معظم المناطق التي اخترقها العدو في الحديدة تم تطهيرها والمبعوث قدم لإنقاذ المرتزقة
أبناء تهامة وطنيون والعدو تكبد خسائر هائلة في الساحل ومرتزقته يريدون انتصارات بلا تضحيات


حاوره / صلاح العلي/ لا ميديا

في حديث خاص أجرته (لا) مع وكيل محافظة الحديدة، الشيخ عبد الرحمن الجماعي، أكد أن الانتصارات التي يروج لها العدو في الحديدة هي إعلامية لا غير، وأن العدو في حالة تراجع ودفاع، والعديد من قواته في حالة حصار، موضحاً أن الجيش واللجان يقومون بتطهير ما تبقى من أماكن الاختراق.. الشيخ الجماعي، قال إن المواجهة الجارية في الساحل ليست لتسليم الحديدة، وأنه لا تنازل عن السيادة. وأضاف رداً على دعوات (استقلال تهامة) أن أبناء تهامة وطنيون منذ القدم ويدركون مشروع العدوان والاحتلال. وحول المبعوث الأممي، تحدث الجماعي أن الأول لم يأتِ إلى صنعاء إلا لتخفيف حدة الضربات التي يتلقاها العدو في الميدان.. حديث الصحيفة، خلال زيارتها الميدانية للحديدة مع الوكيل الجماعي، دار حول جملة من القضايا الميدانية وآخر التطورات وإلى أين، إضافة إلى وضع السلطة المحلية والواقع الإنساني للحديدة والدور الفعلي الذي تلعبه الجهات الدولية... إليكم الحوار.

تهويل إعلامي فقط
 نحن سعداء بهذا اللقاء معكم.. وبداية، لو تحدثوننا عن آخر التطورات الميدانية في الحديدة؟!
أولاً، نشكر لكم تجشمكم عناء السفر إلى الحديدة لرؤية الواقع عن كثب.. العدو يحاول تصوير ما يجري في الساحل من اختراق لمرتزقته المدججين بكل أنواع السلاح والعتاد، على أنها انتصارات ضخمة قد أطاحت بكل الحديدة.
حقيقةً، ما يدور في الساحل الغربي هو هالة إعلامية ضخمة للعدو تستهدف المعنويات والوعي بالدرجة الأولى. والعدو فتح جبهة الساحل الغربي طمعاً باحتلال الأرض والسيطرة على السواحل الاستراتيجية لليمن كما هو الحال في باقي المناطق التي وقعت تحت يده.
ما نريد أن نؤكد عليه، أن العدو وبرغم الإمكانات الضخمة وعمليات التمشيط الجنونية التي يقوم بها من الجو والبحر، وبرغم انبساط الأرض؛ تلقى أقسى الضربات وأشدها فتكا من الجيش واللجان الذين سطروا بطولات أسطورية ستحكي الأجيال عنها.. قتلى وجرحى المرتزقة والغزاة وخسائر بالعتاد بلا حساب، والمناطق التي حققوا اختراقاً فيها بسبب الأرض المكشوفة وكثافة النيران، جاري تطهيرها، مثل الجاح والفازة والدريهمي.. لقد اعتقدوا أن هذه الأرض السهلية عامل مساعد لهم فاندفعوا بقوة وكثافة، لكنها اليوم بحمد الله تحولت وبالاً عليهم ولعنة لن ينسوها.
وبالنسبة لدعاوى العدو حول السيطرة والتقدم في المدينة أو المطار، فأنتم بأنفسكم وكغيركم من الوسائل الإعلامية تجولتم وشاهدتم الواقع ومدى أكاذيب العدو والتضليل الإعلامي لمطابخه.
العدو فعلياً انتقل إلى وضع الدفاع أمام الجيش واللجان، ولم يستطع مغادرة الخط الإسفلتي والتوغل لأمتار في العمق. كانت أهم نقطة لهم هي منطقة الجاح التابعة إدارياً لمديرية بيت الفقيه، وها هي تسقط من أيديهم. وقوات كبيرة لهم وقعت في حالة حصار ووضعها مزرٍ...

