إريك برنس رجل الجريمة الأمريكي ومؤسس المنظمة سيئة الصيت
من « بلاك ووتر» في مستنقعات كارولاينا إلى «أكاديمي» في صحراء أبوظبي 


عام 2011م،  وتحت تأثير حمى الربيع العربي، وقعت سلطات أبوظبي مع الرئيس التنفيذي السابق لشركة « بلاك ووتر» الأميركي إريك برنس، عقداً لتشكيل جيش من المرتزقة الأجانب لتنفيذ مهام العمليات الخاصة بقيمة تجاوزت نصف مليار دولار . العقد الذي تم توقيعه في 13 يوليو 2010، وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز التي نشرت بنوده، حدد عدداً من المهام لجيش المرتزقةـ داخل دولة الإمارات وخارجهاـ من بينها: حماية أنابيب النفط وناطحات السحاب وتوفيرالدعم اللوجستي للجيش الإماراتي في حالة نشوب صراع مع إيران. وكان واضحاً دون لبس، أن فوبيا الربيع العربي كانت دافعاً لأمراء النفط للبحث عن وسائل حماية في حال وصلت حمى الربيع إلى الشارع الخليجي. وبالقرب من مدينة زايد العسكرية في صحراء أبوظبي، أنشئ معسكر المرتزقة تحت اسم «أكاديمي» كنسخة جديدة ومطورة من «بلاك ووتر» التي أسسها «برنس» عام 1997 على مساحة 7 آلاف فدان بمحاذاة مستنقعات كارولاينا الشمالية في الولايات المتحدة، كشركة خاصة لتقديم الخدمات الأمنية وكانت الخارجية الأميركية ووكالة الاستخبارات المركزية « cia» أبرز عملاء الشركة أو المستفيدين من خدماتها. بدأت عملية تجنيد المرتزقة لتشكيل الكتيبة الأولى من 800 رجل، وتولى تدريبهم خبراء أمريكيون، ومهنيون عسكريون من بريطانيا وفرنسا وألمانيا ممن لديهم خلفية في القوات الخاصة والمخابرات. يتقاضى المدربون من 200-300 ألف دولار سنوياًّ، في حين يتلقى المجندون حوالي 150 دولاراً في اليوم. وفقاًلتقرير نشرته شبكة 
«فولتير» الإخبارية الإيطالية. في يونيو 2011، شاركت عناصر من معسكر المرتزقة بقعمع الانتفاضة الشعبية في البحرين بوحشية. وأشار التقرير إلى أن العمليات الخاصة لجيش المرتزقة السري، يمكن أن تمتد إلىدول مثل مصر وتونس، لكسر الحركات الشعبية وضمان بقاء السلطة في يد الحكومات التي تدعم مصالح الولايات المتحدة والقوى الأوروبية الكبرى. وجاء في التقرير:
«التحالف العسكري الأمريكيـ الناتوـ يخطط لاستخدام الجيش السري من المرتزقة لتحقيق عدد من أهدافه الكامنة، من بينها: حماية المنشآت النفطية في أيدي شركات النفط الأمريكية والأوروبية، القضاء على خصومهم، والحفاظ على دول ضعيفة ومنقسمة». 

مشروع في الصومال أواخر 2011 
تولى قائد المرتزقة، إريك برنس، تأسيس معسكر تدريبي في جمهورية أرض الصومال - التي تشكل الضفة الجنوبية لخليج عدن ـ بتمويل من إمارة دبي، بهدف مكافحة القرصنةـ وفقاً لما نشرته صحيفة نيويوك تايمز في أحد أعدادهاوعلى مدى أشهر، تلقى نحو خمسمائة صومالي تدريبات مكثفة على مختلف أنواع الأسلحة الحديثة، وتحت ضغط الفقر والحاجة والأمل في الحصول على مصدر للرزق، تحمل المتدربون مشقة التدريب وتعرض الكثيرون منهم للضرب، وقُتِلَ بعضهم أثناء التدريب. 

