اعترف بحق اليهود في امتلاك دولة على أرض فلسطين
ولي عهد السعودية: قائد إيران الأعلى جعل هتلر يبدو طيباً!

ترجمة خاصة لا ميديا / زينب صلاح الدين 
في حوار مطول وشامل، اعترف الأمير محمد بن سلمان أيضاً بحق الشعب اليهودي في أن يكون له (أرضه الخاصة).
يمكن قول هذا على الأقل أن محمد بن سلمان، ولي العهد مصلح السعودية المزعوم، قد صنع لنفسه كل الأعداء الحقيقيين, منهم من سيحتفل بنهايته، مثل قادة داعش والقاعدة وحزب الله وحماس وكذلك متمردي اليمن الحوثيين وكامل القيادة العسكرية والدينية لجمهورية إيران الإسلامية.
وكإضافة إلى ذلك هنالك أفراد من عائلته من بيت سعود الممتد والمتجذر من يتمنون رؤيته يفنى أو على أية حال محتجزاً في فندق ريتز كارلتون في الرياض, حيث سجن الأمير ذو الـ32 عاماً هناك العديد من أعدائه وأبناء عمومته مؤخراً أثناء فترة حملة التصفية ضد الفساد في المملكة.
ومع ذلك لا يبدو الأمير محمد، المحاط بالحماية المشددة، قلقاً بشأن التهديدات المميتة, فقد كان مرحاً حد الاندفاع عندما قابلته في مكتب أخيه خارج واشنطن (أخاه الأمير خالد بن سلمان هو سفير السعودية في الولايات المتحدة الأمريكية). وبدا الأمير محمد (الذي عرف على نطاق واسع بمبادراته إم بي إس) راغباً في تنفيذ رؤاه الابتداعية والمثيرة للجدل في إطار عدد من المواضيع، كحقوق المرأة؛ فيظهر مشككاً في القوانين التي تجبر النساء السعوديات على السفر مع أقاربهن الذكور, وقائد إيران الأعلى آية الله الخامنئي الذي هو في نظر الأمير أسوأ من هتلر وإسرائيل، حيث أخبرني أنه يعترف بحق الشعب اليهودي في امتلاك دولة إلى جوار دولة الفلسطينيين, ولم يسبق لقائد عربي أن اعترف بذلك الحق.
يعد الأمير محمد، الذي يبدو لنا أنه في زيارات مقدسة لا متناهية إلى مراكز القوة الأمريكية نموذجاً غير مألوف بالنسبة لصحفيي الشرق الأوسط المعتادين على أسلوب معين للقيادة السعودية، وهو يمثل النموذج الفعلي للملكية الاستبدادية. والد الأمير محمد الملك سلمان ذو الـ82 عاماً لا يعتبر واهناً تماماً, لكن من الواضح أن ابنه صار بالفعل مسؤولاً، ولكن إذا كان يجب تصديق كلاً من الأمير ومعالجاته الكثيرة ومؤيديه في وول ستريت والبيت الأبيض (لا سيما زميله الأمير جاريد كوشنر) فإنه في عجلة حقيقية لقلب النظام السعودي التقليدي.
تعد زيارة الأمير محمد بشكل أساسي رحلة اصطياد في مجال الاستثمار وفرصة له كي يسوق لما يسمى برؤية 2030 -المدروسة- التي تبقى بشكل رئيسي مجرد خطة غير منفذة لتحديث المملكة وإنهاء اعتمادها على النفط.
لكن في حوارنا هذا حاولت أن أحرف أنظار الأمير محمد إلى بعض تحديات اللحظة الراهنة، التي منها حرب بلده الباردة مع إيران وتدخلها العسكري الوحشي في اليمن ضد الحوثيين الذين تدعمهم إيران، وكذلك وضع النساء في بلد مارس شكلاً من أشكال التمييز العنصري بين الجنسين لعقود من الزمن، وعلاقة السعودية بإسرائيل والفلسطينيين، ودعم بلاده القديم للمتطرفين الإسلاميين - النوع الذي يستهجنه اليوم، ولم أسأله عن الفساد، لأنه نوعاً ما مفهوم يصعب تحديده في دولة اسمها على اسم الأسرة الحاكمة لها، حيث مصادرة الثروة الوطنية هي سمة مميزة للملكية المطلقة.
لكن لا يعني شيئاً شراء الأمير محمد مؤخراً يختاً بمبلغ نصف مليار دولار كما يزعم. عندما سألت نور أودونيل من قناة (سي بي إس) الأمير عن هذا اليخت ومشتريات أخرى أجاب: (حياتي الشخصية هي شيء أود الاحتفاظ به لنفسي ولا أحاول جذب الانتباه إليها... فبقدر نفقاتي الخاصة, أنا إنسان غني ولست فقيراً, أنا لست غاندي أو مانديلا).