قيادة العدوان تعرضت للخداع
 لا شك أن العدو كان له رهانات عديدة ليندفع بهذه الشاكلة والكثافة والتوهم بتحقيق انتصارات مؤثرة في الحديدة والساحل عموماً.. ما هي هذه الرهانات برأيك؟!
العدو راهن على ضعاف النفوس والذين باعوا أنفسهم بالمال وعلى من اعتقدهم خلايا جاهزة في الظل ستواكب هجومه البري، ولكأن الأجهزة الأمنية غافلة عنها! وهؤلاء خذلوه بشدة، بل وكشفوا أنفسهم وفضحوا ارتباطاتهم وخيوطهم. الأمر الآخر، أن العدو راهن على الطبيعة المسالمة لأبناء تهامة وبساطتهم وعدم امتلاكهم السلاح، وأنهم أناس مساكين سيصدقون الإشاعات وسيتأثرون بما يردده ولن يقاوموا، وربما هو محق نوعاً ما في مسألة البساطة والمسالمة، لكن الناس ليسوا سذجاً ولا أغبياء، والعدو فشل بمحاولة بث الذعر في الوسط التهامي ظناً أنه يجبرهم على الاستسلام له.
أيضاً، قيادة العدوان تعرضت للخداع من قبل مرتزقتها الذين أوهموها بصناعة العجائب في المعركة، والمسألة أنهم لا يريدون أن ينقطع المال عنهم، فهم مرتزقة وهذا حالهم.. أيضاً، راهن على الترسانة الإعلامية التي يملكها على مستوى دولي، وهي كانت صاحبة الدور الأخطر، لكنها فشلت أكثر حتى مما فشل المرتزقة على الأرض.. وأمور أخرى كثيرة، أوقعته في كارثة لا تحمد عقباها، ولا يدري أين ستنتهي بالنسبة له، وحجم الخسائر الآن هائل سواء البشرية أو المادية، إذ فقد أكثر من 380 مدرعة وآلية حتى الآن، وهذه بمئات الملايين من الدولارات. أيضاً الخسائر البشرية بالآلاف. كم يستطيع أن يتحمل؟!

تفكيك البنية المخابراتية
 وإلى أين ترى الأوضاع تسير الآن؟!
النصر حليفنا بإذن الله، لا محالة في ذلك. الآن يجري تطهير المناطق التي اخترقت، وتبقى القليل فقط. يجري تفكيك لخلايا العدوان التي ظل يبنيها العدو لفترات طويلة، أي أن البنية التي ركن إليها قد تم تفكيكها، وتلقى العدو ضربات قاتلة في العمق، لأنه بدون هذه البنية المخابراتية المعلوماتية الإعلامية... إلخ، لا يستطيع شن معارك عسكرية مباشرة دون عمل التهيئة المسبقة.
وكل ما يردده العدو من تقدمات وسيطرة هي أكاذيب لا وجود لها على الأرض، وعجز حتى عن بث تسجيل واحد عن لقواته في المطار، على عكس قواتنا.

وعي عالٍ لأبناء تهامة
 كيف هو حال النشاط الشعبي التعبوي التوعوي لديكم؟! وكيف تأثر في ظل الهجوم العسكري الجاري؟!
هناك لقاءات وأمسيات تعقد بشكل متواصل وحملات التعبئة جارية في كل مكان من تهامة. الاجتماعات واللقاءات مع الأهالي والوجاهات متواصلة ومخرجاتها إيجابية.. وبالنسبة للوضع الحالي، فإن الاندفاع الشعبي تزايد للدفاع عن الوطن، ولمسنا وعيا عاليا من الأهالي. والفعاليات الجماهيرية والتعبوية جارية بشكل أكبر من قبل. العدو لم يستطع أن يجعل أبناء تهامة يحجمون عن موقفهم بالجرائم التي ارتكبها.
أستطيع التأكيد لك أن العدو لا يستطيع الوصول لأكثر مما قد كان وصل إليه وانكسر وفشل والآن يُلاحق ويطارد من قبل أبطالنا، ولم ولن يستطيع تحقيق شيء.
وعليكم المقارنة بين حجم قواته وإمكانياتها وبين قواتنا! التفوق لديه في هذا الجانب والدعم الدولي لديه، لكن ما الذي أنجزه؟! لا شيء غير الخسائر الهائلة والفشل الذريع.  هؤلاء المرتزقة لا يقاتلون لقضية أو هدف غير المال، ويقاتلون وهم يعرفون تماماً أنهم مرتزقة لا أكثر، ولو كانوا يؤمنون بقضية لكانوا استطاعوا إنجاز شيء. وركز أن المرتزقة يريدون انتصارات بدون تضحيات وخسائر، لأنهم يريدون قبض ما وعودوا به، لذلك يفرون وسرعان ما يبدأ أبطالنا بالانقضاض عليهم.

