جانب كونه انتصاراً للوطن المستهدف بالاحتلال والتركيع، بينما تفقد الأدوات المحلية للوصاية الأجنبية، قدرتها ـ بالقصور الذاتي ـ على تطبيع علاقتها بوطن انعتق من حظائر الوصاية!
من راهنوا على الشعب، وبذلوا نفيس الأموال وأزكى الدماء وأطهر الأرواح على مذبح حرية بلدهم واستقلاله، كسبوا الرهان مع شعبهم وعلى ترابهم، ولا مجال لأن يخسروه على طاولة مفاوضات سياسية، كما لا مجال ـ في المقابل ـ لأن تكسب أدوات العمالة والارتزاق بالسياسة ما خسرته من شعبها وترابها بالرهان على الآلة العسكرية لتحالف العدوان الكوني التي أعطبتها ملحمة 3 أعوام من الصمود اليمني الفذ، فأعطبت معها كل رهانات المؤمنين بجبروتها وقوتها المطلقة.
لم تنتفع قيادات الأحزاب المعادية لثورة 21 أيلول من فسحة (السلم والشراكة) التي أتاحتها القوى الثورية أمامها من كل بد، فمشكلتها لم تكن في (انقلاب الحوثي) ولا (رفضه للشراكة مع الآخر) وفق مزاعمها ودعاواها الباطلة التي اتخذ منها مديرها التنفيذي مظلة لمباشرة عدوانه على اليمن.. مشكلة تلك القيادات الحزبية ـ بالنقيض لمزاعمها ودعاواها ـ هي في رفضها للآخر وللشراكة معه، لأسباب غير وطنية، تتعلق بالموقف الأمريكي المعادي والرافض له، ولهذا فإن كل التنازلات التي بذلها (أنصار الله) كقيادة ثورية بالأمس، ويبذلونها في كل محطة سنحت للحوار منذ بدء العدوان، كانت تنازلات غير قابلة للصرف في نظر حمَلة الأجندات السعودية ـ الإماراتية الأمريكية، الساعين لمحو الآخر كشرط وحيد لأية تسوية سياسية في اليمن.
(قادمون في عام رابع، ونحن نرى الحال التي أصبح عليها المرتزقة والعملاء من الذل والهوان)، طبقاً لسيد الثورة السيد القائد عبدالملك الحوثي، الذي تختزل عبارته الآنفة سطوع وجلاء حقيقة بات يراها عموم اليمنيين رأي اليقين...
وإذا كان شبق العملاء والمرتزقة لمحو الآخر ثورة وشعباً وبلداً، قد اتكأ في مارس 2015 على اعتقاد راسخ لديهم بالقوة المطلقة لتحالف عسكري كوني، فإن بؤسهم اليوم وخيبتهم وتشظي شملهم وعويلهم الذليل يعادل ما ألحقناه بتحالف أربابهم من هزائم مدوية طيلة 3 أعوام، اتكاءً على ثقتنا المطلقة بالله وبعدالة قضيتنا وسلامة موقفنا، وبحتمية انتصارنا مهما بلغت كلفة الصمود والمواجهة، وامتد زمنها.
قادمون في عام رابع ورؤوسنا بمداءات صواريخنا الباليستية التي سنطلقها غداً وبعد غد، وليفغر لها العالم المنافق فمه دهشةً، وليجيِّر لـ(إيران) نتاجات شعب أعزل محاصر، ما شاء له التجيير، فمآله الركوع عند أقدام صنعاء الثورة سراً وعلانية، ليتسوَّل أمنه من أصحاب القرار.
قادمون في عام رابع.. مستقبلنا يبزغ زاهياً من قسمات سيد الثورة وملامح وجهه وأبجدية خطابه المنبجسة نهور كبرياء وثقة واعتداد وإيمان، وهو يشد على أيدي وقلوب شعبه الصامد المجاهد عشية اكتمال 3 أعوام من ملحمة الرفض اليماني.
قادمون في العام الرابع و(نحن أصحاب القرار).. وأما العمالة والارتزاق ومشروع تحالف العدوان الكوني فـ(شجرة خبيثةٌ) اجتثها شعبنا من فوق الأرض ما لها من قرار.

أترك تعليقاً

التعليقات