عن إيران والعرب
 

محمد ناجي أحمد

يحاول الغرب جعل العلاقة بين إيران والعرب علاقة صراع أساسه المذهب وليس التمايز القومي بين أمتين يمكن أن يتم نظم العلاقة بينهما على أساس المصالح المشتركة والتنافس القومي بينهما...
كنت ولازلت مؤمناً بأنه لا يوجد لإيران موضع قدم في اليمن كحضور نافذ عسكري وسياسي واقتصادي، وأن تمدد إيران إلى جنوب الجزيرة العربية سيسهل من كسرها وهزيمتها، وعودة السيطرة الغربية عليها، وهو ما تريده الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن إيران في ما يبدو قد استفادت مما حدث من استنزاف لمصر في اليمن ستينيات القرن العشرين، مما أدى إلى إنهاك مصر اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، كللتها الرجعية العربية وإسرائيل وأمريكا بحرب ما عرف بـ(الأيام الستة) ٥ حزيران ١٩٦٧م.
لقد قلت عام ٢٠١٣م، في حوار مع قناة (الميادين)، بأن اليمن براً وبحراً وجواً النفوذ والسيطرة فيها أمريكية سعودية عبر العقود الماضية، ولهذا فإن هذه الحرب التي تشن عليها منذ ما يقارب السنتين، لا علاقة لها باستعادة الشرعية، وإنما الهدف الحقيقي لها هو جعل اليمن جزراً متفرقة تقاتل بعضها بعضاً على أسس أرادها الغرب وأدواته الخليجية أن تكون مذهبية طائفية جهوية!
هناك تفقير وتجهيل يزداد بوتيرة متصاعدة، لا أستطيع القول بأنها هندسية، لأننا أصبحنا في زمن سرعة المعلوماتية!
الغرب برأسماليته المتوحشة، وتفرده بالملعب منذ منتصف الثمانينيات، وليس بداية التسعينيات كعام لسقوط الاتحاد السوفيتي، لكن قبلها كانت مقدمات (الجلاس نست) و(البروسترويكا)!
بل في الستينيات حين كانت زعامة ستالين قد ولت في الخمسينيات ليكون خورشوف وبرجنيف مرحلة سقوط لها.. ليأتي جورباتشوف كخاتمة للانحدار! هذا الغرب بنهجه لتعزيز مزيد من الفقر ومزيد من الجهل، جعل العالم أرضية خصبة لمشاريعه!
حين سقط خصمه الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، اخترع خصماً من صناعته، واهٍ وهش، وكانت الأرضية التي هيأها خصبة بفقرها وجهلها وعبوديتها كنتيجة مباشرة لانتصاره!
كان تسويقهم لصراع الثقافات والحضارات، وكانت مسيرة الصراع مع المذهبيات والطوائف والأعراق وكل الأساطير الأكثر تقزماً! 
أحترم إيران خاتمي أنها تنبهت لهذه المصيدة، فطرحت حلاً منقذاً من مصيدتهم، وهو (حوار الحضارات) الذي فكر فيه خاتمي كامتداد للمفكر علي شريعتي.. لهذا أصبحت إيران كما يسوق الغرب وأنصار صراع الحضارات، مجوسية فارسية رافضية شيعية!
حين نكون أمة عربية واحدة بدولة عروبية لوطن عربي واحد، ساعتها سنفرض على إيران علاقة شراكة، دون ذلك، نحن أقزام فقراء وجهلاء في خدمة المشروع الغربي!
لهذا ينبغي أن تكون علاقتنا مع إيران علاقة توافقية، لا صراعية مذهبية، بل تنافس قومي بين أمتين، أو كما يقول مصطفى الفقيه في مقال له بعنوان (العقد التاريخية والسياسات الإقليمية): (لقد وقعنا في الفخ، وابتلعنا الطُّعم، وتحدثنا طويلًا عن الخلاف المذهبي بين الشيعة والسنة، بينما الأمر يحتاج إلى قراءة مختلفة، فهو صراع قومي بين العرب والفرس، وليس صراعاً دينياً في المقام الأول، ويجب أن ندرك أن لدينا ملايين من الشيعة العرب الذين سبقت عروبتهم تشيعهم، وسبق تشيعهم التشيع (الصفوي) في إيران بعدة قرون..).

أترك تعليقاً

التعليقات