ثورة 21 أيلول: تحديات داخلية وخارجية
 

جميل المقرمي

جميل المقرمي / لا ميديا

تحدث السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، قائد الثورة، في محاضرات عدة، عن الاختلالات التي حصلت للأمة، والتي بسببها انقسم العالم العربي والإسلامي، وأصبح أداة بيد قوى الاستكبار العالمي التي طوعته إلى أن يكون العصا الغليظة، وسخرته لخدمة أجندتها، ولولا ذلك كان يمكن أن يكون للعرب والمسلمين كيان وثقل بين الأمم يحسب له حساب أثناء الحرب الباردة بين المعسكر الشرقي (الاشتراكي) والمعسكر الغربي (الرأسمالي)، لكن نتيجة ذلك الخلل استطاع المعسكر الغربي أن يجعل من كعبة المسلمين مصدراً للفتوى، ومن دول الخليج مصدراً للتمويل، والشعوب الفقيرة من العرب والمسلمين وقوداً لمعركة اسمها (تحرير أفغانستان من الشيوعيين). تحرك الجانب الديني الذي اتخذ من الفكر الوهابي مرتعاً لبث السموم التكفيرية، ومن كعبة المسلمين منطلقاً نظراً لما تحمله الكعبة المشرفة من مكانة في قلوب المسلمين ونفوسهم، وقدرة على تحريكهم.
أطلقت الفتاوى من مشائخ الدفع المسبق وعلماء البلاط الملكي الذين تناسوا القضية الفلسطينية، وأن مسرى الأنبياء والمرسلين وثالث الحرمين الشرفين يدنس من قبل الاحتلال الإسرائيلي، والأغرب من ذلك توجه فلسطينيين لتحرير أفغانستان، تاركين بلدهم للمحتل الصهيوني، وتمكنت أمريكا من حرف بوصلة العداء وتوجيه السخط للروس، مثلما هي مستمرة اليوم في حرف البوصلة، غير أنها تحولت من معاداة الشيوعية لتتجه نحو المذهب الشيعي... طالما وهناك عقول تستقبل ولا تناقش، لذلك بدأت أمريكا من هنا تصنع القاعدة والتنظيمات الإرهابية، مستغلة تلك الفجوة بين المسلمين، والاختلاف الكبير الذي ساعد في ظهوره الفكر الوهابي وآلاف الأحاديث المكذوبة عن رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، والتي خالفت القرآن الكريم، وجعلته مختصاً بالحفظ والتلاوة والإدغام والإظهار.
‏فالاختلال في الوعي هو عندما ينطلق الإنسان من مفاهيم خاطئة ومغلوطة يبني عليها الكثير من المواقف والتصرفات. فقد تحدث المظالم وتحدث الاختلالات في واقع الحياة، ويختل الإنسان في تصرفه حين لا ينطلق في الحياة من منطلق الحق القائم على أساس العدل والقيم..
حتى لو كان الفرد منا واعياً بأنه في الموقف الخطأ وفي التصرف الظالم، وأنه منحرف عن جادة الصواب، لكنه مع ذلك نتيجة الاختلال التربوي والأخلاقي والقيمي، ينطلق دون مبالاة لعمل ما هو خاطئ إما بدافع الهوى، أو بدافع العصبية، أو أي من المؤثرات الأخرى.
وما يحرص عليه المستكبرون دوماً ألا ترتبط الشعوب بثورات الوعي والتحرر من طغاة العصر وعالم المستكبرين. 
ومثلما أسقط معسكر الشرق من قبل معسكر الغرب دون أن يخسروا شيئاً، سواء عسكرياً أو مادياً، سيتحركون بنفس الاتجاه، وسيكررون نفس التجربة السابقة، والسعودية البقرة الحلوب ستدفع، وهو الأمل الوحيد الذي أصبحوا يراهنون عليه اليوم بعد فشلهم، وخصوصاً مع الذكرى الرابعة لثورة 21 أيلول المباركة، الثورة التي عرف خطرها على المشروع الصهيوأمريكي العدو قبل الصديق، فتكالب العالم بأجمعه على دولة تصنف في مصاف الدول الفقيرة، لأنهم عرفوا أن هذه الثورة سوف تسلب منهم عروشهم جميعاً، فتوحدوا ضد هذا الخطر، وسخروا الأمم المتحدة ومجلس الأمن كمظلة لكل الجرائم المرتكبة بحق الشعب اليمني.
وبرغم الفشل الكبير لهذه القوى في إخضاع الشعب اليمني، ولكن هناك أشياء يجب تلافيها، خاصة وقد سمعنا مجرم الحرب محمد بن سلمان، بعد هذا الفشل، يظهر بتصريح يقول فيه إنه يراهن على الاختراق والانقسام الحاصل من خلال وعبر المتسلقين الذين نشاهدهم اليوم يحجزون مواقع متقدمة جداً على حساب من يضحون ويخسرون.. ‏فالحذر الحذر.

أترك تعليقاً

التعليقات