البطاقة السلعية أقصى ما توصلت إليه حكومة الإنقاذ الوطني من حلول لتخفيف معاناة المواطنين التي نتجت عن العدوان الأمريكي السعودي على البلد والمستمر للعام الثالث، وكان الهدف من وراء هذه البطاقة هو الحد من كارثية الحرب الاقتصادية، والتي من ضمنها قرار نقل البنك المركزي إلى عدن المحتلة وتعطيله في صنعاء، ما تسبب بأزمة رواتب يعاني منها الموظفون للشهر الـ9، وانطلاقاً من مسؤولية الحكومة لإيجاد حلول لكافة المشاكل، تقدمت وزارة الصناعة والتجارة بمقترح البطاقة التموينية لتخفف من معاناة الموظفين نتيجة انقطاع مرتباتهم، ومع تنفيذ المقترح وتفعيل بعض مؤسسات الدولة لهذه البطاقة، ظهرت ردود أفعال مختلفة منها ما يمدحها ومنها ما يذمها، وفي هذا الحيز سنتناول الموضوع من كافة جوانبه.
التجارة تقترح والحكومة توافق
لاقى مقترح وزارة الصناعة والتجارة الذي طرحته كحل لمشكلة الرواتب، موافقة حكومة الإنقاذ الوطني, التي بدورها وجهت وزارة المالية بالتحرك لتنفيذ آليات المشروع للمرافق الحكومية الراغبة به, وبالفعل عملت بعض الوزارات والقطاعات الحكومية على توفير البطاقة السلعية لموظفيها، حيث تساوي قيمتها 50% من إجمالي الراتب، يستطيع الحاصل عليها التبضع بتلك القيمة من أسواق مخصصة تعاقدت معها الجهات المعنية.
وتداولت وسائل إعلام تابعة لتحالف العدوان الموضوع بصورة سيئة أظهرته على أنه عملية احتيال قامت بها حكومة القوى الوطنية للسطو على مرتبات الموظفين, وتمارس من خلالها تجارتها الخاصة، حيث أشاعت أن أسعار المشتريات بالبطاقة أغلى من أسعار نظيراتها بالنقد, وهذا الفارق في السعر تتقاسمه الدولة مع التجار المتعاقدة معهم.

لا اختلاف في السعر والبطاقة نجحت كثيراً
إن كل ما تصدره أبواق العدوان كذب محض هدفه تأليب الشارع اليمني الصابر والمواجه لتحالف المعتدين ومرتزقتهم, فالإشاعات التي تزامنت مع تفعيل البطاقة السلعية كانت تسعى إلى ضرب ثقة الحكومة الوطنية عند الموظفين, ما دفع بعض ضعاف النفوس منهم إلى رفض البطاقة تحت مبرر أنها تسرق مرتباتهم التي لم يستلموها بسبب قرار العدوان نقل البنك المركزي إلى عدن، واستمراره في حربه الاقتصادية, وعزز ذلك الشك عندهم سماعهم أن الأسعار الموضوعة لحاملي البطاقة مرتفعة جداً.
وكان جديراً بأولئك المرجفين الذين يخدمون مشروع الوصاية دون علمهم، أن يذهبوا إلى المراكز التي فعّلت الدفع بالبطاقة ليعرفوا الحقيقة التي تخالف ادعاءهم تماماً, فالمواد الغذائية وغيرها من المواد الموجودة في تلك المراكز التجارية تباع بنفس السعر لحاملي البطاقة أو لمن يدفعون نقداً, فهمي حسن (اسم مستعار) موظف كاشير في أحد المراكز التجارية المتعاقدة للبيع بالبطاقة السلعية، نفى وجود اختلاف في سعر البيع للموظفين الذين يملكون بطائق سلعية عن البيع لمن يدفعون نقداً. مؤكداً أن مثل هذه الشائعات من المفترض أنها لا تلاقي رواجاً عند الناس، لأن أسعار المواد التي يبيعها المركز محددة ومكتوبة على الأماكن الموجودة فيها، ولا يمكن بيعها بسعرين بسبب اختلاف وسيلة الدفع.
