كل شيء في الشاعر محمد الجرف محفز على الإبداع، كلماته، صموده، تسامحه، صبره وحكمته.. كل شيء فيه يجعل الناس ينطلقون، يصرخون، يثورون، وفي النهاية سينتصرون على العدوان الأمريكي السعودي.. إنه شاعر مقاوم، أبدع في شعره، ونقلنا نقلة نوعية في هيكلية النص الشعري الذي يعتمد على اللوحة واللقطة المشهدية ذات الصور المتنوعة.
محمد الجرف يحتاج إلى وقفات، لأنه ثر غزير بلغته وموسيقاه وبنيته الإيقاعية ومضمونه الراقي.
التحم مع القصيدة، ولبس اللغة، فأصبحت العلاقة علاقة جذر بأرض تنبت قمحاً وسنابل وصموداً وحرية.
تفرّد في لغته الشعرية، وهو مجيد وبارع في لغته التي تناسب الموضوع والحدث، يفخر ويثور ويحزن ويشارك بالكلمة الحرة التي تساير الحدث.
قصائده فيها إبداع وامتداد، وتختلط بالعزة والنقمة، وتضرب جذورها عميقاً في تربة التحدي، فالحرية والعزة هاجس الشاعر الممتد في معظم شعره. إنه محرض بشعره الذي يشكل رصاصاً في صدر الغزاة والمرتزقة.
استطاع الشاعر الكبير محمد الجرف أن يقدم لنا شعراً موزوناً يتعمد على الموسيقى التي تتدفق عبر أنساق التعبير اللغوي، فتجربته تشكل دائرة فنية إبداعية، حيث تتناغم أبعاد القصيدة وتتألق وتتألف من خلال مخزونه الذي لا ينضب.. يمتلك رؤية واسعة الأفق، يتأمل، يفكر، يناضل إنسانياً وحضارياً.. الشعر كثير، والقصائد قليلة، والنصوص الجيدة هي النصوص التي تمثل الإبداع الشعري كإبداع محمد الجرف.. أما الرديء من الشعر فإنه ممتد منذ العصر الجاهلي حتى الآن.
ثورة ضد أمريكا
ـ أنت أحد الشعراء القلائل الذين أبدعوا في كتابة القصيدة الوطنية، والتي كان لها دور كبير في التصدي والصمود لهذا العدوان.. ماذا تقول في هذا الجانب؟
طبعاً على قدر الإخلاص والنية، فالآن هي ثورة ضد أمريكا، ولي الشرف أن أكون أحد الثوار الذين يواجهون سياسة أمريكا في المنطقة العربية والإسلامية، وأنا مندفع 100%، وعلى حسب هذا الاندفاع يكون النجاح، وهذا كله بفضل الله، وبفضل ما يسطره أبطال الجيش واللجان الشعبية.

قصة نجاح
ـ (صنعاء بعيدة) قصيدة يحفظها الكبار والصغار وانتشرت كثيراً في الداخل والخارج، ماذا تعني لك؟
تعني لي قصة نجاح، وهي كانت انطلاقة من الصميم، والآن عندي قصائد كثيرة، وإلى الآن لم أنشرها، وقصائد لم يتم إنشادها، وسوف يتم تسجيلها وسيتم تصويرها تلفزيونياً.

الزامل يخاطب العالم
ـ برأيك هل يستطيع الزامل أن يخاطب العالم؟
نعم يستطيع الزامل أن يخاطب العالم، وهناك قصائد كثيرة تستطيع أن تخاطب العالم، وكذلك القصيدة الشعبية أو الفصحى، ونحن الشعراء استطعنا أن نحدث نقلة نوعية، ولدينا تفاعل من كل الدول العربية والإسلامية وبعض الأمريكيين تصل إليهم قوة زواملنا، وعندي جمهور كبير في كل الدول العربية.

ـ كيف هي علاقتك بالشعراء؟
علاقتي بالشعراء علاقة طيبة وأخوية، وعلاقة مجاهدين.

خلافات مفسبكين فقط
ـ خلافات المؤتمر وأنصار الله هل تؤثر على الشاعر محمد الجرف؟
لا تؤثر، أنا لي علاقة قوية تربطني بالمؤتمر، وعلاقة تربطني بأنصار الله، فمنهجي أنا ثائر ضد أمريكا، والعلاقة قوية ومنسجمة بين المؤتمر وأنصار الله، وإنما هناك بعض المفسبكين يحاولون أن يؤججوا الخلافات بين المؤتمر والأنصار، فأسمع خطاب الزعيم وهو يتكلم بكل شموخ ضد أمريكا وبريطانيا وعن السعودية، وكذلك أسمع السيد حفظه الله وهو يتحدث بكل كبرياء عن صمود الشعب اليمني وعن العدوان، فلا يوجد أي خلاف بين الأنصار والمؤتمر.

قصائدي بصوتي
ـ لماذا توقف عيسى الليث عن الإنشاد بقصائدك؟
أنا مقصر لأنني لم أعد أطالبه، والآن عيسى الليث لديه شعراء كثيرون، وأنا الآن سوف أعمل نقلة نوعية من خلال تسجيل قصائدي بصوتي، فقد أقلقنا المنشدين، وتحملوا فوق طاقتهم، فالزامل قد يلخص كلمتين أو ثلاثاً، فأنا أكتب قصيدة مكتملة من خلالها أوصل مظلومية الشعب اليمني، وكذلك أجسد ذائقة المتذوقين للشعر.

