الحديدة ومأزق تحالف العدوان
 

محمد طاهر أنعم

محمد طاهر أنعم / لا ميديا -

الضغط المتكرر من الأمم المتحدة تجاه قضية إيقاف إطلاق النار في الحديدة يصيب قيادة العدوان السعودي الإماراتي بالإحباط والانزعاج.
فقد أعدوا عدة مبكرة، وخسروا مئات ملايين الدولارات في الإعداد لمعركة اقتحام الحديدة أو تدميرها، عن طريق حشد عشرات الآلاف من المرتزقة من حثالة قبائل الصبيحة الذين يبيعون قبيلتهم وبلادهم بالمال ومن المقاتلين المتطرفين السلفيين من المحافظات الجنوبية وتهامة وكذلك من المرتزقة السودانيين وغيرهم من الأجانب، وكذلك خسارتهم في الضربات والطلعات الجوية والبحرية منذ خمسة أشهر، وعلى الإمداد الساحلي البري والبحري ونفقات التسليح والذخيرة في مختلف مناطق الساحل، وخاصة الملتهبة منها جنوب الحديدة وفي الدريهمي والتحيتا وحيس وغيرها.
كل هذه الخسائر الكبيرة كان العدوان (وخاصة حكام دويلة الإمارات) يمنون أنفسهم أن تكون نهايتها احتلال الحديدة (أهم الموانئ اليمنية حالياً) أو تدمير مينائها على الأقل بحجة الحرب والقذائف مجهولة المصدر، وكل ذلك من أجل خنق صنعاء والمناطق اليمنية غير المحتلة، وزيادة الحصار الاقتصادي عليها من ناحية، ومن أجل إكمال السيطرة على السواحل اليمنية من ناحية أخرى، وهو هدف إماراتي استراتيجي كما هو ظاهر منذ بداية الحرب.
وقد جاء القرار الأممي (2451) في وقت حساس لم يستطع الإماراتيون والسعوديون معارضته، بسبب أزمة خاشقجي، وبسبب زيادة الحديث في الإعلام الغربي عن المجاعة في اليمن والتي تسبب بها العدوان السعودي الإماراتي، مما جعلهم ينساقون مكرهين لنتائج مفاوضات السويد 2018، وللقرار الأممي الذي جعل نتيجتها ملزمة ورسمية، وأهم ما فيها إيقاف إطلاق النار في مدينة الحديدة والموانئ اليمنية الثلاثة الواقعة فيها وبالقرب منها (الحديدة والصليف ورأس عيسى).
ولا شك أن قيادات العدوان السياسية والعسكرية في الرياض وأبوظبي في غيظ شديد من ذلك القرار، ويشعرون بأنه أوقف طموحاتهم وضيع خساراتهم الكبيرة جداً منذ شهور، وهم يريدون إسقاطه بأي وسيلة غير مباشرة، ولذلك عمدوا طوال الفترة الماضية لخروقات كثيرة جداً لاتفاق إيقاف إطلاق النار، ويأمرون مرتزقتهم بإطلاق قذائف الهاون وإطلاق النار والذخيرة، محاولين استفزاز الجيش اليمني للرد عليهم حتى يسقط الاتفاق، ويتحمل الطرفان مسؤولية خرقه، بل وصل بهم الأمر لاستئناف ضربات الطيران مؤخراً على مدينة الحديدة في محاولة أخيرة بائسة لجعل الاتفاق ينهار.
ولكن كل هذه التصرفات لم تُجْدِ حتى الآن، واستطاعت الأمم المتحدة أن تجد حلاً لمكان عقد المشاورات بعد أن امتنع طرف مرتزقة العدوان عن الحضور للحديدة باعتبارها منطقة غير آمنة بزعمهم، فاستأجرت الأمم المتحدة سفينة في البحر لتكون مقراً للاجتماعات والمشاورات حول تنفيذ القرار الأممي بإيقاف إطلاق النار، وهذا ما سبب حالة من عدم التوازن للعدوان ومرتزقته وخيبة أمل كبيرة.
وهذا ما يجب أن يفهمه اليمنيون، وهو أن إيقاف الاعتداء على الحديدة وسكانها المسالمين هو مطلب يمني قبل أن يكون أممياً، وأن التدخل الأممي في هذا الوقت بسبب المتغيرات الدولية وبسبب تداعيات حادثة خاشقجي والتناول الإعلامي الكبير للمجاعة في اليمن، هو أمر لصالح اليمنيين يجب استثماره حتى أقصى ما يمكن والتعامل معه بواقعية وذكاء سياسي وطول بال.

أترك تعليقاً

التعليقات