الوزارة ماطلت في الرد على أسئلة الصحيفة حول هذه الاتهامات
د. فرحان هاشم لصحيفة (لا):التعليم العالي .. غسيل وتبيض شهادات جامعية


 بشرى الغيلي / لا ميديا

لم تصدق (و.أ) موظفة أن ابنتها تم قبولها بإحدى الجامعات الخاصة، وهي بمعدل ضعيفٍ جداً، بوساطة من أحد النافذين لدى تلك الجامعة، ما ستفاجأ به مستقبلاً (و.أ) حين تتخرج ابنتها ذات المعدل الضعيف، أن شهادتها لن تُعتمد كونها قدمت عبر واسطة، وليس عبر البوابة الإلكترونية للتعليم العالي، هذا المصير المجهول ينتظر الكثير من الطلاب الملتحقين بالجامعاتِ الخاصة، حيث انتشرت الجامعات الخاصة بشكلٍ لافت في الآونةِ الأخيرة، فما تكاد تخلو فترة دون أن يتم الإعلان عن افتتاحِ جامعةٍ جديدة، وتمنح لها تراخيص مخالفة لمعايير الاعتماد الأكاديمي... الكثير من النقاط الهامة أثارتها صحيفة (لا) مع د. فرحان هاشم، مستشار وزارة التعليم العالي، الذي أوضح حقائق صادمة تضمنها هذا اللقاء.

تمزيق اليمن أكاديمياً
  هل لا تزال الجامعات الحكومية في المناطق المحتلة تخضع لوزارة التعليم العالي؟
يهدف العدوان الأمريكي السعودي إلى تمزيق اليمن، علمياً وأكاديمياً، وذلك من خلال إبقاء بعض الجامعات تحت سيطرة المرتزقة في ما تسمى المناطق (المحررة)، وبذلك أصبحت الجامعات الحكومية الخاضعة لسيطرة المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني في صنعاء، 11 جامعة حكومية، حيث إن جامعتي عدن، وحضرموت، وجزءاً من جامعة تعز، لم تعد خاضعة للتعليم العالي، وحسب إحصائية التعليم العالي فإن عدد الجامعات الخاصة بلغ 53 جامعة، ولكن التي تم اعتمادها عبر البوابة الإلكترونية لمركز تقنية المعلومات، 44 جامعة فقط، لأنه يتم منح الجامعة في البداية ترخيصاً أولياً لمزاولةِ عملها.

أغلقت بأوامر من النيابة
 ما هي المعايير المطلوبة للموافقة على إنشاء الجامعات الخاصة؟
وزارة التعليم العالي، ومنذ 2014م، شهدت تحولات نوعية، خاصة بعد وصول القيادات التي تم تعيينها من قبل اللجنة الثورية، ممثلة بالدكتور عبدالله محمد الشامي، حيث تم اتخاذ عدد من الإجراءات لإصلاح الاختلالات في مؤسسات التعليم العالي، الحكومية والأهلية، وتم في هذا الإطار إغلاق عدد من الجامعات الخاصة وبرامج علمية فيها تتوزع تخصصاتها على الطب، وطب الأسنان، والهندسة، والحاسوب، في أكثر من جامعة من الجامعات الخاصة، وقد تم إغلاق هذه البرامج لأنها كانت مخالفة لمعايير الاعتماد الأكاديمي، المقرة من مجلس الاعتماد الأكاديمي التابع لوزارة التعليم العالي، وذلك لأنها لا تمتلك أبسط المقومات التي تؤهلها لفتح مثل هذه التخصصات (الطب البشري، وطب الأسنان)، فالاعتماد الأكاديمي يشترط أن تكون هناك مستشفيات تابعة لمثل هذه الجامعات، إلا أنها للأسف لم تحقق هذا الشرط، بل إنها لا تمتلك أية بنية تحتية تؤهلها لفتح مثل هذه التخصصات، لذلك تم تشكيل لجان أكاديمية نزلت ميدانياً لفحص البنية التحتية لهذه الجامعات، ورفعت تقارير توصي بضرورة إغلاقها، وهو ما تم، وبأوامر من النيابة، كذلك تم إغلاق ما كان يسمى (التعليم عن بعد)، وهو جزء من التعليم الحديث الموجود في دولِ العالم.

