السعودية على أعتاب اكتشاف صعب هو أن اليمن مقبرة لإمبراطوريات أخرى هذا ما أكده مقال تحليلي لـ مايكل هورتون، كبير محللي الشؤون العربية في مؤسسة “غيمستون” والمحلل البارز في صحف “ذا ناشيونال إنترست” و”الإيكونومست”.

ونشر الكاتب الشهير هورتون المقال على مجلة “ذا أمريكان كونسرفيتف” الأمريكية قال فيها إن السعودية ستدمر نفسها وليس اليمن.. مشيرا إلى أن الجيش السعودي رغم إمكانياته لكنه نمور من ورق أمام "مُصندلين"، مشيرا إلى أن من اسماهم الحوثيون يحظون باحترام اليمنيين لاستمرارهم في تحدي السعودية والإمارات.

وقال المحلل الأمريكي: “في بداية حرب اليمن، تفاخر ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، بأن الحرب ستستغرق أسابيع أو ربما بضعة أشهر، بهدف إظهار القوة العسكرية للمملكة ضد الحوثيين، لكن تلك الحرب لم تكن مجرد احتفال للأمير الطموح”.

وأوضح أن الحرب التي اشتهرت بحرب محمد بن سلمان، كانت تعني أيضا أن تكون علامة للظهور الأول لطموحات الملك الشاب على المستوى الإقليمي والدولي، وكان يفترض بها أن تختبر مدى قدرة السعودية على مواجهة التأثير المتنامي للإيرانيين في المنطقة.

وأضاف "بدلا من ذلك كله ظهرت السعودية المدعومة بسخاء وجيش مسلح جيدا، ظهرت نمراً من ورق ولم تستطع حتى الدفاع عن حدودها الجنوبية من متمردين مصندلين (يرتدون صنادل) ليس لديهم عتاد عسكري سوى ولاعة وأسلحة متوسطة.

وأكد أن جيش المملكة العربية السعودية غير قادر حتى الآن على تامين حدود بلاده مع اليمن، مستدلاً بكثير من الصور والفيديوهات المنتشرة في وسائل الإعلام والتي تظهر عمليات للجيش واللجان داخل العمق السعودي مستعرضا هروب دبابات الإبرامز بطريقة عشوائية من أسلحة من يسميهم " الحوثيين" كالآر بي جي والكلاشنكوف.

وقال إن " الحرب أجبرت الحوثيين، الذين كانت لديهم علاقة محدودة مع إيران، على تحسين علاقتهم مع إيران، أكثر من اختبار تأثير الإيرانيين في المنطقة، والأهم من ذلك، أنتجت الحرب ما يمكن أن يكون تهشيما دائما في اليمن".

واستعرض الكاتب الوضع في الجنوب وتنامي نشاط القاعدة وداعش تحت مظلة الاحتلال السعودي، مشيدا في الوقت ذاته بدور الجيش واللجان الشعبية في القضاء على هذه المجموعات إبان وجودها في الجنوب.

وأكد أن السكان في الشمال يتمتعون بالأمن، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن الحوثيين يحظون باحترام أبناء شعبهم لقدرتهم المستمرة على تحدي السعودي وأنهم يخافون من الفوضى والانتهاك والمكوث في المنازل حال هُزم الحوثيين.

وتابع: “لم يدرك المسؤولون السعوديون أن اليمن تصدت للرومان في عام 25 قبل الميلاد، كما لم يفلح معها المصريون في الستينات، وهاهي السعودية والإمارات تحاولان كسر القاعدة التي استمرت منذ قرون”.

وأشار إلى أن “الغرباء لا يفهمون طبيعة اليمن كاليمنيين أنفسهم، لذلك على السعودية أن تدرك أن الوقت مناسب حاليا لإنهاء ذلك الصراع، وإقناع اليمنيين بالجلوس مع بعضهم بعضا والبدء في إعادة بناء بلدهم”.

واستطرد قائلا" بحساب قربهما من اليمن، كلا السعودية والإمارات هما معرضتين لارتداد مباشر من الحرب التي جعلت لها أعداء من المسلحين تسليحا جيدا وهم بالآلاف".

الإمارات أيضا تنفق الملايين في اليمن يذهب معظمه لصالح مقاوليها الذين يساعدونها في إدارة الحرب ، في حالة الإمارات يبدو أن الحكومة تنظر إلى المليارات التي تنفقها كـ استثمارات من شأنها أن تسمح لها برسم مجال نفوذ دائم في اليمن، ربما أكثر من السعودية، فالمناطق التي تسيطر عليها الإمارات و وكلاءها غنية بالثروات الطبيعية.

الولايات المتحدة الأمريكية تستطيع أن تمتص هذه الخسائر بسبب حجم اقتصادها وقوتها العسكرية ورضا معظم شعبها، لكن دول كالسعودية والأمارات سوف تجد صعوبة في الحفاظ على الجهد الحربي الذي لا يسفر عن نتائج.

