ترجمة خاصة لا ميديا / زينب صلاح الدين 

دان دي لوس وروبي غرامر 

في الوقت الذي ينشغل فيه البيت الأبيض باستضافة ولي عهد المملكة, بدأ المشرعون الأمريكيون يفقدون صبرهم إزاء حرب الرياض الكارثية في اليمن.
وكما دشن التدخل العسكري للسعودية في اليمن عامه الرابع، بدأ المشرعون الأمريكيون من كلا الحزبين يفقدون صبرهم إزاء الحملات العسكرية التي خلفت آلاف القتلى من المدنيين، وأسهمت في تفشي أسوأ أزمة إنسانية.
أسهمت جهود متضافرة في البيت الأبيض، الأسبوع الماضي، في عرقلة قرار في الكونغرس كان سيوقف الدعم الأمريكي للحملات العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن. وبالرغم من هذا لم تنتهِ مشاكل الرياض بعد في مبنى الكابيتول (مقر الكونغرس).
إن رفع توجيهات سرية للغاية من قبل وزارة الدفاع الأمريكية، والنداءات المباشرة من قبل وزير الدفاع جيمس ماتيس، والمكالمات الهاتفية من قبل البيت الأبيض، كانت كفيلة بأن تحول دون وقوع نتائج سياسية محرجة في تصويت الكونغرس, ومع ذلك صوت 44 من أعضاء مجلس الشيوخ لصالح القرار برعاية بيرني ساندرز عضو مستقل من ولاية فيرمونت، وكريس مورفي ديموقراطي من كونيتيكت، ومايك لي جمهوري من ولاية يوتا.
حتى إن المشرعين الذين عارضوا القرار كانوا قد انتقدوا السعودية لفشلها في محاولة بذل المزيد لإنهاء الحرب وفتح منفذ لإدخال المساعدات الإنسانية.
في حين تتفادى السعودية وقوع طلقة في كاهلها ما ينحو بالمناخ السياسي في الكونغرس منحى عدائياً تجاه المملكة، ويبقى مشروع قرار آخر أكثر اعتدالاً يهدف إلى كبح جمود الدعم الأمريكي للحرب في اليمن، مطروحاً على الطاولة.
4 أصوات مستقلة من الكونغرس بعد الأعوام الثلاثة، بما فيها إجراء الأسبوع الماضي، تشير إلى عدم رضا عميق ومتصاعد عن السعودية, حصلت اثنتان من صفقات بيع الأسلحة الأمريكية على الموافقة، ونجح تمرير اقتراح يسمح لأسر ضحايا 11/9 بمقاضاة السعودية عن الأضرار التي ألحقتها بهم، بأصوات كانت كافية للتغلب على فيتو من الرئيس السابق باراك أوباما، في 2016.
قال سكوت بول، مستشار كبير في السياسة الإنسانية في منظمة أوكسفام الأمريكية: (درجة الحرارة في تصاعد, بعد أن كانت ثابتة طيلة الأعوام الثلاثة).
وبالرغم من مزاج الكونغرس هذا، إلا أن الرئيس دونالد ترامب فرش السجاد الأحمر لولي عهد السعودية محمد بن سلمان، خلال زيارته لواشنطن، الأسبوع الفائت.
أخبر ترامب الصحفيين أثناء جلوسه مع ولي العهد السعودي لتناول الغداء: (لا شك أن العلاقة الآن هي الأقوى على الإطلاق كما لم يسبق لها أن تكون كذلك).
ويبدو أن السعوديين يوافقونه الرأي, ولدى الرياض اهتمام كبير بصهر الرئيس، جاريد كوشنر، بصفة خاصة, حيث ذكرت (الإنترسيبت) أن ولي العهد قد تفاخر من جانبه بأن كاشنر صار في حوزته.
بعد وقت قصير من قيام ولي العهد بزيارة إلى البيت الأبيض, كشفت الإدارة عن كمية من الأسلحة بيعت للسعودية بما يبلغ أكثر من مليار دولار.
أثناء ذلك، أقدم المتمردون الحوثيون -الذين يسيطرون على أجزاء كبيرة من غرب اليمن، بما فيها عاصمتها صنعاء، والذين هم متهمون بتزويد إيران لهم بالصواريخ- على مهاجمة السعودية, وفي ليلة الأحد أطلق الحوثيون 7 صواريخ نحو المملكة, وتقول السعودية إنها اعترضت كل الصواريخ، لكن قتل أحد الأشخاص بالشظايا، وتم عرض فيديو يبين أن أنظمة دفاع الباتريوت لم تكن تعمل كما هو مزعوم.
أدانت كل من إدارة ترامب ومنظمات الإغاثة التي تعمل في اليمن، تلك الهجمات بشدة, ومع ذلك هناك مخاوف من أن تلك الهجمات يمكن أن تكون ذريعة للسعودية لتصعيد الحرب أكثر.
تقول سماح حديد في منظمة العفو الدولية: (يجب ألا تستغل مثل هذه الهجمات الخارقة للقانون كذريعة للتحالف الذي تقوده السعودية لمهاجمة المدنيين دون تمييز، أو ليفاقم من أزمة اليمن الإنسانية).
