كيف تريدون أن نكون؟!
 

عبدالمجيد التركي

عبدالمجيد التركي / لا ميديا -

في بلاد الله ينام الطفل وأمه تغني له أو تحكي له حكاية أو تقرأ له قصة من كتاب مخصص لقصص الأطفال.. وفي اليمن حين ينام الطفل فإن أمه لا تغني له، ولا تحكي له قصة كباقي الأمهات في دول أخرى.. وإذا تأخر في نومه أو كان يبكي، فإنها تقول له: ارقد وإلَّا عتجي لك أم الصبيان تشلَّكْ.. وإذا سمعَت الأمّ نباح كلب في الشارع تقول له: ارقد قبل ما يجي لك الكلب ياكُلكْ.. ارقد لك مِرْقِدَة تشلَّك.
وإن كان مريضاً أو كان يبكي دون سبب، فإن الأب لا يتورع أن يقول لزوجته: خذي الطفل هذا وإلا برميه من الطاقة، ما خلانا نرقد.
كيف سيستطيع هذا الطفل أن ينام تحت هذه التهديدات، وكيف ستكون أحلامه سعيدة وهو يتوقَّع أن يأتي الكلب وينهشه إن لم ينَم في نفس اللحظة!
وحين يتحدث الطفل مع أبيه عن أي شيء، ويحاول اختلاق شيء للفخر والمبالغة- بحكم سنِّه الطفولي- يقول له أبوه: الذي يكذب يحرِّقه الله بالنار.. ويبقى مسكوناً بالخوف من الله الذي يحرق بالنار.
يتعرَّض الطفل للضرب من المدرِّس، ومن الأسرة، ويتعرَّض لسماع كلام عن عذاب القبر وصفات الشجاع الأقرع.. وبعض الآباء والأمهات يجعلون أطفالهم هدفاً لقناة طيور الجنة، ظناً منهم أن هذه القناة كفيلة بتربية الأطفال تربية إيمانية صحيحة.. وهذه القناة تبثُّ أناشيد على شاكلة: لما نستشهد بنروح الجنة!
يظلُّ الطفل الذي يخوِّفه أبوه من النار، يحلم بهذه الجنة، التي سيدخلها بعد أن يستشهد فقط، حسب ما جاء في الأنشودة.. ولا أدري لماذا نقحم الأطفال في هذه المواضيع دائماً.. حتى في ثورات الربيع العربي كان الطفل مادة مُرعبة في منهج الثورات، وكلنا رأينا الأطفال في طابور طويل وهم يلبسون أكفانهم، ومنهم من كُتب على كفنه عبارة (مشروع شهيد)!
ما الذي نرتجيه من هؤلاء الأطفال حين يكبرون..؟! وما الذي ترتجونه أنتم منّا ونحن تربَّينا على هذا الرعب؟

أترك تعليقاً

التعليقات