استنساخ الوهم
 

أحمد الحسني

أحمد الحسني / لا ميديا -

النواب البضعة والسبعون الذين شحنتهم المملكة إلى سيئون لإعلان نسخة التحالف الخاصة من مجلس النواب اليمني، كترقيع لشرعية الفنادق المهلهلة التي يشن باسمها تحالف المملكة عدوانه على اليمن، ويطبق حصاره منذ 4 سنوات، قدموا عرضاً إضافياً فوق صفقة الوهم، وأعلنوا على هامش اجتماعهم في سيئون عن تحالف بين القوى السياسية التي تقاسموا باسمها مقاعد رئاسة برلمان التحالف، مسبغين بذلك على قيادة التحالف مزيداً من الخدر اللذيذ والركون الى أنه بإعلان ذلك التحالف تكون قد ضمت منظمات المجتمع المدني الى حكومة هادي وعمامة الهتار وبرلمان البركاني، وصار اليمن بقضه وقضيضه في صف التحالف، وكل شيء تحت السيطرة كما يقال.. 
لقد صدقت وسائل إعلام المرتزقة بوصفها إشهار ذلك التحالف بأنه لا يقل أهمية عن اجتماع برلمان البركاني في سيئون، فكلا الأمرين عديم الأهمية، وليس دون العدم شيء يمكن القول بأنه أقل منه، وبالتالي فلا يمكن القول إن إشهار ذلك التحالف الهامشي أقل أهمية من حفلة تنصيب البركاني، وإنما هما متساويان في عدم الأهمية، ولا تأثير لأي منهما على مجريات الأحداث ومستقبل المعركة عسكرياً وسياسياً، وهذا القول ليس عملاً دعائياً يقوم على التهوين من شأن الخصم بالقفز على الحقائق أو تجاوز الموضوعية في تقيبم اجتماع سيئون وهوامشه، فلسنا بحاجة لخداع أنفسنا، وإنما ننطلق في ذلك من جملة حقائق يمليها الواقع.
الأولى أن الجبهات بالتزامن مع اجتماع سيئون وإشهار التحالف شهدت انتصارات نوعية للجيش واللجان، خصوصاً في محوري الضالع والجوف.
الثانية أن المناطق التي تخضع للاحتلال وسيطرة حكومة هادي، شهدت في ذات الوقت مواجهات مسلحة بين فصائل مرتزقة الداخل وبين بعضها والمرتزقة السودانيين في أكثر من محور كما شهدت تبايناً حاداً في المواقف من انعقاد برلمان البركاني، تجلى بوضوح في التظاهرات التي شهدتها مدن الجنوب المحتلة الرافضة له وبوضوح أكبر في انعقاد الاجتماع وهوامشه في سيئون بخفارة لواء كامل من الجيش السعودي بدلاً من الاجتماع في العاصمة المؤقتة عدن كما هو مفترض، ومن ثم غادر هادي في اليوم التالي إلى مقر إقامته في العاصمة السعودية دون أن يتغير في الأمر شيء بعد ما يقارب الشهر من ترويج إعلام المرتزقة بأن اجتماع سيئون ستصاحبه عودة هادي إلى اليمن بشكل نهائي، وانتهاء مرحلة الحكم من فنادق الرياض التي استمرت لأكثر من 4 سنوات. 
الثالثة أن اجتماع برلمان البركاني والتحالف المشهر على هامشه لم يغيرا شيئاً في المواقف الدولية من الحرب والحصار والتنامي المطرد في مطالب وقف الحرب وضرورة رفع الحصار، ولم يضف ما حدث في سيئون اعترافاً جديداً بشرعية هادي وحكومته، ولم تر فيه الأمم المتحدة متغيراً يستدعي حتى صدور بلاغ صحفي من مجلس الأمن بشأنه، ولا حتى إدراجه ضمن جدول أعمال جلسة اعتيادية كمستجد في الشأن اليمني يستدعي استعراضه، بل إن الرعاة الرسميين للعدوان، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة وبريطانيا، لم تجد في اجتماع سيئون ما يستحق أكثر من تصريحات مقتضبة لبعض دبلوماسييها تشفع القليل من عبارات المجاملة الدبلوماسية الاعتيادية بالكثير من الأمنيات أن تقف الحرب ويرفع الحصار وتبدأ مفاوضات السلام دون شروط.
الحقيقة الرابعة هي أن كل الاحزاب والتنظيمات السياسية تستمد شرعيتها من الولاء للوطن والتزامها بثوابت الأمة ونصوص الدستور، والتنظيم أو التحالف السياسي الذي يقف في صف العدوان على بلده لا يمنح شرعية ولا يعززها، وإنما يفقد بالخيانة شرعيته، كما أن البرامج السياسية واللوائح التنظيمية للأحزاب السياسية اليمنية جميعاً تجعل الانتماء إلى عضويتها مشروطاً بالولاء للوطن والالتزام بدستور الجمهورية اليمنية، والذين أعلنوا تحالف دعم العدوان في سيئون أياً كان انتماؤهم السياسي ومواقعهم التنظيمية في الأحزاب التي ينتمون إليها، إنما أشهروا فقط خيانتهم والتخلي عن انتمائهم للتنظيمات التي أشهروا باسمها تحالفهم الهامشي، ويبقى فقط أن تقوم الأحزاب التي تحدثوا باسمها، عن إعلانهم غير منتمين لها.. 
نحن في معركة لا تحتمل التعددية، وهناك انتماءان فقط صف اليمن وصف العدوان، مدافع عن وطنك أو خائن. لقد اختار أولئك النفر المتحالفون مع العدوان في سيئون، التخلي بذلك عن انتماءاتهم السياسية، ويجب أن تدرك أحزابهم أن عضوية التنظيم ليست نسباً، وإنما التزام ببرنامج سياسي ولوائح تنظيمية، وأن التشبث بالخارجين عليها ليس محافظة على الحزب، وإنما تفريط فيه وإلغاء لوجوده. لقد اختاروا الخيانة والاصطفاف مع العدوان بكل وقاحة، ويبقى ألَّا نكون أقل جرأة منهم في اختيار شرف البراءة منها وشرف الاصطفاف مع اليمن.

أترك تعليقاً

التعليقات