بحساب قربهما من اليمن، كلا السعودية والإمارات هما معرضتين لارتداد مباشر من الحرب التي جعلت لها أعداء من المسلحين تسليحا جيدا وهم بالآلاف.

اليمن سندان ضد الغزاة الذين رموا أنفسهم إلى الموت والهزيمة، اليمنيين قاوموا الغزاة من الرومان 25 قبل الميلاد إلى المصريين في الستينات، وها هي السعودية والإمارات تحاولان أن تكسرا القاعدة التي استمرت منذ قرون.

الأكاديميون والمحللون والسياسيون والصحفيون يشعرون دوما بالحيرة من الدوامة الرئيسة للفوضى في اليمن لكن الحكمة تقول دوما إن اللغز في اليمن مربك عصي باستمرار على الفهم فلا يوجد نموذج يمني محدد يمكن أن تسير عليه.

الغرباء لا يفهمون اليمنيين كاليمنيين أنفسهم لذلك على السعودية أن تدرك أن الوقت مناسب حاليا لإنهاء ذلك الصراع وإقناع اليمنيين بالجلوس مع بعضهم البعض والبدء في إعادة بناء بلدهم.

وجود القوى الخارجية بصورة أطول في اليمن سيزيد من أمد الأزمة وسيجعل الخطر يقترب أكثر من السعودية والإمارات.

نص الترجمة:

السعودية تكتشف حقيقة صعبة: اليمن مقبرة لأمبراطوريات أخرى

مايكل هورتون: صحيفة ذا أمريكان كونزرفيتف

تحاول السعودية أن تستخدم طوبة لسحق السندان، هي ستدمر نفسها وليس اليمن، هذا ما وصفه شيخ قبلي بارز في حرب المملكة العربية السعودية على اليمن.

الحرب ستدخل عامها الرابع هذا الشهر، محمد بن سلمان مؤيد الحرب الأساسي تفاخر واعتقد أن إنهاء الحرب سيأخذ فقط أسابيع أو عدة شهور، والحملة التي سميت عاصفة الحزم ، عَنَت أنها ستهزم سريعا "المتمردين الحوثيين" الذين يتمتعون بدعم إيراني محدود وبالتالي إعادة الرئيس اليمني المنفي عبده منصور هادي.

الحرب التي اشتهرت بحرب محمد بن سلمان، كانت تعني أيضا أن تكون علامة للظهور الأول لطموحات الملك الشاب على المستوى الإقليمي والدولي، وكان يفترض بها أن تختبر مدى قدرة السعودية على مواجهة التأثير المتنامي للإيرانيين في المنطقة.

بدل من ذلك كله ظهرت السعودية المدعومة بسخاء وجيش مسلح نمراً من ورق ولم تستطع حتى الدفاع عن حدودها الجنوبية من متمردين مصندلين ( يرتدون صنادل) ليس لديهم عتاد عسكري سوى ولاعة وأسلحة متوسطة.

أكثر من اختبار تأثير الإيرانيين في المنطقة، الحرب أجبرت الحوثيين، الذين كانت لديهم علاقة محدودة مع إيران، على تحسين علاقتهم مع إيران، والأهم من ذلك، أنتجت الحرب ما يمكن أن يكون تهشيما دائما في اليمن

 موقع الدولة الاستراتيجي المطل على ـ باب المندب، منطقة العبور إلى القرن الإفريقي، والحدود الطويلة مع المملكة العربية السعودية هذا يعني أن الاستقرار في اليمن سيكون صعبا، إذا لم يكن مستحيلاً للاحتواء، وعدم الاستقرار والعواقب الوخيمة وغير الواضحة هي بالفعل أدلة على ذلك.

جيش المملكة العربية السعودية غير قادر حتى الآن على تامين حدود بلاده مع اليمن، فكثير من الصور والفيديوهات المنتشرة على توتير والمواقع الصحفية تظهر هجمات انتقامية للحوثيين شملت عمليات في العمق السعودي، وتظهر فيها أسلحة كالدبابات الإبرمز تهرب بطريقة عشوائية من أسلحة الحوثيين كالآر بي جي والكلاشنكوف.

هذه المحافظات الجنوبية للمملكة العربية السعودية هي موطن لبعض الطوائف التي تتعرض للاضطهاد والقمع مثل الزيدية والإسماعيلية وهي من فروع الشيعة التي تختلف عن اللون السائد في إيران.

وبدلا من الاعتماد على جيش هو ضعيف التدريب أصلا وغير فعال، تستخدم السعودية القوة الجوية في ضرب اليمن، ودمرت الحملة الجوية التي تعتمد على الولايات المتحدة الأمريكية في التزويد بالوقود، دمرت البنية التحتية، واستهدفت ودمرت كثير من الأراضي الزراعية المنتجة، وقتلت مئات المدنيين.

