مقرر الجبهة الوطنية الجنوبية لمقاومة الغزو والاحتلال أحمد العليي لـ(لا):
عودة هادي شرعنة للعدوان وإساءة لدماء الشعب

في هذا الحوار يقدم السياسي الجنوبي أحمد العليي، مقرر الجبهة الوطنية الجنوبية، وأمين عام مساعد حزب جبهة التحرير، صورة عميقة عن واقع القوى السياسية في الجنوب وتفاصيل المشروع الاستعماري ومآلاته، ونظرته حول التسوية السياسية المرتقبة من مشاورات الكويت، كاشفاً بعض تفاصيل المشهد السياسي ومسار المعركة الوطنية، وكذا عوامل التوحد داخل صفوف الجبهة الوطنية الجنوبية لمقاومة الغزو والاحتلال.. 
 بعد عام وقرابة ثلاثة أشهر على العدوان، والصمود الوطني اليمني بوجهه، إلى أين يتجه مسار المعركة؟ وكيف هي النهاية بنظرك؟!
أولاً تحية لكم ولقراء صحيفتكم.. بدايةً، المؤشرات جميعها تقول بأن وطننا حقق انتصاراً كبيراً في مختلف الجبهات، ولا شك أن العدوان لم يحقق شيئاً حتى الآن، عدا الدمار الذي أحدثه. وبعد عام وثلاثة أشهر من العدوان أثبت شعبنا أن اليمن رقم صعب.
المعركة تقريباً حسمت بلا شك باتجاه انتصار شعبنا بصموده الأسطوري وبإمكانياته المتواضعة، لكن ببسالة وشجاعة وإيمان منقطع النظير، والدليل ملموس في كافة الجبهات العسكرية، والاستثناء هو الانسحاب التكتيكي للقوات المسلحة واللجان الشعبية من بعض المحافظات الجنوبية، ودخول قوات العدوان، وهذا بالطبع لا يحسب انتصاراً للعدوان بالمرة، وحين تنظر للمعركة بالنسبة للعدوان في الجبهات التي فتحها، ستجده في نقطة الصفر كما بدأ.
في المسار السياسي، أعتقد أن العدوان فشل في تحقيق الأهداف السياسية ، كتمرير الأقاليم، واستمرار الوصاية السعودية على شعبنا، وغيرها. وعندما عجز سياسياً، وانكسر عسكرياً، ذهب للحرب الاقتصادية، والدفع لتأزيم الاقتصاد اليمني، بوسائل عدوانية كثيرة ومتنوعة، وهو ما يتصدى له شعبنا يوماً بعد آخر، حتى تحقيق النصر التام بامتلاك السيادة الكاملة واستقلال حراكنا السياسي. 

 ما المصير الذي تتوقعه للجنوب والوطن عموماً في ظل بقاء الاحتلال وعصاباته من قاعدة وداعش وغيرهما؟
العدوان، وعلى رأسه السعودية، استخدم كل أدواته من قاعدة وداعش وعملاء ومرتزقة، لإنجاز أهداف السعودية والتوسع لصالحها بأوجه مختلفة، كما يحدث الآن في المحافظات الجنوبية للأسف على يد أدواته التي تنتشر بشكل مخيف فيها. وبالتوازي مع هذا المسار السعودي، برز مسار إماراتي باستخدام بعض فصائل الحراك الجنوبي، وهذه المشاريع تسعى لتقسيم الجنوب، والاستيلاء على المواقع الحيوية فيه اقتصادياً وعسكرياً، من خلال السيطرة على ميناء عدن، ومد قنوات نفطية من السعودية إلى البحر العربي...، وهو بذلك يسعى جاهداً إلى سلخ الجنوب من الوطن، ويهدد بتمزيقه، وهو ما لا يمكن إطلاقاً تحقيقه، وشعبنا على مستوى الجنوب والشمال، يدرك هذه المخاطر، وعلى الجميع أن يدرك أهمية الوحدة اليمنية، وأهمية الحفاظ عليها من خلال رفض الوجود الأمريكي والسعودي والإماراتي على الأراضي اليمنية، ومقاومته، كونه يهدد الوطن بمصير مخيف، وهنا يجب التأكيد على أن أهم عوامل مواجهة هذا الاحتلال، هو إحداث حالة وفاق سياسية عامة في البلاد، ووحدة وطنية بين القوى اليمنية، وعدم لجوئها للخارج، والتعويل على الشعب، وحل القضايا العالقة والإشكاليات في الوطن. وأعتقد أن ثورة 21 أيلول تمثل نقطة فارقة نحو التحول الاجتماعي المنشود وإنجاز السلام واللحمة الوطنية اليمنية الجامعة واستعادة المجد التاريخي لليمن وموقعه الهام عربياً وإسلامياً.