مشروع وقح
 لقي المشروع انتقادات دولية واسعة باعتباره انتهاكاً لقرارات حظر الأسلحة، ووصفه تقريرأممي في 2012 بأنه مشروع وقح. في نفس العام، ألغي المشروع في ظروف غامضة،دون أن يدفع للمتدربين مستحقاتهم المالية التي وعدوا بها. وشكل الانسحاب المفاجئ دون معرفة مصير الشباب أو السلاح الذي كان بحوزتهم ليتحولوا إلى مصدر قلق على الأمن في المنطقة، وتحولت أهداف المشروع المعلنة ـ مكافحة القرصنة ـ إلى النقيض منها تماماً.

أزمة بلاك ووتر 
كانت حادثة تدمير البارجة كول في ميناء عدن في أكتوبر عام 2000م بالنسبة لـ «بلاك ووتر» بمثابة ابتسامة الحظ،  إذ بدأ نشاط الشركة ومهامها يتوسعان في الخارج، وخصوصاً بعد حادثة 11 سبتمبر 2001م، ومن بعدها غزو أفغانستان، ثم العراق في 2003م،وبحلول 2007م  بلغ إجمالي قيمة العقود التي وقعتها «بلاك ووتر» مع الإدارة الأميركية وحكومات دول أخرى نحو مليار دولار، وعلى سبيل المثال: حصلت الشركة على 27 مليون دولار مقابل توفير الحماية لـ «بول بريمر» الحاكم الذي نصبته الولايات المتحدة حاكماً على العراق بعد الإطاحة بنظام صدام حسين في 2003م  بحسب تقارير صحفية غربية، وشكل عام 2007 نهاية العصر الذهبي لـ «بلاك ووتر «والذي تزامن مع تسلم الديمقراطيين مفاتيح البيت الأبيض، وانحسار تأثير حلفاء
«البرنس» من الصقور الجمهوريين، وإلغاء الحكومة العراقية عقد الشركة بعد حادثة ميدان النسور.عام 2009 عرض «بلاك ووتر»  للبيع هرباً من المسؤوليات القانونية بعد تزايد الاتهامات والدعاوى القضائية على خلفية الجرائم التي ارتكبتها في العراق وأفغانستان والصومال، والتي شملت: القتل خارج القانون، والتهديد، والاتجار غير المشروع بالسلاح، وغسيل الأموال.
بلاك ووتر في قوالب جديدة
 وفي عام 2010م ظهرت الشركة تحت اسم « XE» وهو كما قال «إريك برنس» في مقابلة مع قناة «الجزيرة أميركا» الرمز الكيميائي للزينون، وهو غاز خامل غير قابل للاحتراق، ومع ذلك استمرت الملاحقات القضائية للبرنس وشركته وسط حملات إدانة وتشهير من قبل ناشطين ومنظمات حقوقية في أميركا والعديد من دول العالم.
وقد جاء العرض الإماراتي بمثابة  إعادة الروح لإمبراطورية الشركة التي أطلقت في أبوظبي نسختها الثالثة المعروفة حالياًّ باسم « أكاديمي» بعد أكثر من ثلاث سنوات عجاف للشركة التي كانت تعيش حصاراً قضائياًّ وشعبياًّ وانحساراً في مواردها المالية، وخصوصاً بعد إدانة عناصرها بقتل 17 مدنياًّ عراقياًّ وجرح عشرين آخرين في ميدان النسور بالعاصمة العراقية بغداد عام 2007م، وهي الحادثة التي دفعت الحكومة العراقية إلى فسخ العقد مع الشركة ووقف أنشطتها في العراق.