التفريط بالأرض طرح ساذج
 مؤخراً، تابعتم ما تداولته وسائل إعلام عن مبادرات لتسليم ميناء الحديدة للأمم المتحدة وقيام سلطة مستقلة لتهامة وحكم ذاتي وما إلى ذلك من طروحات.. كيف تعلقون على ذلك؟! وما الدلالة التي يحملها التوقيت المتزامن مع التصعيد العدواني؟!
هذا هو فعلاً ما يسعى له العدوان منذ البداية، وما يفعله حالياً في المناطق الواقعة تحت سيطرته، يريد تجزئتها تحت عناوين مختلفة ليسهل له التحكم بها واحتلالها بسهولة ودون مقاومة.
المعركة الجارية في تهامة الآن ويخوضها أبطالنا من الجيش واللجان والأهالي، هي للدفاع عن السيادة والاستقلال والكرامة والحرية. ولا يمكن أن يتم التفريط بشبر واحد من الأرض.
هذا الطرح ساذج جداً، فهذه التضحيات والمعركة التي يخوضها أبطالنا ليس لنفتح للعدو الطريق ونسلم له الأرض! هذا كلام يطرح إذا لم تكن هناك مواجهة قائمة. لذلك هذا كلام لا جدوى منه ولا طائل ولا يمكن حدوثه.
ونحن نقول لقيادة البلد إننا صامدون هنا في تهامة وسنقدم الغالي والنفيس لدحر العدو ولن نفرط بشبر من الأرض، وليكونوا على ثقة أن في تهامة رجالاً صادقين لا يخافون في الله لومة لائم.

لا يمكن خداعنا
 أي أن هذا الخطاب هو فخ راهن عليه العدو، إذ يحاول استجرار نزعات ما قبل وطنية تم العمل عليها منذ عقود لتفكيك المجتمع، ولاحظتم كيف تزامنت مع عودة ما يسمى (الحراك التهامي) ورفع علم خاص لتهامة...؟!
هذه دعوات عمل عليها العدو، وأبناء تهامة وطنيون وانتماؤهم لليمن عالٍ. وليسوا على هذا النحو الذي يعتقدهم العدو عليه.. وبالأخير هناك ضعاف نفوس ومرتزقة تجاوبوا مقابل المال والمصالح. لكن عموماً، فأبناء تهامة لا يمكن خداعهم وبمثل هذا الحديث، وهم فعلياً قد أخذوا حذرهم مما رأوه في المحافظات الجنوبية وتعز، وكيف هو الحال هناك، وبالتالي يحرصون بشدة ألا تتكرر هذه التجارب في مناطقهم بتهامة.

محاولات لإنقاذ العدو
 برأيك، ما الدافع الحقيقي لقدوم المبعوث الأممي إلى صنعاء بعد بدء التصعيد العسكري على الحديدة؟!
أنا برأيي أن المبعوث لم يأتِ إلا ليخفف وطأة الخسائر والهزائم التي يتلقاها مرتزقة وقوات العدو على الأرض، أملاً منهم أن التخاطب مع صنعاء ومجيء المبعوث سيلطف من حدة المعركة.

 إذن، المبعوث الحالي لا يختلف عن سابقه ولد الشيخ؟!
يا سيدي الكريم، هذه الحرب التي يواجهها اليمنيون منذ أربعة أعوام عَرت المجتمع الدولي ودعوات الإنسانية والحقوق التي يتبنونها، هذا العدوان أسقط الأقنعة عن مدعي الدفاع عن حقوق الإنسان وأثبت أنهم يرتزقون على المال السعودي على حساب معاناة ومظلومية شعبنا.. نحن صرنا نثق أن الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية ومثيلاتها هي عبارة عن هياكل يتم الارتزاق من خلالها والمتاجرة بقضايا الإنسان.

المنظمات الدولية تتاجر بمعاناتنا
 بالحديث في هذا السياق، ما الذي قدمته هذه الجهات في الجانب الإنساني لأبناء الحديدة، وهي التي ضجت وسائل الإعلام عن معاناة تهامة وأوضاعها المزرية وما إلى ذلك؟!
لا شيء غير البكائيات، واستغلال ذلك لاستدعاء المساعدات التي لا يصل منها شيء لأبناء تهامة، وليس أكثر من 2% منها، فجلها تذهب لهذه الجهات الدولية على شكل مصاريف تشغيلية وأجور نقل وغيرها من التبويبات التي توضع لإثراء أصحاب هذه الجهات.
أبناء الحديدة يعانون كباقي اليمنيين منذ أربع سنوات، وهذه الجهات الدولية المتباكية لم تفعل لهم شيئاً غير التربح والمتاجرة بمعاناتهم في الأوساط الدولية.
والمسألة أن اليمنيين صاروا يعيشون في سجن كبير بفعل الحصار، ويتعمد التضييق عليهم لكسر صمودهم، وهذا يجري بإشراف الأمم المتحدة، وعلى مرأى ومسمع من العالم.