  كيف تقيِّم التسوية المرتقب إعلانها من مشاورات الكويت؟ وما موقفكم في الجبهة الوطنية الجنوبية من ذلك؟
لا توجد تسوية واضحة المعالم حتى اللحظة. هناك تصورات ورؤى مختلفة، ولم تتبلور تسوية واضحة منها، كون وفد الرياض، لا يملك قراراً حقيقياً، ولا رؤية واضحة، ولا يملك مشروعاً. وعلى العكس من ذلك، قدم وفدنا الوطني رؤية وبرنامجاً ومشروعاً متكاملاً للحل والذهاب للسلام، ولم يتراجع عنه.
نحن في الجبهة الوطنية الجنوبية لمقاومة الغزو والاحتلال، نؤمن بأن ما ذهب إليه وفدنا الوطني في الكويت، هو المرجعية الصحيحة لأية عملية سياسية سلمية في اليمن، والقائمة على الشراكة وعدم الإقصاء.

 إلى أين ستفضي التسوية؟!
حقيقة كما قلت لك لا يوجد مؤشر على الرؤية التي سيقوم عليها اتفاق السلام إلى الآن، وهناك من يتنبأ أن ينعقد مؤتمر في الـ10 من رمضان، في مدينة مكة، ربما يجتمع فيه الوفدان، وتشرف عليه العديد من الدول، وبرعاية إسلامية...

 ولماذا مكة؟! هل فشلت الكويت في إنجاح المشاورات؟!
ربما يراد أن يكون مسك الختام في مكة، والمشاعر الدينية فيها تلقي بظلالها على المتحاورين، كما أن في مكة حلت الكثير من القضايا كقضية الحدود اليمنية السعودية وغيرها، وفيها استلهام لجانب روحي معين، نتمنى أن تنجح...

 ألا ترى أن في ذلك نوعاً من التنازل بذهاب الوفد الوطني إلى مكة، وبالتالي ظهور السعودية كطرف راعٍ للحوار بين الأطراف اليمنية، وكأنها ليست شريكاً في العدوان؟!
أعتقد هذا، أن السعودية تريد تسجيل انتصار بأن الحل ووقف العدوان على اليمن تم برعايتها، وهذا حقيقة انتزاع لحق الإخوة في الكويت، ولكن ربما يبقى الأمر باعتبار أن السعودية دولة كبيرة، والكويت تعيش في معمعة دول الخليج، وقد لا تمانع الكويت في ذلك كرد دين للسعودية قديم متمثل بحرب الخليج 91م.

 برأيك، هل يراد أن تقوم تسوية سياسية تفترض السلام، في ظل الاحتلال والغزو للبلد، أو تزمين خروجه مثلاً؟
لا شك أنه ضمن بنود التسوية أن يكون هناك بنود توضح كيفية الحل لكثير من القضايا، ومنها موضوع خروج الاحتلال وإنهاء الوجود الأجنبي الأمريكي والإماراتي والسعودي في المكلا وقاعدة العند وغيرها. وأنا لا أريد استباق الأحداث، لكن من المؤكد أن بنود الحل ستتضمن معالجة واضحة وصريحة لكافة القضايا، بما فيها الجماعات الإرهابية... ومع ذلك حتى لو جئنا نضغط ونقول لا تسوية ولا حل إلا بخروج الاحتلال، هنا لن نكون منصفين تماماً. التسوية يجب أن تتضمن نقاط معالجة لإنهاء الاحتلال، على اعتبار أن الاحتلال ناجم عن العدوان، وأنا أؤكد أن وفدنا الوطني لن يغفل عن هذه القضايا، ولن يقبل بأنصاف الحلول.

 لنفترض أنه أمر واقع.. فماذا إن تأجلت مسألة خروجه، ألا يعني ذلك أننا سنذهب نحو جولة أخرى من الصراع؟!
لا أسميه صراعاً، وإنما أعتقد بأننا سنكون أمام عملية كفاح جديدة نستمر فيها من أجل تحرير أراضينا من الاحتلال، لن يسقط واجبنا لتحرير أراضينا من الاحتلال والغزو، وهذا شيء طبيعي.

