محمد ناجي أحمد

محمد ناجي أحمد / لا ميديا

كان العامل الخارجي المتمثل بثورة 23 يوليو 1952م، والعدوان الثلاثي 1956م، والوحدة بين مصر وسوريا عام 1958م، وفضاء حركات التحرر، هو العامل الرئيسي الذي حرك، بل دفع إلى التفكير بتغيير النظام في اليمن من المملكة المتوكلية اليمنية إلى نظام جمهوري. هذا ما صرح به كتاب (أسرار ووثائق الثورة اليمنية)، الذي ألفه مجموعة من الضباط الأحرار، وطبع بعد 15 سنة من قيام الثورة؛ أي في بداية تولي الرئيس علي عبد الله صالح للحكم في الجمهورية العربية اليمنية. 
كان موقف الأستاذ أحمد محمد نعمان (يؤيد البدر تأييداً كبيراً، وكان لا يرى مبرراً لقيام الثورة ضد الحكم الإمامي، بحجة خوفه من عواقب فشلها إن فشلت، وبالتالي قناعته بأن البدر سيسير بالبلاد نحو حياة جديدة، وأنه من اليسير احتواء البدر حتى بعد أن يصبح إماماً، وتوجيهه في الطريق الذي سيختطه له الأحرار، بينما كان الشهيد محمد محمود الزبيري ومعه الأستاذ محسن العيني على قناعة تامة بضرورة قيام الثورة) [أسرار ووثائق الثورة اليمنية، ص103]. 
جزيلان وعبد المغني
عندما تخرج الملازم علي عبد المغني من الكلية الحربية عام 1961م، كان المتوقع أن يتم توزيعه في مدرسة الأسلحة أو سلاح المدفعية وفقاً لتخصصه، إلاَّ أن المقدم عبد الله قائد جزيلان، أركان حرب الكلية الحربية آنذاك، عمل على توزيعه إلى الجيش الوطني، بتعز، معتبراً إياه عارية لفترة، ثم طلب منه العودة إلى صنعاء، وإلاَّ اعتبره متغيباً عن العمل. 
لذلك أرسل له علي عبد المغني برسالة خطية سلمها للملازم ناجي الأشول حين زار تعز، ورسالة شفهية أخرى للجنة القيادية لتنظيم الضباط الأحرار، بخصوص تأسيس فرع التنظيم بتعز، إلاَّ أن لجنة القيادة بصنعاء فضلت عدم تسليم الرسالة الخطية لجزيلان، لما فيها من تهكم وسخرية ورفض لمواقف جزيلان المتعنتة ضد علي عبد المغني، حتى لا يتصرف جزيلان بحقد ضد بقية الضباط الشباب. 
عند عودة الملازم ثاني علي عبد المغني والملازم ثاني محمد مطهر زيد حضرا اجتماع (القاعدة التأسيسية) لتنظيم الضباط الأحرار، وتم انتخاب لجنة قيادة للتنظيم، وقد استمر علي عبد المغني ومحمد مطهر زيد في اللجنة القيادية في كل الانتخابات التي كان آخرها في المؤتمر الخامس للقاعدة التأسيسية، حتى تفجير ثورة 26 سبتمبر 1962م، وقد كان علي عبد المغني هو دينامو التنظيم، وحلقة التواصل بين التنظيم من جهة ورجالات الأحرار، من الضباط والتجار والمشائخ، والمثقفين. 
وهو من تواصل مع القائم بأعمال السفارة المصرية محمد عبد الواحد، وطلب منه موقف القيادة في مصر من قيام التنظيم بثورة في اليمن، فكان رد مصر أن طلبت تفاصيل عن التنظيم وأهدافه، ثم بعد أيام كان الرد برسالتين؛ إحداهما من جمال عبد الناصر تقول (نفذوا. وسأفي بكل التزاماتي)، والأخرى تقول (نبارك العمل الوطني، ونحن على استعداد لتقديم العون في حينه، حسب الظروف وإمكانيات مصر) [المرجع السابق، ص102]. 
كانت رسالة علي عبد المغني الخطية التي وجهها لجزيلان (بسم الله: الرئيس عبد الله جزيلان حفظه الله. تحية طيبة وبعد. فلقد بلغني أنكم وزعتم الضباط المتخرجين من مدرسة الأسلحة، وكان نصيبي كما قضت إرادتكم السامية، ولا أدري من غيري من المغضوب عليهم لدى حضرتكم الكريمة في الجيش الوطني. وبلغني أنكم قلتم هذا عارية فقط، ولم أعلم قبل اليوم منطقاً فيه من اللباقة كمنطقكم، صحيح لقد سمعنا أنَّ ثمة أشياء كثيرة مادية يمكن إعارتها، أما ضابط يستعار فهذا ما لم نسمع به أبداً، ولكن ربما أكون في نظركم شيئاً من هذا القبيل، أي أنكم أسقطتموني من حساب الآدمية، وهذا الإجراء الذي بلغ من الحكمة منتهاها إنما يدل طبعاً على اهتمامكم الكبير بالنهضة العسكرية، وتقدير المصالح العامة، واحترام الكفاءات والأقدمية، وليس هذا بجديد عليكم، فقد عهدنا فيكم هذه السجية المثالية التي تفردتم بها منذ توليكم أركان حرب الكلية. هذا وجزى الله الأيام خيراً، فقد أبانت وكشفت لنا بوضوح حسن نواياكم، ونبل مقاصدكم، وعبقرية قيادتكم. أما نصيحتكم الغالية التي أشكركم عليها كثيراً، وهي سرعة وصولي قبل أن تعتبروني غياباً، فلكي تطمئنوا أخبركم بأن بقائي بأمر القائد العام حفظه الله وأيده. أخيراً أعانكم ووفقكم والسلام عليكم) [أسرار ووثائق الثورة اليمنية، ص63-64].

أترك تعليقاً

التعليقات