ورطة السعودية في اليمن
 

محمد طاهر أنعم

محمد طاهر أنعم / لا ميديا

يجمع معظم السياسيين الغربيين والعرب أن نظام بني سعود تورط ورطة تاريخية في اليمن في الجانب السياسي والعسكري مؤخراً، وأن الخروج من هذه الورطة صار بالغ الصعوبة والتعقيد.
وسبب تلك الورطة السعودية هو القرار المتهور للشاب المندفع عديم الخبرة محمد بن سلمان في بداية استلام أبيه الملك سلمان للسلطة في السعودية وتعيينه وزيراً للدفاع، فانطلق معلناً الحرب في اليمن ظاناً -بسبب ضعف خبرته العسكرية والسياسية وحداثة سنه- أنها حرب سهلة خاطفة سوف يدخل بها إلى صنعاء خلال أسابيع معدودة، وستستسلم كل القوات العسكرية والشعبية اليمنية أمام الجيش السعودي سريعاً.
اتسم عهد الأمير ابن سلمان (وزير الدفاع حينها، وولي العهد الآن) بالتسرع والاندفاع بدون رؤية ولا خبرة، وعدم أخذ المشورات لكبار السن من بني سعود ومستشاريهم، والاعتماد على مجموعة من الشباب عديمي الخبرة ممن حوله مثل سعود القحطاني وتركي آل الشيخ، إضافة للأمير الإماراتي محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي والحاكم الفعلي في الإمارات، بسبب مرض أخيه خليفة بن زايد رئيس الإمارات وأمير أبوظبي.
كل هذه الدائرة المغلقة التي يتحدث عنها المتابعون للشأن السعودي تتكون من 4 من الشباب الصغار (حسب أعمار السياسيين)، والذين تتراوح أعمارهم بين الثلاثينيات والأربعينيات، ويتميزون بالاندفاع والتهور، وخاصة إذا ابتعدوا عن نصائح الكبار وذوي الخبرة والتجربة والمعارف.
هذه الورطة السعودية لم تتضح بشكل كبير إلا بعد مرور سنتين من العدوان السعودي على اليمن، حيث أجرى الكثير من السياسيين والمحللين تقييمات كثيرة للوضع العسكري والسياسي والأمني والاقتصادي للتدخل السعودي في اليمن، فوجدوا أن معظم الأمور تجري ضد المصلحة السعودية بخلاف الأهداف المعلنة.
صحيح أن مرتزقة السعودية والإمارات من الميليشيا المسلحة للانفصاليين الجنوبيين وللإخوان المسلمين ولمرتزقة بعض القبائل والتنظيمات المتطرفة، استطاعوا بدعم سعودي أن يسيطروا على بعض المدن والمناطق الرئيسية في اليمن مثل عدن وتعز ومأرب، ولكن هذه السيطرة لم تحقق الأهداف الرئيسية والمطلوبة من التدخل السعودي، وهي حماية المدن السعودية من الصواريخ اليمنية وحماية الحدود السعودية من توغل المقاتلين اليمنيين وإعادة ما تسمى الشرعية اليمنية الموالية للرياض للعاصمة اليمنية وإحياء المؤسسات الدستورية تحت لوائها ابتداء من مجلس النواب مروراً بالمقرات الرئيسية للوزارات والبنك المركزي ومجلس القضاء الأعلى ومجلس الشورى والهيئة العليا للانتخابات وغيرها من مؤسسات الدولة.
وبعد انتهاء 3 أعوام من العدوان السعودي على اليمن زادت قناعة معظم السياسيين والمحللين باستحالة الحل العسكري للقضية اليمنية، وأن الحل بدأ يتوجه لدى قناعة كثير من المتابعين لمفاوضات بالأصالة بين اليمن والسعودية، وليس بين القوى اليمنية الوطنية في الداخل اليمني وبين أدوات السعودية داخل اليمن من سياسيين مرتزقة لا يملكون قراراً ولا إرادة ولا استقلالا، بل وصل الحال بهم إلى احتجاز رئيس شرعيتهم المزيفة داخل السعودية، ومنعه من السفر لليمن، بل وانتشار أخبار عن إهانته هناك وتوقيفه محتجزاً لـ24 ساعة بسبب اعتراضه على بعض التصرفات وتجاوزه بعض الصلاحيات الممنوحة له.
لن تتوقف ورطة السعودية في اليمن حتى يذعن بنو سعود للحقيقة، وأن ما يتخفون وراءه من شرعية زائفة ضعيفة لن تبقى ستاراً لتدخلهم في اليمن الذي كانوا يظنونه بدون ثمن، فقد صار الثمن اليوم باهظاً ومكلفاً، وهو ضرب عاصمتهم ومدنهم ومؤسساتهم الاقتصادية والحيوية بالصواريخ اليمنية، والتوغل خلف حدودهم السياسية التي لم يعتادوا أن يتوغل أحد فيها منذ عقود طويلة.

أترك تعليقاً

التعليقات