الحديدة وفشـــــل الغــــزاة
 

عبد الحافظ معجب

عبد الحافظ معجب

ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها العدوان عن نواياه وأطماعه وأحلامه باحتلال وإسقاط محافظة الحديدة، وربما تكون هذه هي المرة الأخيرة التي يتحدث فيها عن إسقاط أو احتلال مدينة يمنية، لأن الحرب في مراحلها الأخيرة، ولم يعد هناك المزيد من الوقت لرهانات تل أبيب وواشنطن وسلمان وأولاد زايد في اليمن.
مشكلتنا في اليمن جغرافية أكثر من أي شيء آخر، فمدننا وثرواتنا وأهمية بلادنا وموقعها الاستراتيجي جعلها محل أطماع الجميع، بدءاً من الكيان الصهيوني الذي سعى لاحتلال جزيرة ميون في العام 1969، وخاطبت حينها حكومة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، الجامعة العربية بذلك، محذرةً من تحركات للعدو الإسرائيلي، وبمساعدة إثيوبية، في البحر الأحمر، وتلقت الأمانة العامة للجامعة العربية، في العام 1970، رسالة من حكومة بلادنا تتضمن معلومات عن النشاط الإسرائيلي الإثيوبي جنوب البحر الأحمر، وعلى إثر الرسالة كلفت الجامعة العربية لجنة للوقوف على طبيعة النشاط الإسرائيلي، غير أن اللجنة لم تقم بأي شيء يذكر، وما هي إلا أشهر حتى تقدم السودان بتقارير استخبارية تؤكد ما ورد في التقارير اليمنية. 
واحتوت التقارير السودانية على معلومات حول التواجد العسكري الإسرائيلي جنوب البحر الأحمر، منها حركة السفن الإسرائيلية وكافة القطع البحرية الإسرائيلية في جزر دهلك، وتركيب رادارات رصد واستطلاع، واستئجار جزيرة هيليب لإنشاء قاعدة عسكرية، إضافة إلى وجود ما لا يقل عن 7000 فرد ما بين عسكريين ومهندسين وإذاعة ومحطة لاسلكي ومطار واستراحة، ولم تتوقف الأطماع والمحاولات الإسرائيلية حتى اليوم.
أما واشنطن التي سعت كثيراً لإقامة قواعد عسكرية أمريكية خلال العقود الثلاثة الماضية في الجزر اليمنية، فقد كشفت وبوضوح على لسان سفيرها ماثيو تولر، في تصريحات صحفية لوسائل إعلام العدوان السعودي الأمريكي، أنه دعا في جلسة مجلس النواب الأمريكي إلى دعم ما سماه تحرير ميناء الحديدة، ضمن العمليات العسكرية التي يقوم بها تحالف العدوان، وكشف عن موافقة مبدئية من رموز فتنة ديسمبر بتسليم الحديدة ومينائها، وكانت المؤامرة بغطاء الأمم المتحدة، ولكنها فشلت فشلاً ذريعاً، غير أن المحاولات الأمريكية مستمرة ومستميتة للدخول إلى الحديدة.
أما السعودية فقصتها مع الحديدة قديمة جداً، وتعود الى تاريخ دولة الأدارسة عقب سيطرة قوات المملكة المتوكلية على نجران وأجزاء من عسير، واندلاع الحرب السعودية اليمنية بين مارس ومايو من العام 1934، والتي انتهت بتوقيع معاهدة الطائف، وفي العام 1974، طلبت السعودية اعتماد الحدود نهائياً، وعيونها على تهامة وساحل البحر الأحمر، غير أن طلبها قوبل برفض شعبي وسياسي أدى إلى رفضه، حتى تم اعتماد الحدود بعد معاهدة جدة في 12 يونيو 2000، ولازالت حالة الشبق السعودي بالتهام تهامة في تزايد، ولم تكتفي بما التهمته من مدن وأراضي يمنية.
مؤخراً طلعت لنا الإمارات بأطماعها بعد احتلالها عدداً من موانئ اليمن وجزرها، ضمن عملية (عاصفة الحزم)، وبحجة إعادة الشرعية المزعومة، ولم تكتفِ باحتلالها جزيرة سقطرى، وسيطرتها الكاملة على موانئ جنوب اليمن، من المكلا شرقاً وحتى عدن غرباً، إلى الموانئ الغربية للبلاد بعد احتلالها ميناء المخا وتحويله الى قاعدة عسكرية، فالركض مستمر باتجاه ميناء الحديدة، وفي أغسطس 2015، بعد أشهر قليلة من العدوان على اليمن، أعلنت الإمارات انطلاق عملية (السهم الذهبي) التي قالت حينها إنها تقترب من الحديدة، ودشنت البوارج البحرية عملياتها بقصف منطقة الدريهمي التابعة لمحافظة الحديدة.
استهدفت البحرية اليمنية بوارج وسفن العدوان، وأغرقت بعضها، ما دفع الإمارات للتراجع، وفي مطلع العام 2017 أعلنت الإمارات مجدداً عن انطلاق عملية عسكرية وصفتها بالخاطفة، وأطلقت عليها (الرمح الذهبي)، بهدف احتلال السواحل الغربية المطلة على البحر الأحمر، والوصول الى محافظة الحديدة، وفشلت العملية وانكسرت بضربات مسددة للجيش واللجان الشعبية.
بعد فتنة ديسمبر بالعاصمة صنعاء التي خططت لها واشنطن ومولتها الإمارات، وفشل في تنفيذها رموز الخيانة، استقطبت أبوظبي من تمكن من الفرار بالملابس النسائية من صنعاء، ودربتهم وسلحتهم خلال 5 أشهر، لتدفع بهم الى محاولة فاشلة مجدداً أطلقت عليها (عملية الرعد الأحمر) لاحتلال الساحل الغربي والدخول الى الحديدة، وبالرغم من الإسناد الكبير من القوات المسلحة الإماراتية والغطاء الجوي الكبير لدول العدوان، إلا أن أحلامهم اليوم تتحطم أمام صمود ومقاومة الجيش واللجان الشعبية بمشاركة ودعم كل قبائل اليمن، وها هي آليات (الرعد الأحمر) تتحول الى رماد في الساحل الغربي، وجثث مرتزقتها مرمية على طول الشريط الساحلي بين الرمال وتحت أشجار النخيل.

أترك تعليقاً

التعليقات