11 جامعة خاصة تم إغلاقها
 كم عدد الجامعات الخاصة المخالفة للوائح وزارة التعليم العالي، التي تم إغلاقها؟
هناك أكثر من 11 جامعة تم إغلاقها من قبل التعليم العالي، خلال عامي 2014 و2015، وكان سبب الإغلاق مخالفتها لمعايير الاعتماد الأكاديمي، وبعد أن تم تشكيل لجان أكاديمية مختصة من داخل وزارة التعليم العالي، ومن خارج التعليم العالي، من الجامعات، وأصحاب التخصصات العلمية، وعبر مجلس الاعتماد الأكاديمي الذي هو الجهة المخولة في منح التراخيص، وسحب التراخيص من هذه الجامعات، نزلت هذه اللجان إلى الجامعات، ورفعت تقارير بأن هذه الجامعات مخالفة لمعايير الاعتماد الأكاديمي، وأنها غير مؤهلة لممارسةِ العملية التعليمية، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية، وتم إغلاق الجامعات المخالفة عبر النيابة.
غير أن تلك الجامعات تم فتحها بمجرد تولي الشيخ حسين حازب قيادة وزارة التعليم العالي، وتم فتحها بالمخالفة، كما تم منح تراخيص لجامعات أهلية وخاصة جديدة، خلال العام 2018، بمخالفةٍ صريحة لمعايير الاعتماد الأكاديمي، ولقوانين وزارة التعليم العالي، وقد رفعنا في هذا الصدد عدداً من القضايا أمام المحاكم، وأمام نيابة الأموال العامة، وهيئة مكافحةِ الفساد، والجهات المختصة، ونيابة مباحث أمن الدولة، وكل الجهاتِ الرسمية، ورفعنا لهم الملفات بأن هذه الجامعات تم فتحها بالمخالفة، لكن للأسف لم يتم التجاوب مع هذه القضايا المرفوعة.

