تلافي ظهور سيد الثورة مجددا
مهلة اخرى تتمنح للسعودية تعني خسارة كيانها


قبل أيلول 2014م وضعت العائلة المالكة "السعودية" حركة "أنصار الله" على قائمة الحركات الموصوفة بالارهابية، وعقب هذا التاريخ أطلقت عليها وصف "جماعة انقلابية".
في طورها "الإرهابي" قوّضت الحركة كقيادة طليعية لثورة 21 أيلول، منظومة السيطرة التقليدية الوكيلة لـــ "بني سعود" وبترت أذرعة نفوذها التخريبية في اليمن وردمت حواضنها وأوكارها القاعدية..
وفي طورها "الانقلابي" باتت الحركة - كرد فعل مشروع في مواجهة العدوان الكوني على شعبها وبلدها - قيد كيلومترات من مخادع أمراء وملوك "بني سعود"، وتطال نيرانها مشارف "عاصمة قرن الشيطان" وتلتهم أطراف العباءات الحريرية الملكية المذهبَّة.
لا أحد جارى "السعودية" بين دول العالم في توصيف "أنصار الله" بالحركة الإرهابية، ولا استساغه رسمياً حتى الأمريكيون مستخدمو هذا الكيان العائلي الوظيفي الذي يخوض حربه القذرة على اليمن بالنيابة عنهم.
إلى ذلك فإن مفاوضات "مسقط، جنيف" التي دارت وتدور برعاية "عُمانية، أممية" أطاحت عملياً بإمكانية أن توصف الحركة بــ "الانقلابية".
على مصاف مزدوج سياسي - عسكري؛ تخسر السعودية حربها بتماديها في محاولة فرض مقارباتها الانفرادية الكاريكاتورية والبائسة للوضع في اليمن، على العالم عموماً ومستخدميها الأمريكان بوجه الخصوص.
في الفترة قبل أيلول 2014م كانت "مليشيات الحوثي الإرهابية" وبعده "مليشيات الحوثي وعفاش الانقلابية" التي اتسعت لتدل - في معجم عربان الرياض- على كل الدولة اليمنية ومكوناتها الاجتماعية السياسية ومؤسساتها العسكرية والأمنية والمدنية الفاعلة على الأرض.. أي أن كل التراب والمكتسبات وكل الشعب بوصفه "مليشيات انقلابية غير شرعية"؛بات مستهدفاً لــــ "عاصفة العدوان" بوصفها "إعادة أمل، وشرعية".
لقد أفسحت هذه المقاربة النظرية والعملياتية العدائية المحضة مجالاً شعبياً رحباً وناضجاً أمام "أنصار الله" كقيادة طليعية، على مصاف عمليات التعبئة الحربية في مواجهة عدوان لا يستثني أحداً، وأفضت "محاولات عزلها السابقة واللاحقة" إلى ذيوع خطابها وتنامي شعبيتها على نطاق اليمن والمنطقة العربية، وجعلها وصفها بـــ "الانقلابية" - كما جعل حزب المؤتمر بقيادة صالح - في حِلّ من الالتزام باتفاقيات ترسيم الحدود بين صنعاء والرياض من "الطائف34" إلى "جدة 99"..
في هذا السياق يتجلى البعد الاستراتيجي لعمليات التوغل النوعية المدروسة والجريئة التي يقوم بها أبطال الجيش واللجان الشعبية في عمق المملكة الجنوبي "الأراضي اليمنية السليبة" وهي عمليات تقضم تدريجياً أبرز المداميك الديموغرافية التي اتكأ عليها كيان "بني سعود" الطارئ والكسيح في تحوُّله إلى طفرة "مملكة" عام 1934م.. كما تعيد تصفير عداد تعاقدات كبّلت بها العائلة السعودية المالكة أعناق المكونات الاجتماعية لــــ "نجران وجيزان وعسير" التي عاشت وتعيش على هامش الثروة والسلطة أشظف الظروف وأضنكها..             "ما الورقة التي على الرياض أن تربحها في مقابل خسارة جنوبها برأيكم..!!".
وتكمن الأبعاد الاستراتيجية الأخرى لعمليات الجيش واللجان الشعبية في الوعي العميق بالخطوط العريضة التي يستهدفالعدوان السعودي الأمريكي تحقيقها، ومحاكاة أغوار دماغه العسكري، ومن ثم مفاجأته في حساباته على الأرض بضربات نوعية من حيث التوقيت والمكان والأداة المستخدمة في الرد..
لم يعد بمقدور الكيان السعودي إدارة تناقضاته الداخلية - التي تعمِّقها خسائره في اليمن وسوريا والعراق ولبنان - عبر سياسة "إخماد النيران بالنفط".. وإذ يشتري خارجياً المهلة تلو المهلة لإنجاز متغير ميداني ثمين في اليمن، يصرفه على طاولة "جنيف" وفي "كواليس مسقط حيث التفاوضات مباشرةً" ؛فإنه يخسر المزيد من الأوراق التي اعتقد أنها باتت في يده ميدانياً..
ما هي أخبار "مأرب" أقصر خطوط العبور إلى صنعاء ولاحتلالها؟ّ لقد صارت أبعدها وأوعرها بالنظر إلى فداحة مردودها عليه أرواحاً وعتاداً و "خذلاناً قبلياً"..
وفي طول وعرض الأراضي المتاخمة لــ"باب المندب والمخا وذباب" بحراً، هناك فوهات أسلحة نوعية كامنة وفاغرة تتصيد البارجة تلو الأخرى، ورجال يزحفون كالأشباح ويفاجئون العدو في أعتى ثكناته في "الصبيحة وتخوم العند ورأس العارة.. وعمق شبوة"..
يدرك "بان كي مون وولد الشيخ" ومن ورائهم البيت الأبيض والرياض وتل أبيب، الرسائل المخبأة خلف مقاطع فيديوهات الإعلام الحربي والتي كان أبرزها وأغزرها دلالة مشاهد "سقوط مدينة الربوعة في عسير" الأسبوع الفائت..
تحدث السيد عبدالملك الحوثي في ذكرى استشهاد "الإمام زيد" فانفتحت مغاليق "الربوعة" شمالاً و "دمت الضالع" جنوب وسط، و"المسراخ تعز" جنوب غرب..
أزفت جميع المهُل التي تمنح لتحالف العدوان السعودي الأمريكي مسفرة عن نقيض ما توقع مطبخ الأمم المتآمرة منها..
أعتقد أن مهلة أخرى لن تعني سوى ظهور سيد الثورة مجدداً في 30 نوفمبر الجاري ليقرأ خطاب الاستقلال..
ضع التقويم الهجري والميلادي نصب عينيك أيها العالم المنافق..