ذو الفقار بـ(حَدَّيْن)
 

رئيس التحرير - صلاح الدكاك

تحت (قميص الشرعية) يقاتل النفط والأموال القذرة ومسوخ السوق الحرة والقارونات والإقطاعيون وتجار الموت وعصابات الجريمة المنظمة والقتلة المأجورون وأباطرة الفوضى الخلاقة والسحل والذبح والمجازر الجماعية..
خلف (قميص الشرعية) تتلطَّى القرصنة الأمريكية والعنصرية الصهيونية والنخاسة السعودية والحقد الوهابي والوضاعة الأممية والنفاق العالمي..
وفي مجابهة كل ذلك تقاتل القيم الإنسانية والفطرة السوية والنواميس السماوية والقضايا العادلة والنزوع البشري للحرية والاستقلال والسلام.. وعلى هذه الضفة يصطف المستضعفون والمقهورون والرقاب الحرة الضائقة بأطواق الرق والاستغلال والوصاية، والجباه الممانعة إزاء التركيع والاستعباد والإذلال..
هكذا كان الصراع تاريخياً، ولا يزال، وهكذا كان الاصطفاف على ضفتيه، ولا يزال، وعلى مر العصور كان لكل ضفة (رومانها وسبارتاكوسها وفرعونها وموساها، ومعاويتها وعليُّها ويزيدها وحسينها) وجلادوها وثوارها ونخاسوها وأحرارها..
وفي كل عصر تسربل الجبابرة (قميصاً)، وتذرعوا بذريعة، ونضا المستضعفون سيفاً رافضاً ممانعاً، وعقدوا لواء حرية. وكما بات معلوماً أن الاستبداد والحكم بالضد للقيم المحمدية، كان مغزى بني أمية الموارب خلف (قميص عثمان)، فقد بات فاضحاً اليوم أن الاحتلال والوصاية وتعبيد اليمن شعباً وتراباً وقراراً، هو المغزى الموارب خلف (قميص شرعية هادي) الذي يرفعه تحالف العدوان السعودي الأمريكي، وينسف متذرعاً به كل حياة وسلام واستقرار وتعايش، وكل خلق وقيمة وعرف ومبدأ وقانون وحق، في مناخ دولي من النفاق والتواطؤ والضلوع المباشر وغير المباشر.
إن عدم مطابقة الذريعة المعلنة للمغزى الموارب، يتكشف في سلوك تحالف قوى العدوان ميدانياً خلال أكثر من عام على مباشرة عدوانها، وسياسياً خلال مشاورات الكويت الراهنة.
لقد خضنا حرباً دفاعية نبيلة ومشروعة ضد المغزى على الأرض، ونخوض اليوم حرباً سياسية ضد الذريعة على طاولة المشاورات.. 
على الأرض أفشلنا مشروع الاحتلال والتمزيق، وعلى الطاولة يهتك وفدنا الوطني الأحجبة تلو الأحجبة عن وجه (الشرعية) الزائف، ويبرهن وهن الذريعة وتناقض حَمَلَة قميصها من مرتزقة وعملاء وسماسرة حروب..
لم نقدم قوافل الشهداء على مذبح شهوة الالتحاق بسلطة تحت الرق والوصاية، وإنما على مذبح وطن وشعب نأبى له الضيم، وأن يقع فريسة سهلة لأحذية الغزاة والمحتلين. وإذ يقدم وفدنا الوطني التنازلات على طاولة المشاورات، فإنه يقدمها على ذات المذبح الشريف، ويقيم الحجة على الضمير العالمي، وقبل ذلك يدحض أمام شعبه الصامد مزاعم أدوات العدوان المحلية التي تحمله المسؤولية عن نشوب (الحرب)، والمسؤولية عن استمرارها، بوصفه حجر عثرة في طريق السلام، وداعية حروب، حد زعمهم.
إن (الحلول ممكنة ومنصفة، وقدمنا الكثير من المخارج)، كما يؤكد سيد الثورة السيد عبدالملك الحوثي، وهي ممكنة - فقط - فيما لو كان مغزى الموالين للعدوان البحث جدياً عن حل، لا الطمع في صك استسلام زهيد الثمن، يوقعه شعبنا ووفده الوطني تحت لافتة الحوار، ولوجه سلام زائف هو معادل موضوعي لاحتلال أخفق تحالف العدوان في فرضه عسكرياً..
إن (جهوزيتنا للسلام) هي (بقدر جهوزيتنا في التصدي للعدوان)، ومن رحم هذه المعادلة الموضوعية والمبدئية، يكون السلام الذي يصبو إليه شعبنا اليمني الصامد الصابر المجاهد، حد المقاربة المنطقية والحصيفة لسيد الثورة.
يُظهرُ العالم المنافق اليوم حاجته لإحلال السلام ـ فقط ـ لأن الآلة العسكرية الغشوم أخفقت في سحقنا بعد أن منحها فرصة عام ونصف العام من التواطؤ وغض الطرف والتمويه والتبرير والمساندة. والسلام الذي يرغب في إحلاله اليوم ليس إلا نسخة شائهة مموهة من الحرب التي أخفق فيها بفعل صمودنا واسترخاصنا الأرواح في الذود عن أرضنا وعرضنا وشرفنا وقرارنا الوطني.
لذا، فإن تثمين التضحيات والصمود يتحقق بالاستعداد الدائم للتضحية، والاستمرار في الصمود ورفد جبهات الشرف بالدم والمال، وتمتين اللحمة الاجتماعية الوطنية في الداخل، وبـ(اليقظة والحذر)، وفق دعوة سيد الثورة، لا بالركون لوَهْم أن العالم بات ـ بين ليلة وضحاها ـ إنسانياً، وأن قوى العدوان أدركت فداحة جرمها، فقررت التكفير عنه، والكف عن عدوانها..
لقد قدمنا لقوى العدوان ما (يحفظ ماء الوجه)، فاختارت المضي في (الطغيان، وزاد طمعها)، فأرادت (تركيع وإذلال شعبنا، وهذا هو المستحيل وغير الممكن).
إن خيار مواجهة العدوان (ليس تكتيكياً سياسياً) مرحلياً، وإنما (خيار مبدئي ننطلق فيه من قيم لا من قشور وشكليات)، لذا، فنحن مستمرون فيه، ونعد له عدته من إيمان بعدالة قضيتنا ومشروعية دفاعنا، إلى مقتضيات خوضه مادياً على نحو يردع جبروت قوى العدوان.
إن اطمئنان عبيد أمريكا لأمريكا وحمايتها وقوتها، يقابله اطمئنان شعبنا المستهدف لعظمة الله وصدق وعده بنصرة المستضعفين في مقام جهادهم ضد التعبيد لغير وجهه.
إن (المملكة السعودية) إلى زوال وفقاً لنواميس الكون التي خرجت عليها بفعل غرور امتلاك القدرة والمال، ولعل حقيقة مستقبلية كهذه هي أثمن نصيحة جلاَّها سيد الثورة، ورشق بها عمى بني سعود الذين لا يبدو أنهم سيفيقون إلا على قسوتها ورؤيتها عين اليقين.
هكذا تحدث سيد الثورة، في ذكرى استشهاد الإمام علي عليه السلام، شاهراً حدَّي ذي الفقار: السلام والحرب.. 

أترك تعليقاً

التعليقات