يتفادى الأمير محمد الأسئلة التي لا تروق له، لكنه يبقى مباشراً في الإجابات بشكل غير معتاد بالنسبة لزعيم سعودي. وقد ذكرني عند مقابلتنا بملك الأردن عبدالله الثاني - جيل ملكي جديد محبط إزاء أقارب لا يفعلون شيئاً، وبالسياسات القبلية الرجعية، وبقلقه من الاثنين: التطرف الشيعي والسني. في اعتقادي أن أحد الفوارق بالطبع هو أن السعودية هي محور الشرق الأوسط، بينما الأردن ليست كذلك. إذا كان الأمير محمد في واقع الأمر ينجز ما يقول إنه يريد إنجازه سيصبح الشرق الأوسط مكاناً مختلفاً.
قسم الأمير في حواري معه الشرق الأوسط إلى معسكرين متناحرين في ما أسماه بـ(مثلث الشر) الذي يتألف من إيران والإخوان المسلمين وجماعات السنة الإرهابية وتحالف يصف نفسه بالدول المعتدلة، ويتضمن الأردن ومصر والإمارات والبحرين وعُمان.
وبالحديث عن وحشه الأسود القائد الإيراني الأعلى آية الله علي الخامنئي يقول الأمير محمد: (أعتقد أن القائد الإيراني الأعلى قد جعل هتلر يبدو صالحاً؛ فلم يفعل هتلر ما يحاول فعله القائد, حيث حاول هتلر السيطرة والاستحواذ على أوروبا، بينما يحاول القائد الأعلى لإيران الاستحواذ على العالم أجمع).
مفتاح آخر للحديث -برغم السرية- هو تحالف الأمير محمد مع إسرائيل، الدولة التي ليس لدى الأمير أي كلمة سوء يقولها عنها. في الحقيقة سألته عما إذا كان يؤمن أن الشعب اليهودي له الحق في امتلاك أرض على الأقل في جزء من موطنهم القديم، فأجاب: (أؤمن أن كل شعب في أي مكان له الحق في أن يعيش في أمته المسالمة، وأؤمن أنه يحق للفلسطينيين والإسرائيليين امتلاك أرضهم المستقلة). وفقاً لمفاوض السلام السابق لدى الولايات المتحدة دينيس روس، تحدث قادة عرب معتدلون عن واقع وجود إسرائيل، إلا أن الاعتراف بأي نوع من ذلك (الحق) في امتلاك أرض اليهود القديمة كان خطاً أحمر ولم يتجاوزه قائد حتى الآن (كانت مقابلتي مع الأمير محمد قبل أحداث العنف الأخيرة في غزة مع إسرائيل؛ لكني لا أعتقد أن الأمير محمد كان سيقوم بتعديل رؤاه على ضوء هذه الأحداث, فالسعوديون كغيرهم من القادة العرب قد تعبوا من الفلسطينيين).
وكان حوارنا في غرفة الاستقبال الخاصة بالأمير خالد تحت لوحة ملونة لمقابلة حدثت في عام 1945 بين الرئيس فرانكلين روزفلت والملك عبدالعزيز بن سعود مؤسس المملكة العربية السعودية الحديثة (جد محمد وخالد). انضم إلينا الأمير خالد، كما انضمت إلينا مجموعة واسعة من المساعدين والاستشاريين. جلس الأمير خالد على أريكتين وعقد حاجبيه بقلق ثم بدأ يتحول ذلك العبوس إلى خشونة, وبدوا قلقين عندما تحول الحوار إلى مناقشة مشكلة السعودية الدائمة: قوانين (الوصاية) التي تمنع النساء والفتيات السعوديات من السفر بدون إذن وصي ذكر.
بدا الأمير محمد -الذي قام مؤخراً برفع الحظر على قيادة المرأة للسيارة- راغباً في الاعتراف بأنه أراد وضع نهاية لقواعد هذه الوصاية، حيث قال: (قبل عام 1979 كانت هناك عادات وصائية مجتمعية، وليس قوانين وصاية في السعودية), في إشارة إلى سنة مفصلية في تاريخ السعودية فيما تسببت فيه الثورة الإيرانية وكذلك الحصار السني المتطرف للمسجد الحرام في مكة من ردود فعل عنيفة في المملكة.
ويضيف: (لا ينتمي ذلك إلى زمن النبي محمد, ففي الستينيات لم تكن المرأة تسافر مع أوصياء ذكور؛ لكن هذا يحدث الآن، ونحن نريد أن نعمل على ذلك وأن نكتشف طريقة لمعالجة هذا بحيث لا يؤذي ذلك العائلات أو يؤذي الثقافة). و كان ولي العهد أكثر حذراً ومتأهباً للدفاع عن نفسه في القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان والانفتاح وبخصوص استمرارية نموذج الحكم المطلق.

جريدة (ذي أتلانتيك).
2 أبريل 2018م