حجج ومبررات كاذبة
 أيضاً، العدو يقول إن عمليته العسكرية في الحديدة هي إنسانية وانطلقت لإنقاذ المواطنين وإغاثتهم.. ما تعليقك؟!
وما الذي سيقوله غير ذلك؟! بأي حجة جاء لاقتحام الحديدة؟! لن يقول غير ذلك وهذا معتاد. هو بالتأكيد لن يقول إن له أطماعاً في الحديدة ومينائها وفي البحر والسيطرة على المياه الإقليمية لليمن، لن يقول ذلك. وفعلياً، أبناء تهامة يدركون جيداً من يطبق الحصار عليهم، ومن يستهدف الصيادين ومن يمنعهم من الاصطياد في مياه بلادهم، ومن الذي يستهدف محطات الكهرباء سابقاً والآن مع الحملة العسكرية على الحديدة، ومن الذي يمنع وصول المساعدات إليهم... إلخ.

حسب الموارد المتوفرة
 من جانب آخر، هناك من يقول إنكم أيضاً كسلطة محلية لديكم تقصير في هذا الأمر الإنساني، وكذا في الجانب الشعبي المساند للمواجهة العسكرية!
أولاً نحن دورنا كسلطة محلية هو إدارة شؤون المحافظة إدارياً وخدمياً، وليس عسكرياً. هذا الأخير يقع ضمن صلاحيات المنطقة العسكرية الخامسة. أما شعبياً فنحن حاضرون بالفعاليات واللقاءات والتحشيد والتعبئة إلى جانب المعنيين المركزيين.
في الجانب الخدمي، فالبلاد تحت الحصار المطبق، وتعاني انقطاع الإيرادات التي يستولي عليها المرتزقة والعدوان، وهذا أثر بالتأكيد على عملنا كسلطة محلية، لانقطاع النفقات والرواتب، ونحن نحاول جاهدين كغيرنا الإبقاء على الحد الأدنى من الخدمات. السبب في هذا الوضع هو العدوان والحصار والتدمير للبلد من قبلهم...

معاناة جراء العدوان والحصار
 وما هي أبرز نقاط القصور التي تعاني منها المحافظة وتؤثر على أداء السلطة المحلية؟!
أولاً وقبل كل شيء، ما تعانيه المحافظة جراء العدوان والحصار، هو انقطاع الأدوية والمحاليل الطبية اللازمة لمرضى الفشل الكلوي ومراكز الغسيل، وعدم قدرة المرضى الذين بحاجة للسفر على الخروج.
أصبحت المستشفيات غير قادرة على تقديم أبسط الخدمات، إلا ما ندر، نتيجة عدم وجود أي إمكانات مالية، وعدم القدرة على استيراد اللازم من الأدوية والمحاليل وغيرها من المستلزمات العلاجية، بسبب توقف الاستيراد.
هناك شحة في موارد المحافظة، نتيجة الحصار المطبق.. هناك تلف المحاصيل الزراعية للأهالي تماماً بسبب عدم وجود سوق يسمح بالتصدير لخارج البلاد، وأيضاً المعاناة من غلاء المشتقات...

 لكن العدو يقول إن الميناء لديه موارد لكنها تذهب للحرب ويتم نهبها وأن بإمكانها حل أزمة البلد!
يا أخي، ميناء الحديدة بسبب الحصار لا يسمح له باستقبال السفن والواردات إلا القليل، حوالي 5% من حجم الوارد السابق.. وبالتالي ما المدخول الذي يمكن الحديث عنه؟!

سنواجه العدو ولن نستجديه
 وما الذي بيد القيادة العليا للدولة والسلطة المحلية أن توفره للمحافظة ولم يحدث ذلك؟!
بيدهم أن يقدموا ما يستطيعون بحسب المتاح، أن يشغلوا من الخدمات بما يتوفر، لاسيما في الجانب الصحي. ونحن نعرف أن الموارد منعدمة للسلطة، فميزانية الدولة 80% منها كانت تغطيها مبيعات النفط، وهذا ليس بيد السلطة بصنعاء، بل بيد قوى العدوان. أيضا المنح والمساعدات توقفت عن صنعاء.. أصبحت الموارد الرئيسية للبلد جافة، لذلك السلطة تحاول بقدر المستطاع.
أيضاً هناك جانب آخر، وهو المساعدات الإنسانية من فاعلي الخير التجار والأهالي والتكافل وهو جهد وإسهام مشكور لإنقاذ الحياة لمستشفيات ومراكز الغسيل الكلوي.
وواقع الحال، أن اليمنيين صاروا يوقنون أنه لا سبيل إلا المواجهة، وليس بمقدورهم التسول أو الاستجداء من العدو لقمة العيش والدواء.