مجرم حرب
 فشل إريك برنس في الدفاع عن شركته أمام القضاء، وفشل أكثر أمام معارضيه من عامة الشعب الأميركي الذين يصفونه كمجرم حرب، وفي 22نوفمبر 2013م تحولت فعالية توقيع كتابه « يورز وور» الذي حاول فيه الدفاع عن شركته إلى مناسبة لإدانته، حيث اصطف العشرات من الناشطين الأميركيين حول مبنى المكتبة المركزية في فيلادلفيا حاملين اللافتات المنددة بجرائمه حول العالم. ودعا المحتجون إلى ضرورة القبض عليه ومحاكمته. كما اعتبروا إقامة حفل توقيع كتابه في مكتبة المدينة بمثابة عارعلى المكتبة العريقة، ويتنافى مع أهدافها السامية والنبيلة . خلال المحاضرة التي ألقاها في المكتبة، دافع برنس بشدة عن شركات الأمن الخاصة، معتبراً أن الولايات المتحدة بدأت عبر شركة خاصة.. وقال لمنتقديه: ألم تكن «جيمس تاون «تابعة لشركة خاصة يجري تداولها في بورصة لندن؟, في إشارة منه إلى أول مستوطنة بريطانية دائمة في أميركا، أسست عام 1607 باسم جيمس تاون، وكانت تابعة لشركة لندن التي عملت على استثمارها اقتصادياًّ وبشرياًّ وجلبت إليها المستوطنين والعمال من أوروبا وإفريقيا.. وأضاف: لو أن بلاك ووتر كانت مسؤولة عن حماية القنصلية الأميركية في بنغازي لما قتل السفير كريستوفر ستيفنز. وحول مقتل 17 مدنياًّ عراقياًّ على أيدي عناصرمن شركته في العراق، قال:إنها فعلاً مأساة، لكن تصرف أولئك العناصر كان مناسباً!!. 

من المستنقع إلى الصحراء
انتشل محمد بن زايد مجرمَ الحرم الحرب من مستنقعات كارولاينا وغرسه في صحراء أبوظبي، في عملية أشبه بإعادة الروح لإمبراطورية الجريمة المنظمة العابرة للقارات.. أصبح البرنس الأميركي الآن أكثر تحللاً من المسؤوليات والأخلاق وأكثر تعطشاً للمال والدماء.  وإن كان من قبل يعمل في ظل قانون الغاب، فقد بات يعمل في ظل قانون الصحراء، حيث لا حياة لمن تنادي.لا يوجد معلومات دقيقة عن أعداد المرتزقة الذين تم حشدهم إلى معسكر «أكاديمي» في الإمارات خلال الخمس السنوات الماضية، لكن بعض المصادر الغربية تشير إلى أن الاتفاق قضى بتشكيل لواء من بضعة آلاف.

بلاك ووتر في اليمن
بعد مقتل العشرات من الضباط والجنود الإماراتيين في مأرب بالعملية النوعية التي نفذها الجيش اليمني واللجان الشعبية من خلال إطلاق صاروخ توشكا على معسكر الغزاة في منطقة صافر في الرابع منسبتمبر الماضي، لجأت الإمارات إلى استخدام ورقة المرتزقة في معسكر «أكاديمي» بصحراء أبوظبي، ليحلوا بديلاً عن قواتها التي أعلنت سحبها من اليمن أواخر الشهر الماضي . عادت جحافل الإماراتيين إلى بلدهم مثل أطفال تعرضوا للضرب في الشارع فعادوا إلى عائلتهم شاكين باكين. وفي بلد كالإمارات، ليس للعائلة سوى المرتزقة « من السواق إلى مربية الأطفال إلى حامي الحمى».. ودفعوا بالمرتزقة للثأر.
في العراق، وفي معظم البلدان التي مارست فيها بلاك ووتر أنشطتها القذرة، كان عناصرها يرتدون زي الشركة ويرفعون علمها 
«قدم الكلب» وكانت مسؤولة عن تبعات أعمالها ـ على الأقل، تلك التي تنفذها بموجب عقود معلنة كما في العراق . ولكنمرتزقة الشركة في اليمن يرتدون ملابس الجيش السعودي والإماراتي ويمارسون جرائمهم بكل حرية في ظل أعلام دول التحالف