 ما الضمانات التي تراها فعالة لنجاح أية تسوية؟!
اقتناع تام لمن ذهب إلى العدوان، أن الوطن أبقى، وأن عاماً و3 أشهر من العدوان والتدمير لم تنجز لهم شيئاً، وضرورة القناعة بأن الخارج لن يجلب النصر على الوطن أياً كانت إمكانياته.
وقف العدوان ورفع الحصار عن شعبنا هو ضرورة أساسية لا يمكن بدونها نجاح أية تسوية.

 الجبهة الوطنية الجنوبية لمقاومة الغزو والاحتلال، أعلنت الكفاح المسلح لتحرير الأراضي المحتلة بدءاً من الجنوب.. هل أنتم ماضون في هذا الخيار، أم ستلتزمون بما ينتج عن مشاورات الكويت من تسوية؟!
الجبهة منذ تأسيسها، وبالإمكان العودة لأدبياتها، اعتمدت على العمل السياسي المطلق أساساً لعملها في إطار مقاومة الغزو والاحتلال في المناطق المحتلة، ولا صحة لإعلان الكفاح المسلح إلى الآن، وإنما ورد على لساننا كمقرر للجبهة في أكثر من حديث للإعلام، بأنه لا يوجد لدينا سقف محدد، وأن موضوع الكفاح المسلح خيار مطروح إذا ما اضطرت الجبهة لذلك، ولا قناعة كاملة لدينا أن نبدأ الكفاح المسلح، على اعتبار أن البلد اليوم يعيش حالة حوار في الكويت، وعلينا أن ننتظر نتائج هذا الحوار ونتائج العملية السياسية السلمية التي يصبو الجميع إليها...

 بمعنى أنكم ملتزمون بقيادة عامة للوطن، وبما سيتمخض عنها من تسوية حتى لو بقي الاحتلال للجنوب؟!
بالتأكيد، نحن جزء من هذه التسوية، وكما قلت لك لا يمكن القبول أو التسليم ببقاء الاحتلال للجنوب لا من قبلنا ولا من قبل الوفد هناك، ونحن في الجبهة الوطنية الجنوبية لدينا من يمثلنا في المشاورات مع الفريق المحاور، لدينا 2 من الأعضاء، باقزقوز، والتحق بهم قبل رمضان بيومين عبد السلام جابر...

 ما الداعي لذهابه في هذا التوقيت؟! أهو من باب التأكيد مثلاً على موقفكم في الجبهة الوطنية بخروج الاحتلال، أو من باب الضغط وإضفاء الشرعية على الحوار؟!
عندما تمثل الجبهة في الحوار لا شك أنه تأكيد على حقنا في الجبهة وحق اليمنيين في الإصرار على خلو أرضنا من كل احتلال سواء كان أمريكياً أو إماراتياً أو سعودياً أو أياً كان، ونشوء الجبهة هو لمقاومة الغزو والاحتلال في كل الأراضي اليمنية شمالاً وجنوباً، ونحن جزء لا يتجزأ من هذا الوطن الذي يسمى الجمهورية اليمنية، ومشاركتنا ضمن الوفد الوطني في الكويت هي للتأكيد أيضاً على وحدة القضية ووحدة الوطن.

 برأيك، على ماذا يراهن العدوان بعودة هادي للسلطة لمدة محددة؟!
هذه نقطة حساسة بالفعل، يراد بها إضفاء الشرعية على العدوان، وبالتالي هُنا تسقط المسؤولية المترتبة على دول العدوان من خراب وتدمير وقتل، وهذا حذرنا منه، أن العدوان يريد التملص من المسؤولية التاريخية عن قتل شعبنا اليمني، بهذا المخرج البسيط، كما أن هذا الأمر قد يصيب الشارع اليمني وكل من قاوم العدوان وصمد طيلة هذه المدة، بنوع من الإحباط، الشارع سيصدم بالفعل من عودة هذا الخائن، وأنا من جهتي أتمنى ألا يتم فرض هذا الأمر، ففيه امتهان لنضالات شعبنا وتضحياته ودمائه.. هذا منظور لدى قيادتنا، ولا زالت قضية فيها شك، ولا أعتقد أنه تم التسليم بها، ولكل حادث حديث.