وكنتيجة للحرب الجوية والعقوبات، يواجه اليمن أزمة إنسانية سيئة، فأكثر من 80 % يحتاجون إلى المساعدة، وأظهرت صورا وفيديوهات على تويتر ومواقع عالمية معاناة الأطفال واليافعين الذين يمتلكون أجسام هزيلة، وهذا دليل واضح على الأزمة. 

في الجنوب اليمني، المليشيات المدعومة من السعودية والإمارات بدءا من الانفصاليين وصولا إلى المليشيات السلفية المتفرعة من القاعدة تتنافس مع بعضها للوصول إلى الأسلحة والمواد.

في عدن والتي هي المقر المؤقت لحكومة المنفى ، تشهد وبشكل يومي اغتيالات وتفجيرات ، كان آخرها هجوم 24 فبراير الذي خلف 14 قتيل، ومعظم الاغتيالات التي تطال العلماء ورجال الأمن والنخب القبلية مرتكبوها مجهولين .

ليس هناك مكان في الجنوب أمن ضد هذه الأنواع من الهجمات، الشمال فقط يتمع بالأمن حيث الحوثيين المتحالفين مع الحزب السابق، المؤتمر الشعبي العام.

مازال كثير من اليمنن في الشمال يحترمون الحوثيين لقدرتهم المستمرة على تحدي السعودي والإمارات الذي ينظر لهم (الإماراتيين والسعوديين) كمستعمرين في الشمال والجنوب، كما أن اليمنيين الذين يعيشون في الشمال أيضا يخافون من الفوضى والانتهاك والمكوث في المنازل حال هُزم الحوثيين.

الحوثيين وأطياف من الجيش اليمني المتحالف معهم عملوا كحصن فعال ضد القاعدة في جزيرة العرب وتنظيم الدولة الإسلامية وقبل بدء العاصفة استطاع الحوثيين أن يُضعِفوا التنظيمات في عقر دارها، أما الآن فالقاعدة منتشرة في الجنوب وتنفذ عملياتها بشكل علني وسري مع عدد من القوات المناهضة للحوثيين.

ومن أجل حرب القاعدة، أطلقت الإمارات حملة عسكرية تحت اسم السيف الحاسم ونظرا إلى الأزمة الإنسانية والفئوية المتفاقمة لن تكون عاصفة السيف الحاسم حاسمة أكثر من عاصفة حزم محمد بن سلمان، في المقابل ربما ستكون هزيمة حاسمة للسعودية والإمارات في اليمن.

وتقدر خسائر حرب (السعودية في اليمن )  من 5 إلى 6 بليون دولار في الشهر ، وتأتي هذه الخسائر في الوقت التي تسعى فيه المملكة إلى استمرار برامج الترفيه من أجل ضمان استمرارها في الحكم، والسيطرة على القوة.

الإمارات أيضا تنفق الملايين في اليمن يذهب معظمه لصالح مقاوليها الذين يساعدونها في إدارة الحرب ، في حالة الإمارات يبدو أن الحكومة تنظر إلى المليارات التي تنفقها كـ استثمارات من شأنها أن تسمح لها برسم مجال نفوذ دائم في اليمن، ربما أكثر من السعودية، فالمناطق التي تسيطر عليها الإمارات و وكلاءها غنية بالثروات الطبيعية.

الولايات المتحدة الأمريكية تستطيع أن تمتص هذه الخسائر بسبب حجم اقتصادها وقوتها العسكرية و رضا معظم شعبها، لكن دول كالسعودية والأمارات سوف تجد صعوبة في الحفاظ على الجهد الحربي الذي لا يسفر عن نتائج.

بحسب قربهما من اليمن، كلا السعودية والإمارات هما معرضتين لارتداد مباشر من الحرب التي جعلت لها أعداء من المسلحين تسليحا جيدا وهم بالآلاف.

اليمن سندان ضد الغزاة الذين رموا أنفسهم إلى للموت والهزيمة، اليمنيين قاوموا الغزاة من الرومان 25 قبل الميلاد إلى المصريين في الستينات، وها هي السعودية والإمارات تحاولان أن تكسرا القاعدة التي استمرت منذ قرون.

الأكاديميون والمحللون والسياسيون والصحفيون يشعرون دوما بالحيرة من الدوامة الرئيسة للفوضى في اليمن لكن الحكمة تقول دوما إن اللغز في اليمن مربك عصي باستمرار على الفهم فلا يوجد نموذج يمني محدد يمكن ان تسير عليه.

الغرباء لا يفهمون اليمنيين كاليمنيين أنفسهم لذلك على السعودية أن تدرك أن الوقت مناسب حاليا لإنهاء ذلك الصراع وإقناع اليمنيين بالجلوس مع بعضهم البعض والبدء في إعادة بناء بلدهم.

وجود القوى الخارجية بصورة أطول في اليمن سيزيد من أمد الأزمة وسيجعل الخطر يقترب أكثر من السعودية والإمارات.

ترجمة أحمد عبد الكريم: