رئيس التحرير - صلاح الدكاك

ذكرى استشهاد الإمام الحسين وذكرى استشهاد الإمام زيد عليهما السلام، تعتنقان في بحر ثورة 21 أيلول الأنصارية اليمانية ومجراها، فتحتدم خُلجان الزخم الثوري بدلالات كانت عصية الفهم على أذهان أكثرية الخواص، فباتت اليوم معيناً سائغاً لأكثرية العوام في هيجاء صراع تتبدل أشكاله ومسارحه وشخوصه على الضفتين، ويبقى جوهره ثابتاً.
الحسين في مواجهة يزيد.. زيد في مواجهة هشام، اليمنيون وكل أحرار العالم على اختلاف جنسياتهم وألوانهم، في مواجهة استكبار الامبريالية العالمية برأسها الأمريكي المعاصر.
يعيد التاريخ نفسه في جدلية ناظمة لجوهر مجرياته التي لا انقطاع لها إلا بما يرفد استمراريتها كماً ونوعاً؛ وحيث الزمن هو حاضنة هذه الاستمرارية ونهر جريانها الأزلي ماضياً وحاضراً ومستقبلاً.
إذا كانت أمريكا ترفع اليوم كرابيج وسياط وسيوف ودعاوى يزيد وهشام ذاتها في وجه البشرية، فلماذا ينكر أدعياء الحداثة والعصرنة على المستضعفين أن يُشهروا (ذا الفقار) ذوداً عن كرامتهم وخبزهم وحريتهم ومعايشهم في وجه القرصنة الأمريكية؟!
إن الصواريخ والراجمات والقذائف التي يعتدي بها التحالف على بلدنا ويقتل بها شعبنا، هي أمريكية ـ أوروبية غربية المنشأ والصناعة، لذا هي مشروعة ولا غبار عليها، أما الأسلحة التي نذود بها الموت اليومي عن رقاب أطفالنا ونسائنا، فإنها تبقى (إيرانية، رافضية، مجوسية..)، حتى ولو كانت روسية الصنع أو أمريكية، فالعالم المنافق وأدعياء الحداثة والعصرنة لا ينكرون علينا هوية السلاح، بل هوية المشروع، بطبيعة الأمر؛ لأنها هوية أصيلة في اتصالها الحيوي الواعي عمودياً وأفقياً وماضياً وحاضراً بتاريخ وقضايا شعبها وأمتها، وتستعصي ملامحها على محاولات التذويب والصهر في دورق الانبطاح الأمريكي كحال الغالبية من المحسوبين على العروبة والإسلام، أفراداً وأنظمة، في منطقتنا المسماة (شرق أوسط) بحساب خرائط التغييب والهيمنة الأجنبية الغربية.
إن (زيد بن علي) بات يمثل تهديداً لليمن والهوية اليمنية في خطاب محور الانبطاح، لأنه (زيد الثورة والرفض وإباء الضيم واستكراه الحياة مع الذلة والنهوض بالمسؤولية تجاه المستضعفين والقيم المحمدية المستهدفة بالتحريف والتحوير لصالح الطغاة وفي خدمتهم..)..
(زيد الثورة) لا (زيد نواقض الوضوء والسربلة والضم)، و(زيد لمِّ شمل مستضعفي عموم الأمة) لا (زيد تشتيت شمل اليمنيين خدمة لطواغيت الداخل والخارج)..
(زيد الكرامة والتضحية على جادة الإسلام المحمدي) لا (زيد الإمامة والجمهورية كمغنم وكنظام بلا مضامين رسالية ودعوى قشورية فارغة لا حساب للشعب والأمة فيها).. (زيد حليف القرآن لا حليف السلطة والفئة والطائفة)..
(زيد) الذي يحتشد في ذكرى استشهاده اليمنيون الأحرار من كل حدب وصوب على عهد الاستمرار في ثورته بالزخم ذاته والجهاد كالبنيان المرصوص في خنادق مجابهة تحالف قوى العدوان الأمريكي اللابسة مسوح (هشام ويزيد ومعاوية) تجريفاً لتاريخنا وهويتنا كيمنيين وعرب ومسلمين، وتمكيناً للاحتلال الغربي ومصالحه غير المشروعة في ترابنا وثرواتنا وأدمغتنا بلا مزاحم من نزوع قيمي وطني قومي ديني أصيل لحرية وافية وسيادة بلا هيمنة على أرضنا ومصيرنا كمستخلفين أنداد.
إن العدو يتوسل ويستقطب ويحاول استنبات كل دعوى مذهبية أو أسرية أو قبلية أو مناطقية، من شأنها أن تطفئ أنوار المسيرة القرآنية وتضرب نسيجها الاجتماعي بعضه بعضاً لجهة تحقيق ما أخفق التحالف في تحقيقه من غايات قبيحة طيلة 4 أعوام من عدوانه على اليمن.
في هذا السياق يناور العدو اليوم بآخر الدمى الطائفية في مخزون زمن الوصاية البائد، فتتشظى الدمية والدعوى تحت فيض أنوار اليقظة القرآنية، ويتحول التحدي من تهديد لبنيان الجهاد المرصوص إلى فرصة لتطهير وتمتين هذا البنيان وتظهيره في صورة لُحمة أنصارية يمانية ملايينية ضاق بها بر العاصمة صنعاء، وسيتسع لها ساحل المواجهة مع العدو ومختلف الجبهات نفيراً ورفداً بالأنفس والأموال، وبما يزيد الظالمين تباراً وخسراناً وأما (العاصفة) فتذهب بدداً (أدراج الرياح).

البصيرة البصيرة
من أعرض صفحاً وكِبراً أمام صدقية سيد الثورة السيد القائد عبدالملك الحوثي في مقاربته لجذور وأسباب التردي الاقتصادي العميقة والمستجدة الراهنة، فهو هالكٌ بباطله وعدوٌّ للحق وصديق للعدو، ولن يضر الشعب شيئاً، فللشعب ربٌّ مقتدر هو الله، ولله أنصارٌ واثقون بوعوده، ماضون في سبيله، وللأنصار قائدٌ يصدق شعبه ولا تميد به (رياح المؤامرات والعدوان) عن سبيل ربه ونصرة المستضعفين وتحويل التحديات مهما عظمت إلى فرص خلاص مع الكرامة والحرية، لا تخففاً منهما فتوراً وطلباً لسلام الاستسلام والسلامة بالذلة والخنوع.
(نحن رجال سلام أما الاستسلام فلا رجال له بل دواجن).
هكذا تكلم سيد الثورة.

أترك تعليقاً

التعليقات