يهدف مشروع قرار الحزبين في مجلس الشيوخ إلى أن يعالج مسألة أن الجمهوري تود يانغ من ولاية إنديانا، والديموقراطي جين شاهين من نيوهامبشير، يطعنان في حقيقة الجهد المبذول لأجل التشريع المقترح الذي يتوقع أن يتم تناوله من قبل لجنة العلاقات الخارجية لمجلس الشيوخ في الشهر القادم.
سيطالب هذا القرار وزارة الدفاع بأن تضمن ما إذا كان التحالف الذي تقوده السعودية يتخذ خطوات باتجاه تسهيل دخول الطعام والوقود وسفن الأدوية إلى اليمن، مع تعهدها بإبداء حسن النية وبذل جهد سريع للوصول إلى تسوية دبلوماسية للحرب الأهلية، وأن تبرهن أنها تسعى للتقليل من عدد الضحايا المدنيين الذين يسقطون إثر غاراتها الجوية.
يقول مساعد السيناتور: (ذلك سيخلق قوة للإدارة، وضغطاً على السعوديين غير موجودين اليوم).
بعكس القرار الذي دعمه ساندرز ولي في الأسبوع الماضي, لا يقترح مشروع قرار يانغ وشاهين وقفاً مباشراً للمساعدة العسكرية الأمريكية لحرب السعودية الجوية في اليمن, يقول النقاد إن هذا الاقتراح الجديد لتخفيف التشريع الذي فشل الأسبوع الماضي، تصاحبه مطالبات أقل طموحاً.
يقول المعارضون إن مشروع القرار الجديد بحوزته فرصة أفضل لضمان الدعم من كلا الجانبين، بمن فيهم الزعيم الجمهوري للجنة العلاقات الخارجية لمجلس الشيوخ بوب كوركر من ولاية تينيسي.
عارض كوركر قرار ساندرز-لي الأسبوع الماضي، لكنه وعد أن يقوم بعقد جلسة استماع في الشهر القادم, يقول كوركر إنه ومشرعين آخرين قد نقلوا رسالة صارمة إلى ولي العهد في محادثات الأسبوع الفائت، حول ما يجري حالياً في اليمن، وقد طلب منهم اتخاذ مواقف تصحيحية قوية.
لم يكن قد أبدى البيت الأبيض موقفه من القرار الجديد بعد؛ لكن كالإدارات السابقة يعارض المسؤولون أية محاولة للحد من حرية تصرف السلطة التنفيذية.
يقول متحدث باسم وزارة الخارجية: (تتخذ الولايات المتحدة الأمريكية عدداً من الإجراءات لمساعدة التحالف الذي تقوده السعودية في دعم الحكومة اليمنية، وفي الدفاع عن المنطقة السعودية، مع التقليل من الضحايا المدنيين، بما في ذلك توفير المعدات والتدريب وتقديم المشورة للجيش السعودي).
ويقول المتحدث أيضاً: (بدون الدعم الأمريكي والتدريب يحتمل أن يرتفع معدل الضحايا المدنيين).
بدأ السعوديون وحلفاؤهم في الخليج الفارسي بشن غاراتهم الجوية في مارس 2015، على أمل إعادة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى الرئاسة، وقدم الجيش الأمريكي المعلومات الاستخباراتية، وزود مقاتلات التحالف في الجو بالوقود, وكما كان قد تصاعد عدد الضحايا المدنيين، وحذر مسؤولو الإغاثة من وقوع مجاعة وشيكة، دعت كل من إداراتي باراك أوباما وترامب إلى تحمل ردات فعل الكونغرس.
وبعد 3 سنوات بدأت الجدالات بين المشرعين المحبطين.
وبالرغم من المشورة الأمريكية والدعم، استمرت الحرب الجوية في فرض ضريبة قاسية على المدنيين، ويقول المشرعون إن تعهدات السعودية المتكررة للتخفيف من المعاناة الإنسانية قد تمخضت عن القليل من النتائج الملموسة على أرض الواقع, حيث تقول وكالات الإغاثة إن الحصار البحري الذي تفرضه السعودية في واقع الأمر قد أسهم في زيادات عدد الحالات المصابة بأشد الأمراض فتكاً، بما فيها مليون حالة يشتبه في إصابتها بالكوليرا.
يقول موظفو الكونغرس إن حجج إدارة ترامب ضد القرار في الأسبوع الماضي، كانت متطابقة تماماً مع تلك التي أدلى بها المسؤولون خلال فترة حكم أوباما.
جادل البيت الأبيض ووزارة الخارجية والبنتاغون (وزارة الدفاع) أن قطع الدعم العسكري الأمريكي سيؤثر على العلاقات مع الرياض، وسيقلص نفوذ واشنطن، وسيثير الشك حول المصداقية الأمريكية بتخليها عن حليف عربي، وسيضع المدنيين في أعلى درجات الخطر بدون أي دور استشاري أمريكي في الحملات الجوية.
يقول مساعد ديمقراطي في الكونغرس: (نقاط الحديث لا تختلف).
فورين بوليسي
 26 مارس 2018