الرّدّ الرّحيم وقواعد الاشتباك
 

شوقي عواضة

شوقي عواضـة / لا ميديا -
لم تكفِ كلّ المليارات التي أنفقها النظام السعودي على شراء الأسلحة الأمريكية والغربية لتحصين أنظمة دفاع الكيان السعودي ونظامه، ولم تحمِه من هجومات الطّائرات المسيّرة والصّواريخ الباليستية، بل عجزت عن التصدي لها وتحقيق أي إنجاز ميداني أو فرض أي تغيير في قواعد الاشتباك، وتحولت تلك الترسانة العسكريّة المتطوّرة جداً إلى خردةٍ من الحديد وغنائمَ بيد الجيش واللّجان الشّعبية.
شكّلت الغاراتُ الـ451 التي شنّها التّحالف العدواني خلال 24 يوماً من كانون الأول/ ديسمبر الفائت مستهدفاً المناطق السّكنية في محافظات صنعاء ومأرب وصعدة والحديدة وحجة والجوف وتعز وعسير دليلاً إضافيّاً على وحشية وهمجية دول التّحالف العدواني، وانكشاف مدى فشله وتخبطه طيلة سنوات العدوان، وتحوّله إلى حرب إبادةٍ جماعيّةٍ يقودها تحالفٌ إجراميٌّ يشاركه في الجريمة ما يسمّى المجتمع الدّولي بكلّ مؤسّساته وكياناته التي أنشئت من أجل خدمة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الذين هُزموا شرّ هزيمةٍ على مدى 7 سنوات من المواجهات على أيدي رجال اليمن الأشدّاء، هزيمة عسكريّة نكراء وهزيمة إنسانيّة بكلّ ما للكلمة من معنى جرّدتهم خلالها دماء الأطفال والنّساء والشّيوخ من إنسانيّتهم.
فمنذ إعلان العدوان من واشنطن، الذي تبعه إعلان محمد بن سلمان أنّه سيحسم الحرب خلال شهرٍ بقوّة تحالفه المكوّن من 15 دولة، حدثت تحولاتٌ استراتيجيّةٌ وتغييراتٌ نوعيّةٌ في قواعد الاشتباك أدّت إلى هزيمة التّحالف العدواني وسيطرة الجيش اليمني واللّجان الشّعبيّة على معظم المحافظات اليمنيّة التي كانت تحتلّها قوّات التّحالف العدواني وانتقال الجيش اليمني واللّجان الشّعبيّة من موقع الدّفاع إلى موقع الهجوم في ظل حصار عتي لم يمنع المؤسسة العسكرية اليمنية من تطوير قدراتها الصاروخية وصناعاتها العسكرية من صواريخ باليستية وغيرها وطائرات مسيرة، في مقابل اعتماد النّظام السعودي على شراء المزيد من الأسلحة والمنظومات الصّاروخيّة الدّفاعيّة والهجوميّة والدّبابات والطّائرات والعتاد في محاولة لاستعادة ماء الوجه لأعتى تحالفٍ تقوده الولايات المتحدة الأمريكيّة وبريطانيا، ومحاولة لتغيير قواعد الاشتباك. وقد توزّعت قيمة الصّفقات كما يلي:
1 ـ بلغ حجم صادرات السّلاح الأمريكي للنّظام السّعودي بين 2015 و2019، أي بداية العدوان، أكثر من 50 مليار دولار لتصل لاحقا إلى 400 مليار دولار، شملت معدّاتٍ وأسلحةً عسكريّةً ومروحياتٍ وسفناً حربيّةً ودبابات إبرامز إضافةً إلى طائراتٍ حربيّةٍ.
2 ـ شراء أسلحةٍ وذخائرَ ومعدّاتٍ عسكريّةٍ من بريطانيا بقيمة 13 مليار جنيه استرليني.
3 ـ صفقة منظومة الصّواريخ الرّوسية الشّهيرة "إس 400 تريومف"، إضافةً إلى فتح مصنعٍ لإنتاج بنادق كلاشينكوف في المملكة، وبلغ تكلفة الصّفقات قرابة 3 مليارات دولار.
4 ـ صفقة أسلحةٍ وزوارقَ ألمانية بقيمة 18 مليار يورو.
5 ـ مدرّعات وصواريخ مضادة للدّروع وزوارق خفر السّواحل وطائرات ومروحيات بقيمة 16 مليار يورو.
لم تكفِ كلّ تلك المليارات لتحصين أنظمة دفاع الكيان السعودي ونظامه، ولم تحمِه أو تحصّنه تلك الأسلحة من هجومات الطّائرات المسيّرة والصّواريخ الباليستية، بل عجزت عن التصدي لها وتحقيق أي إنجاز ميداني أو فرض أي تغيير في قواعد الاشتباك، وتحولت تلك الترسانة العسكريّة المتطوّرة جداً إلى خردةٍ من الحديد وغنائمَ بيد الجيش واللّجان الشّعبية، فعمدوا إلى الاستعانة بخبراءَ من كبار الأكاديميّات العسكريّة الأمريكيّة والبريطانيّة وبنخبة الطّيارين أيضاً وفرق الكوماندوز، وما ازداد الأمر إلّا وبالاً وهزائمَ متلاحقةً تبرز من خلال مراقبة أداء العدوان الإجرامي بحربه الإباديّة التي تستهدف المدنيين والعزَّل من النّاس، ليطلعنا إعلامه الكاذب على مدى سنوات العدوان السّبع بأنّه دمّر قاعدةً هنا أو أغار على مركزٍ عسكريٍّ هناك أو استهدف منصّات صواريخ.
وإذا ما أخذنا ببيانات العدوان العسكرية وحساباته وفقاً لمطبخ إعلامه لكان من الطبيعي أن يكون قد قضى على 50% على الأقلّ من قوّة الجيش واللّجان الشّعبيّة ومن قدراتها الصّاروخية وإضعافها، وإلّا فليفسّر للرّأي العام كذبته وليقدّم تبريراً واحداً لاستمرار عدوانه.
وإذا كان قد أنجز كلّ الأهداف التي يتحدّث عنها في إعلامه فيكون قد حقّق أهدافه، وبالتالي يجب إيقاف عدوانه. أمّا إذا لم يحقّق أهدافه ويدّعي أنّه على مدى 7 سنوات يستهدف المراكز والأهداف العسكريّة فليفسّر لنا من الذي يطلق الصّواريخ الباليستيّة والطّائرات المسيّرة، ومن الذي حرّر معظم المحافظات اليمنيّة!
ولا أظنّ أنّ التّحالف العدواني الذي كُسرت هيبته يقاتل أشباحاً، بل يقاتل رجالاً لا زالوا يخوضون حرباً رحيمةً وفقاً لتعاليم سيّد اليمن وعزيزه، السيد عبدالملك الحوثي، في مقابل تصاعد وتيرة ارتكاب العدوان للمجازر بحقّ المدنيين يومياً، وهذا يؤشر في اللغة العسكرية إلى إفلاس وتخبط العدوان الذي يراهن على إمكانية تحقيق إنجاز أو انتصار ولو صغير يحفظ ماء وجهه، لكنّما الواقع يقول بأنّ الأهداف التي فشل في تحقيقها التّحالف العدواني فشلاً ذريعاً على مدى سبع سنوات لن يحقّقها الآن بالمزيد من الإجرام وارتكاب المجازر، وعليه أن يعلم أنّ استمرار العدوان والحصار وارتكاب المجازر سيفرض قواعد اشتباكٍ جديدة ليس بمقدوره أن يتحمّل عواقبها خارجيا ولا في الدّاخل.
السعودي حينها لعله يدرك أنّ الطّائرات التي استهدفت أرامكو ومطارات أبها والملك عبدالله وغيرها من الأهداف داخل العمق السعودي قد تتسع رقعة أهدافها لتطال مناطق أوسع ومؤسسات أكثر، رغم أنها حتى الآن لم تضع ضمن بنك أهدافها مثلاً محطات تحلية المياه ومحطات توليد الكهرباء ولا حتّى الثّكنات العسكريّة داخل الكيان السعودي أو أية مؤسسات أخرى.
وعليه، فإن على حاكم الرّياض وحلفائه أن يعيدوا تقييم عدوانهم الفاشل ويأخذوا العبرة من التّاريخ القريب ويدركوا أنّ الجيش الذي قيل إنه لا يُقهر هُزِم في لبنان بعزيمة المقاومين قبل أن تدمّر أحدث دباباته بالعبوات المتواضعة، وقبل أن يفرض صاروخ الكاتيوشيا معادلة توازن الرّعب. وكذلك الأمر في اليمن الذي ما أراده جبار بسوءٍ إلّا وقصم الله ظهره.

أترك تعليقاً

التعليقات