لقد تكللت خطوة حكومة الإنقاذ في تخفيف المعاناة الاقتصادية للمواطنين بالنجاح, فالبطاقة السلعية لاقت رواجاً واسعاً وقبولاً عند الموظفين الذين استلموها, سمير ناصر (34 عاماً)، موظف في رئاسة الوزراء، يقول: خففت البطاقة التموينية من معاناتنا بشكل كبير, فرواتبنا لم نستلمها منذ نقل (الدنبوع) البنك إلى عدن, وكنا ننتظر حكومة الإنقاذ الوطني لتضع حلولاً تواجه المشكلات المتسبب بها العدوان, وبالفعل أصدرت هذه البطاقة التي حدت من معاناتنا، خصوصاً قبل قدوم شهر رمضان. مضيفاً أن همهم كان كبيراً في كيفية توفير المواد الغذائية لعائلاتهم، لتأتي البطاقة وتحل الأمر، مع أنها ليست كافية.
ويؤكد هذا الأمر موظفو أحد المراكز التجارية الذين تحدثوا لصحيفة (لا) عن أن 90% ممن يأتون لمركزهم للتبضع يحملون بطائق سلعية، وبقية النسبة يدفعون النقود, فالمركز بفرعيه هو أول المراكز التي تجاوبت مع مقترح وزارة التجارة في حكومة الإنقاذ للتخفيف من معاناة الشعب الاقتصادية التي نتجت عن العدوان والحصار. وبعد أن رأى الموظفون الذين لم يستلموا البطائق إلى الآن، نجاحها في توفير ولو بعض احتياجات الحياة الضرورية لمن حصلوا عليها، تمنوا لو أنهم بادروا للحصول عليها، حتى يستفيدوا مما تقدمه لهم من حلول لبعض ما يعانونه جراء العدوان والحصار.
المالية بريئة مما يدعون
لا علاقة لوزارة المالية في حكومة الإنقاذ الوطني بعدم حصول موظفي بعض المرافق والوحدات الحكومية على البطاقة التموينية، وليس لها علاقة بتأخرها, حيث صرحت مصادر مسؤولة بالوزارة لأسبوعية (لا) أن جهات وأجهزة الدولة هي من عليها تقديم طلب بحصول الموظفين على بطاقة السلعة الغذائية, وما على الوزارة سوى الموافقة واتخاذ الإجراءات التي وصفوها بالصعبة من أجل إتمام الأمر.
وبحسب المصادر نفسها، فإن وزير داخلية الإنقاذ اجتمع، الأسبوع الماضي، مع وزير المالية، وقدم طلباً للحصول على 90 ألف بطاقة لموظفي الداخلية, مشيرة إلى أن هذا الرقم كبير جداً، ويحتاج تنفيذه إلى أيام, يتم فيها البحث في القطاع التجاري عن تاجر يستطيع التعامل مع هذا الكم الكبير من البطائق، والتعاقد معه.
ومع حلول شهر رمضان سارعت جهات حكومية لتقديم طلبها بالحصول على البطاقة السلعية والتموينية كحل مؤقت لمشكلة أزمة الرواتب, بسبب ضغط موظفي تلك الجهات وقبولهم بهذا البديل الذي كانوا قد رفضوه تصديقاً لشائعات الطابور الخامس, بعد أن رأوا نجاحه في تخفيف صعوبة الوضع المعيشي.

سلبية البطاقة السلعية
صاحب النجاح الكبير للبطاقة شكوى صدرت عن معظم الموظفين الحاصلين عليها, وتمحورت جميعها حول عدم صلاحية البطاقة للاستخدام أكثر من مرة واحدة.
صلاح المقداد (موظف حكومي) يقول: مشكلة البطاقة التي واجهتها هي فرض من ابتكروها استخدامها لمرة واحدة فقط, فعندما ذهبت إلى المركز التجاري المخصص للتعامل مع المرفق الحكومي الذي نعمل فيه، بقسيمة 20 ألف ريال, تبضعت بـ13 ألفاً، وعندما وصلت إلى المحاسب أجبرني على شراء بضائع بكامل المبلغ, كونه لا يوجد في آلية البطاقة السلعية إعادة بطاقة بباقي السعر كالتعامل النقدي.
أما محمد عباد، وهو موظف أيضاً، فيرى أن من مشاكل البطاقة هي حصرها بمركز تجاري معين، وعدم إتاحة الفرصة للموظفين بحرية اختيار مركز التسوق.
إذن، فالبطاقة السلعية تعد نجاحاً وحيداً حققته حكومة الإنقاذ في سبيل التخفيف من آثار العدوان الأمريكي السعودي، التي لحقت بالمواطنين نتيجة القصف والحصار, وكل ما يقوله أبواق العدوان ومرتزقته وطابوره الخامس عنها مجرد إشاعات كتلك التي سبق أن أطلقوها لزعزعة الاصطفاف الشعبي الواقف إلى جانب القوى الوطنية في مواجهتهم.