إدمان على الشعر
ـ هل استطاع شعراء القصيدة الشعبية، وأنت واحد منهم، خلق ذائقة جديدة؟
خلقنا ذائقة جديدة ضد العدوان، والناس الآن قد أدمنوا على الشعر، وكأننا نسحرهم سحراً، فعندما نجلس في أي مكان يريد الناس أن نذهب إليهم باستمرار.
شاعر الحرس
ـ كتبت قصيدة للسفير أحمد علي عبدالله صالح، ماذا يعني لك؟
أحمد علي كان قائدنا، وهو الذي لقبني بشاعر الحرس الجمهوري في 2011، وكرمني لأنني كنت أقوم بالرد على شعراء الإصلاح وشعراء السعودية، ومن خلال قصائدي كنت أرفع معنويات الجيش اليمني، فطلبني الفندم أحمد علي وكرمني وأثنى عليّ، وأنا أشكر كل من شجعني في بداية انطلاقتي.

ـ هل الشهرة التي يحظى بها بعض المنشدين يكون لها دور في إظهار الشاعر؟
الشاعر بحاجة إلى تشجيع حتى ترتفع معنوياته، وعلى قدر الاندفاع يكون النجاح.

غياب الذائقة وعدم الفهم
ـ نلاحظ أن هناك قصائد ركيكة يتم إنشادها، فيما نلاحظ أن هناك قصائد قوية لا يتم إنشادها.. برأيك لماذا؟
هذا سؤال جيد، ربما المنشد لا يمتلك ذائقة، أو ربما لا يفهم القصيدة التي سيكون تأثيرها كبيراً، أما أنا الآن فلن أدين المنشدين، وسوف أشق طريقي، وسألقي قصائدي بصوتي، ولست بحاجة لأحد، وما دام أطلقت النية مع الله فلا أنتظر مصلحة من أحد، وهذا الوطن ليس ملك أحد، فهو لكل أبناء اليمن الشرفاء، ولست منتظراً من أحد أن يأتي ويأمرني أن أدافع على وطني، ولن أسمح لأي إنسان أن يخون وطني.

أكفر بشاعر لا تهابه الملوك
ـ من يتصدر المشهد الشعري اليوم؟
يتصدره الذي يتصدره، فأنا أكفر بشاعر لا تهاب منه الملوك والقادة، فالشعراء الذين ارتموا في أحضان الخليج, أكفر بهم، فالشاعر يكون حراً، فالله قد خلق فيه الحرية، وخلق فيه الكرامة، وخلق فيه القيادة والأصالة، واليوم يُشن عدوان على شعب اليمن، لم يحصل على مدى التاريخ، ونرى شعراء ارتهنوا للارتزاق. حتى شعراء الخليج أصبحوا الآن خجلانين، وفي هذا الوقت لم يستطيعوا أن يكتبوا حرفاً.

لا حياد مع الوطن
ـ ماذا تقول للشعراء المحايدين من هذا العدوان؟
لا يوجد شعراء محايدون، إما شعراء خونة أو شعراء مدافعون عن الوطن.

لا أشكو من أحد
ـ إلى متى ستظل الشكوى الدائمة من قبل الشعراء ضد الجهات المعنية بعدم الاهتمام بهم؟
بالنسبة لي لا أشكو من أحد، فأنا عندما أذهب إلى أية قناة أو إذاعة يرحبون بي، حتى في الجبهات، وهنا أشكر وزير الإعلام من أعماقي، وكذلك وزير الثقافة.

يمن متحرر من الهيمنة
ـ بماذا يحلم الشاعر محمد الجرف؟
أحلم أن نتحرر من سياسة أمريكا في الوطن العربي بأكمله، وكذلك أحلم بيمن شامخ عزيز كريم، وأحلم أن نتحرر من الهيمنة الأمريكية، ونكون مهيمنين على العالم.

أتغزل بالإبرامز والبرادلي
ـ هل تكتب القصيدة الغزلية؟
أكتب القصيدة الغزلية، ومن بداية العدوان وأنا أتغزل في الإبرامز والبرادلي وفي السعودية.

جرائم العدوان تبكي قلبي
ـ ما الذي يبكيك؟
يبكيني ما يبكي اليتامى، وجرائم العدوان تبكي قلبي، أما دمع الرجال فإنه صعب أن ينزل، وقد كتبت قصيدة رثيت بها أخي الشهيد جلوي صالح محمد الجرف (أبو عبدالملك)، وفيها قصة تصوير في الدمع، أقول فيها:
شقيقي حزام الطارفة يا نفس فجري
لعزك شربت الدمع خلف العيون أنفاس
وصارت حمم تشهق وتزفر جُوى صدري
أقهوي بها الأعداء مرارة تذيب الكاس

ـ ماذا أضاف لك الشعر؟
أضاف لي شموخاً وعزة وكرامة وحب الناس.

يد واحدة في مواجهة العدوان
ـ كلمة أخيرة..
أشكر من أعماقي صحيفة (لا) التي برزت في مواجهة العدوان، وبرزت في إظهار الكثير من الشعراء، وخصصت صفحة للشعراء والمنشدين وكل المبدعين، وشكراً على هذه الاستضافة وخصوصاً في هذا العدد (100)، وقد استضفتني في العدد 41، وكذلك أشكر الأستاذ الشاعر صلاح الدكاك، رئيس تحرير الصحيفة، التي تعتبر الصحيفة الأولى في اليمن، والتي انتشرت بشكل كبير.
وشكراً لكم على تشجيع الشعراء والاهتمام بهم، وأدعو الشعب اليمني إلى توحيد الصف، فنحن أمة يمنية واحدة، لا طائفية ولا عنصرية ولا مناطقية، فيجب أن نكون يداً واحدة في مواجهة العدوان الأمريكي الصهيوني السعودي الإماراتي.