 ما انطباعكم على زيارة الوفد الوطني للسعودية مؤخراً؟
طبعاً نحن نسلم تسليماً كبيراً، لكافة تحركات وفدنا الوطني، باعتباره يمثل المصلحة الحقيقية لكافة أبناء الشعب، ومبعث هذا التحرك هو المصلحة الوطنية العليا، وأي توجه إلى أي مكان في العالم، طالما يخدم القضية الوطنية، فلا غبار على ذلك...

 الانقسام الذي يشهده الجنوب من جهة والشمال مع الجنوب من جهة أخرى، يعتبر من أهم العوامل التي يستغلها العدوان في التوسع بمشروعه الاحتلالي الانسلاخي للوطن.. ما هو الحل برأيك للخروج من هذه الأزمة الوطنية؟
نعم بكل تأكيد، هو مرتبط بمشروع الاستعمار وبأدواته من حزب الإصلاح وغيرها، وحزب الإصلاح من العام 90م يعمل على نشر حالة من الكراهية لدى عدن وغيرها ضد تعز وغيرها، وهو من يروج هذه الدعاية، ويحاول تأصيلها في وعي شعبنا، وممارساته تصب في هذا المنحى، وبالطبع، فإن شعبنا في المحافظات الجنوبية مدرك لهذه المسألة، وأنا أبشرك أن هناك تواصلاً بأبناء المحافظات الجنوبية الذين نتكلم نحن باسمهم، وجميعهم يؤمنون حق الإيمان بأن الشعب واحد والوطن واحد، وأن هذه القضايا الاستثنائية المتولدة من رحم الاستعمار، ليس لها حضور في قناعات الناس بأغلبيتهم.

 وما هي العوامل التي تحول دون هذا الانقسام؟!
بداية نحن في الجبهة الوطنية الجنوبية نعتقد أن حل القضية الجنوبية مرتبط بحل القضية الوطنية اليمنية، وليس بمعزل عنها، وهذا أمر أساسي نشترك فيه، ونحن نسلم بما سيتوصل إليه الناس لحل كافة القضايا العالقة، بما في ذلك قضية صعدة وغيرها، نحن معنيون بكافة القضايا الوطنية، هذا أمر أساسي للانضمام للجبهة الوطنية الجنوبية، وصريح، وعليه نتحاور ونتواصل مع كافة الأطراف.
من العوامل المهمة أيضاً، تجاوز الصراعات السابقة القديمة، أن تتم معالجة شاملة لكافة الاختلالات السياسية والإشكاليات التي كانت قائمة في المحافظات الجنوبية تحديداً، ما قبل الوحدة، إذ شهد الجنوب صراعات سياسية مختلفة منذ الاستقلال، وأن العدوان والاحتلال جاء يشتغل على هذا الإرث، ويعيد إحياءه في الجنوب، هناك حالة ثأرية مع اليمن الديمقراطية، وكل ما له علاقة بالثورة والحكم قبل الوحدة.

 أخيراً، أنتم في الجبهة الوطنية الجنوبية، ما الذي قدمتموه ضمن المعركة الوطنية القائمة منذ بدايتها؟!
صراحة، أكاد أجزم أن دورنا في الجبهة لم يتجاوز عملية الحشد والتعبئة العامة لضرورة مقاومة العدوان، كخلق حالة وعي بهذا النشاط، وأصدرنا كثيراً من البيانات، وأيضاً، لدينا استعداد كامل وتوجه في ما لو استمر الاحتلال لمناطقنا، إلى حمل السلاح ومقاومة الاحتلال، وهذا من حقنا، ومكفول بالقانون والدستور وكل الأعراف. لا زلنا بالنسبة لإشهار الجبهة حديثي العهد تقريباً منذ خمسة أشهر، ونعتقد أننا حققنا الكثير من مما نطمح إليه، ولا زلنا نعقد اجتماعات متواصلة، ونربط الكثير من العلاقات مع القيادات السياسية الجنوبية، وهي تتقبل وجهة نظر الجبهة وأهدافها المعلومة للجميع.

 سيرة ذاتية:
أحمد محمد أحمد العليي - من أبناء محافظة الضالع ـ مواليد عام 1963م قرية الحصين.
حاصل على بكالوريوس إدارة 1986م وعلى دبلوم عالٍ في الإدارة من سوريا.
بدأ نشاطه السياسي عام 91م.
أهم نشاطاته السياسية الحالية:
مقرر الجبهة الوطنية الجنوبية لمقاومة الغزو والاحتلال
أمين عام مساعد لحزب جبهة التحرير
رئيس الجمعية اليمنية لرعاية أسر السجناء في الجمهورية اليمنية