ذو الفقار في كف معاوية
 

رئيس التحرير - صلاح الدكاك

صلاح الدكاك / لا ميديا

لم يسعف الوقت ولا الظروف ثورة 21 أيلول الأنصارية الشعبية لإعادة فلترة الذهنية الجمعية للمجتمع اليمني ثورياً بما يستنقذها من أنياب العصبوية والحزازات المناطقية والفئوية التي استثمرت سلطة الوصاية طيلة عقود فيها وفي تنميتها وتكريسها كسبيل للسيطرة على الفضاء الاجتماعي وتجيير مجموع قوته وطاقته المادية والروحية الإيجابية سلباً لصالح حروب الطبقة المسيطرة المؤلفة لتلك السلطة.
هذه الحقيقة تجعل من حرب التحالف على اليمن كذراع للمشروع الأمريكي، حرباً من الداخل لا من الخارج بالمفهوم الأيديولوجي للحرب، فالتحالف منذ بدء عدوانه اتكأ على رصيد وازن من الانحرافات والتشوهات النفسية والاجتماعية التي لحقت بالذهنية الجمعية لليمنيين على مدى عقود التسرُّب الحضاري المديدة خارج مشروع نهضوي وطني إنساني جامع، والضياع في متاهة قنوات التصريف السلطوي التي تصب في مستنقع مشروع الهيمنة الاستعمارية والوجود بالتبعية لقوى الاستكبار والامبريالية.
قال سيد الثورة السيد عبدالملك الحوثي: (حربنا ليست حرب جغرافيا).. وإذن هي حرب بين مشروعين أحدهما تحرري ثوري يستهدف تحقيق انعتاق كامل من أكبال وزنازين الوصاية والتعبيد الفكرية والاجتماعية والدينية والتربوية والسياسية والإعلامية وفي نهاية ذلك العسكرية.. في مقابل مشروع آخر دخيل على منظومتنا القيمية بشموليتها الوطنية والإيمانية والإنسانية كما ودخيل على الجغرافيا والتاريخ.
ترتيباً على مقولة سيد الثورة المضيئة على التخوم غير المنظورة لأسوار السجن الذي نرزح فيه، فإن الصراع لا يعود صراع أجناس وألوان وجغرافيات ويافطات مموهة بـ(عروبة وإسلام ووطنيات أمريكية صهيونية مخاتلة)، وإنما صراع الذات الإنسانية ذات الفطرة السوية والنزاعة للحرية كحق طبيعي وبشري وإلهي في مواجهة قوى استكبار تستقوي بخنوع البشر المستضعفين الراضين بالعبودية، لذا لا غرابة أن يلتقي اليمنيان العربيان المسلمان بسيفيهما، سيف يقاتل في سبيل المستضعفين ومستضعفون يقاتلون في سبيل الجلاد المستكبر.
لقد أضاءت ردات الفعل الاجتماعية في أعقاب سلسلة من مشاهد التنكيل البشع بالأسرى والجرحى والمخالفين من قبل عصابات تحالف العدوان؛ أضاءت على مساحة من الانحرافات والتشوهات التي لا تزال تنشب أنيابها في الذهنية الجمعية والنتيجة نزوع شريحة وازنة من المحسوبين على الصف المناهض للعدوان إلى مقاربة تلك البشاعات التي يزاولها التحالف بأيدي يمنيين، كسمات اجتماعية حصرية وأصيلة لبيئة بعينها (تعز والجنوب تحديداً)، وهكذا يجري توجيه العنف الثوري التحرري المطلوب في مواجهة مشروع التحالف الأمريكي ليغدو طاقة تدمير ذاتي تصب في المشروع المعادي ذاته وتبعاً لمشيئة أمريكا.
لقد ثرنا لنستنقذ ذواتنا السليمة الواعية من أنياب هذه التشوهات والانحرافات لا لنقع فريسة لها تحت يافطة سلطوية أخرى تلبس مسوح الثورة.
إن الأمر لا يقتصر على مجموعة أسماء مستعارة في مواقع التواصل الاجتماعي مربوطة بغرف التحالف، فثمة أصوات وازنة (ثورية) تصدر في تخريصاتها الجاهلية عن قناعات راسخة ولا يعوزها وسيط اتصال مع (تركي المالكي)، وهذا هو عين الخطر!
إنه ذو الفقار ولكن في كف معاوية.

أترك تعليقاً

التعليقات