رئيس التحرير - صلاح الدكاك

صلاح الدكاك / لا ميديا

الاستدارة الأمريكية لاستعادة فاقد نفوذها الطاغي في أمريكا اللاتينية التي مثلت في أدبياتها السياسية (حظيرة خلفية لليانكي) ، ليست استدارة مقتدر بقدر ما هي انكفاء متقهقر يخسر نفوذه الطاغي في ما يسمى الشرق الأوسط والذي يمثل منذ الخمسينيات عقر دار الامبراطورية الأمريكية الحصين.
لقد أفسح الصمود السوري الفذ الذي أفشل مشروع الحرب الكونية على سوريا وانتصار العراق على (دولة الخرافة الداعشية) ولاحقاً إطاحة ثورة 21 أيلول بسلطة الوصاية الكمبرادورية في صنعاء وجدارتها في كسر مجاديف أكبر عدوان كوني على اليمن وقبل ذلك كله انتصار المقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله على أسطورة الجيش الإسرائيلي ذي القدرة المطلقة في تموز 2006......كل ذلك أفسح مناخاً مواتياً أمام الثورة البوليفارية ذات التوجه اليساري بمقاربته المناهضة للهيمنة الأمريكية والصهيونية العالمية و التي قادها الزعيم الراحل هوجو شافيز في فنزويللا لأن تمضي قدماً في ترسيخ العدالة الاجتماعية وتوسيع قاعدة المناصرة الشعبية الطبقية واسعة الطيف للثورة ومكتسباتها بحيث لم يكن بوسع أمريكا أن تلتقط أنفاسها اللاهثة شرقاً لتضرب تطلعات الانعتاق في أمريكا اللاتينية ضربات قاضية، وبما أنها تتآكل كنفوذ مطلق اليوم في وكرها الشرق أوسطي و بوتيرة متسارعة فإنها تحاول تظهير نفسها كقوة مرنة بوسعها اجتراح ساحات فعل نوعي تعيد لها كامبراطورية هيبتها وثقة شارعها المضعضع فيها عبر الاستدارة لدعم وتدشين انقلاب في (كاراكاس) ضد خليفة شافيز وحوارييه في سلطة فنزويللا البوليفارية.
لقد تشرب الجسد البوليفاري الفنزويللي سموم هذا النوع من الخسة والدسيسة الأمريكية المتواصلة بحيث لم يعد قاتلاً له وبات لحركة التغيير الثوري التي قادها شافيز قاعدتها الشعبية وأحزمتها الفدائية الحارسة لشعلة العدالة الاجتماعية كما وبات لها لجنتها التأسيسية المدرجة ضمن البناء الدستوري لفنزويللا والحاكمة على البرلمان ذي الصبغة الامبريالية الموكول إليها وإلى المؤسسة العسكرية حماية الاحتكارات النفطية الأجنبية ومصاصي دماء الشعب المفقر والمسحوق برغم ثرواته الهائلة وموقعه المتقدم في تراتبية كبار (أوبك).
من المؤسف القول إن أعداء التوجه البوليفاري الشعبي اليساري في فنزويللا هم الأرستقراطية العمالية ذات الوضع الرغيد والعاملة في الاحتكارات النفطية ، وتالياً الجيش النظامي الذي تأسس كحارس لهذه الاحتكارات ولا أعتقد أن حقبة التغيير البوليفاري القصيرة واتت شافيز وخليفته مادورو لإعادة تأهيله أو ضخ دماء نوعية وطنية ثورية فيه بما يضمن انحيازه لبلده ومسحوقيها في مواجهة ما نشأ عليه من عقيدة ودور كمبرادوري موصول بالاحتكارات الأجنبية وفي قلب هؤلاء يأتي البرلمان كشوكة ميزان تبطن الكيد للحركة البوليفارية وتتحين القضاء عليها.
غير أن الأحزمة البوليفارية المؤلفة من روابط الطلبة ومسحوقي الضواحي والدراجين يمثلون قوة الحركة الثورية المنظمة وحائط الصد الصلب الذي تحطمت عليه بجدارة أكثر من موجة تآمرية أمريكية باسم (الثورة المضادة ) كما وموجات المخربين المستجلبين من كولومبيا بدفع من حكومتها الموالية لواشنطن.
سينتصر مادورو وشعبه الحر مجدداً وسيتعاظم مد البوليفارية في فنزويللا فليس تحريك انقلاب أمريكي بغطاء برلماني اليوم (منافسو شافيز وخليفته في الانتخابات هم ذوو توجهات صهيونية سافرة) سوى استنفاد لآخر أوراق واشنطن والاحتكارات الأجنبية في هذا البلد والمتمثلة في ورقة البرلمان وإذا كان سقف القدرة في زمن شافيز لم يكن مواتياً لأكثر من فرض ضرائب بنسبة (80 في المائة على الشركات الأجنبية المستثمرة لعقود مجاناً في الطاقة) فإن الأفق واعد بتمكين مادورو من تأميم هذه الشركات بالكامل كملكية للشعب الفنزويللي وحق حصري له وحينها لن تكون واشنطن والغرب الامبريالي قد حصدت من قرصنتها الكبرى الأخيرة هذه سوى خسران ما تبقى من أغلال تكبل بها تطلعات شعب سيمون بوليفار وشافيز ومادورو.
تسقط امبراطورية اليانكي والنصر لأحرار العالم ومسحوقيه الذين رفعوا قهرهم ثورة وجراحهم مقلاعاً وبندقية في وجه الامبريالية والاستكبار من كاراكاس إلى طهران ودمشق وصنعاء والضاحية الجنوبية وغزة هاشم ورام الله الانتفاضة.

أترك تعليقاً

التعليقات