محمد طاهر أنعم

كشفت قضية مقتل الصحفي المعارض السعودي جمال خاشقجي، في القنصلية السعودية بإسطنبول، قبل شهرين، للعالم كله، مدى فساد النظام القضائي السعودي، وهو أمر يعرفه كل من عاش في السعودية فترة طويلة أو قصيرة، أو كان يتابع الوضع في تلك البلاد عن كثب.
القضاء هو عماد قوة البلاد ونظامها، وأساس الأمن والأمان، وتحرص الدول المتقدمة على جعل مكانة القضاء رفيعة لا تكاد تساويها أية مكانة، فيمثل أمام القضاء الرؤساء ورؤساء الحكومات والوزراء والمسؤولون، ولا يستطيع أحد أن يمتنع عنه، وفي نفس الوقت يكون قضاء عادلاً حراً كريماً، يستطيع الإنسان أن يأخذ حقه فيه من القوي والضعيف، ويعلم الشخص أنه لن يظلم، ولن يستطيع أحد أن يرفض أوامر وأحكام القضاء النهائية والنافذة.
وللأسف فإن الغالب في دول العالم الثالث المتخلف هو ضعف القضاء وشلليته، واختراقه محلياً وخارجياً، وفساده، وعدم قدرته على تنفيذ كثير من أحكامه ضد الأقوياء، وضعف أدائه ومخرجاته بشكل عام.
ولا يوجد انطباق لمثل هذه الأوصاف المتخلفة على القضاء أوضح من انطباقه في المملكة العربية السعودية، فقضاء المملكة قضاء مغرق في الضعف والتدخل من الأمراء بشكل عام، وأصحاب المناصب الكبرى بشكل خاص.
القضاء السعودي قضاء مرتشٍ، فاسد، عنصري، شللي، يصدر الحكم كما يريد التاجر أو الأمير، أو النظام الحاكم في حال كون القضية من قضايا إعدام وحبس المعارضين السياسيين أو تبرئة المجرمين من المسؤولين ومن حولهم.
وقد جاءت جريمة مقتل الصحفي خاشقجي وسوء تعامل النظام القضائي السعودي معها، لتكشف للعالم كله شرقاً وغرباً، كم هو نظام فاسد، يضطرب في رواياته، ويتفاجأ بانكشاف بعض أكاذيبه بسبب التسريبات الإعلامية والتسجيلات التركية المتتالية التي تجعل القضية تتكشف شيئاً فشيئاً، وتحرج قضاء بني سعود ليحاول ملاحقة تلك التسريبات بروايات جديدة.
الهدف الرئيسي للنظام القضائي السعودي ليس هو إجلاء الحقيقة وتحديد المجرم وعقابه، كما يفترض بالقضاء أن يفعل، وإنما الهدف هو حماية القاتل الحقيقي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، وبعض المقربين منه مثل سعود القحطاني المستشار في الديوان الملكي.
ولذلك فإن كل تحركات هذا القضاء تنصب في هذا الهدف، وتحبك الحكايات والروايات والتحقيقات والاستجوابات للوصول إليه، وهذا ما بات يتكشف للعالم شيئاً فشيئاً، بعد تسليط الإعلام العالمي جهوده لهذا الموضوع ومتابعة أخباره.
وكل هذا الأمر يفيدنا نحن كيمنيين في إيضاح أن كل التحقيقات التي زعم النظام السعودي وقيادة تحالف العدوان ضد بلادنا، إجراءها، هي تحقيقات لا فائدة منها، ولن تكشف مسؤولية أية جريمة ولا معاقبة مرتكبيها، لأنها صادرة من نظام قضائي فاسد صار العالم كله يعلم فساده وانحرافه، ولذلك فسيصير طلب النظام السعودي مستقبلاً التحقيق في قضايا استهداف طيرانه للمدنيين في اليمن، محط سخرية ورفض عالمي بعد انكشاف تصرفات هذا النظام.

أترك تعليقاً

التعليقات