عام على الانكسار
 

عبد الحافظ معجب

عبد الحافظ معجب / لا ميديا -

كانت ومازالت مدينة الحديدة وميناؤها هدفاً رئيسياً لدول تحالف العدوان على اليمن منذ ما قبل انطلاق عمليات "عاصفة الحزم"، لما تمثله المدينة الواقعة على ساحل البحر الأحمر من أهمية جغرافية واستراتيجية مهمة. ويكتسب البحر الأحمر أهميته الاستراتيجية من الموقع الجغرافي الذي يربط القوى الإقليمية بالمحيطين الهندي والأطلسي، لاسيما وأنه الطريق الرئيسي الذى يمر من خلاله نفط وغاز الخليج وإيران إلى الأسواق الأوروبية، وعبره تنقل دول أوروبا 60% من احتياجاتها للطاقة، فيما تنقل الولايات المتحدة الأميركية عبره أيضاً ما يقارب 25% من احتياجاتها للنفط.
في معركة الحديدة تداخلت المصالح العالمية والاقليمية، حيث بدأ التركيز الصهيوني على الحديدة والبحر الأحمر منذ وقت مبكر، لأن "إسرائيل" اعتبرت وجود القوى الثورية التي صعدت إلى السلطة بعد ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر في اليمن خطراً على أمنها القومي، لأن هؤلاء الثوار لا يرضخون للوصاية الصهيوخليجية. وعلى الرغم من قصر ساحلها على البحر الأحمر والذي يبلغ طوله سبعة أميال، أعطت "إسرائيل" اهتماما كبيراً لمعركة الحديدة. باعتبارها جزءاً من أمنها القومي. والجميع يعرف أن الكيان الصهيوني يخطط منذ نشأته للسيطرة على البحر الأَحمر بجميع منافذه وإقامة ما يسمى بـ"إسرائيل الكبرى" الممتدة بحسب ادعاءاتهم من النيل إلى الفرات.
لم تكن الإمارات والسعودية لوحدهما في هذه المعركة، بل شارك البنتاجون الأمريكي والمخابرات الصهيونية والأسلحة البريطانية والفرنسية والألمانية، وانكسر الجميع على أبواب المدينة الصامدة...
الجميع في الداخل والخارج كانوا يتوقعون أن الحديدة ستسقط أمام كل هذه الأطماع، بعد أن حشد الطامعون مقاتليهم وأسلحتهم، وساندتهم الطائرات والبوارج. ووحده المواطن التهامي الحر الشريف كان يدرك أن السقوط مستحيل. صمدت المدينة وصمد سكانها وتداعى كل رجالات اليمن وقبائلها جنوداً مجندة للدفاع عن المدينة ومينائها حتى سقط الطامعون وأطماعهم.
المساكين هم المغرر بهم الذين صدقوا إعلام "نجوى قاسم" بأن الحديدة أصبحت تحت سيطرة دول العدوان ولم يتبق سوى ساعات قليلة لاحتلال الميناء والسيطرة عليه! وتوجهوا إلى الحديدة باحثين عن مغنم، ولم يجدوا سوى نيران حمراء تلقفتهم في صحراء المدينة ورمالها، منهم من لقي مصرعه ومنهم من ينتظر عفواً أو صفقة تبادل للإفراج عنه.
في مثل هذه الأيام من العام الماضي وفي بداية الشهر الفضيل كانت قنوات التضليل تروج لإشاعات عن انهيارات كبيرة في صفوف الجيش واللجان وسقوط وشيك للمدينة ومينائها، بل إن بعض هذه القنوات ذهبت للإعلان عن فرار جماعي للسلطات الأمنية والمحلية من المدينة وبيع الممتلكات ونهب المؤسسات... الآن وبعد مرور عام على الانكسار يمكننا القول بأن أطماع ورغبات وأحلام العدوان بالسيطرة على عروس البحر الأحمر تحولت إلى كوابيس.

أترك تعليقاً

التعليقات