لا تستفيد الدولة من الجامعات الخاصة
 هل تستفيد الدولة من إيرادات الجامعات الخاصة؟
لا تستفيد الدولة كثيراً من إيرادات الجامعات الخاصة، وإنما هناك حصة من التسجيل، فمثلاً مركز تقنية المعلومات التابع لوزارة التعليم العالي، والنافذة الإلكترونية التي تم إنشاؤها في 2014م من أجل عمل آلية ربط بين الجامعات الحكومية والخاصة، وتأسيس قاعدة بيانات وطنية، ووفق هذه النافذة الإلكترونية تستطيع وزارة التعليم العالي أن تعرف كم لديها جامعات حكومية، وكم لديها جامعات خاصة، وكم لديها أقسام تخصصية، وكم لديها طلاب في كل قسم على مستوى الجمهورية، وكم لديها خريجون، وكم لديها طلاب متبقون، وكم الشهائد المعتمدة، والشهائد التي كان يتم تزويرها خارج النافذة الإلكترونية، بمعنى أن هذه النافذة الإلكترونية شكلت قاعدة معلومات وطنية، تستطيع من خلالها الدولة أن تبني خططاً وسياسات استراتيجية للمستقبل على أساس معلومات واضحة محددة، ودقيقة. ولكن للأسف الشديد ما يمارسه وزير التعليم العالي الشيخ حسين حازب، اليوم، هو أنه يمنح تراخيص خارج هذه النافذة الإلكترونية، فوزارة التعليم العالي منذ 2014 أبلغت الجامعات الخاصة، والجامعاتِ الحكومية، بأن أي تسجيل خارج النافذة لن يتم تعميد الشهائد، كذلك في الجامعات الخاصة قمنا بتوقيع اتفاقية مع وزارة التربية والتعليم، وبمجرد الانتهاء من امتحانات كل عام دراسي، نأخذ قاعدة البيانات الموجودة في التربية والتعليم، إلى قاعدة البيانات التابعة للتعليم العالي، فالطالب عندما يسجل في أية جامعة حكومية أو خاصة عبر النافذة الإلكترونية التابعة للتعليم العالي، تظهر لنا بياناته كاملة، لأنه كان يتم تزوير الشهائد، فالطالب الذي تخرج من الثانوية العامة بمعدل 70 % علمي، وبطريقة التزوير المنظم يحصل على استمارة مخالفة ومزورة بنسبة 85 % علمي، ويسجل من خلالها طب بشري، لذلك عندما يتم تسجيله بالنافذة الإلكترونية، ويتم سحب قاعدة البيانات كل سنة من وزارة التربية والتعليم إلى وزارة التعليم العالي، الطالب يأتي بالاستمارة، فنقول له: نحن لا نبحث بالاستمارة، كم رقم جلوسك؟ ونبحث له برقم الجلوس، تظهر قاعدة بياناته والنتيجة الحقيقية. ومن خلال هذه العملية استطاعت النافذة الإلكترونية أن توقف أكثر من 10 آلاف عملية تزوير سنوياً، وتم رفع النسبة من 60 % علمي في الجامعات الخاصة تخصص طب بشري، بعد تدشين النافذة الإلكترونية لعام 2014، إلى 80 % علمي، ويتم إخضاع الطلاب في الجامعاتِ الخاصة لامتحانات القبول، لأول مرة في تاريخ التعليم العالي، لكن عام 2018، ومع وصول الشيخ حسين حازب إلى قيادة الوزارة، منحت الجامعات الخاصة طاقة استيعابية أكبر من الطاقة المحددة من مجلس الاعتماد الأكاديمي، وأكثر من التي رخصتها وزارة التعليم العالي، وخارج النافذة الإلكترونية، وهذه مشكلة ستظهر للطالب الذي يسجل بالمخالفة بعد مرور 4 سنوات، حيث إنه لا يمكن اعتماد شهادته من قبل وزارة التعليم العالي، لأنه سجل خارج النافذة الإلكترونية.

لا يوجد تخطيط سليم
 هل تصب مخرجات الجامعات الخاصة في سوقِ العملِ الخاص، أم أنها تتحول إلى عبءٍ على الوظيفة العامة؟
مثل هذه الجزئية تحتاج إلى استراتيجية شاملة للتعليم في الجانبين الحكومي والخاص بشكل عام، بمعنى أنه لا يوجد تخطيط سليم للتعليم العالي في اليمن، للأسفِ الشديد... لكن مع تأسيس النافذةِ الإلكترونية واعتمادها كقاعدةِ بيانات وطنية للحكومة اليمنية، تستطيع من خلالها عن طريق الخبراء والمختصين أن ينفذوا تحليلاً حول التخصصات وسوق العمل، بحيث إن التخصصاتِ التي وصلت إلى مرحلةِ تشبع في المجتمع ولم تعد مطلوبة في سوق العمل، يتم إيقافها، ودراسة ما هي التخصصات التي نحن بحاجة إليها.

مشكلة كارثية
 مناسيب رسوم الدراسة للطالب في الجامعاتِ الخاصة، صارت تثقل كواهل أولياء الأمور، فهل لدى التعليم العالي سقف محدد للرسوم؟
للأسف الشديد كانت قبل العدوان مبالغ كبيرة وباهظة، وتشكل عبئاً كبيراً على المجتمع، وعلى أولياء الأمور، ومع ارتفاع سعر الدولار وانهيار صرف العملة، تفاقمت هذه المشكلة، وأصبحت كارثية، لذلك لا يمكن في هذه المرحلة أن نصل إلى حلول جذرية، لكن ما يتم العمل به هو أن وزارة التعليم العالي يجب أن تضع استراتيجية واضحة للتعليم، وأن تلزم الجامعاتِ الخاصة بأن تسجل ضمن النافذة الإلكترونية، طبعاً هناك عملية تزوير وفساد منظم يتم في الجامعاتِ الخاصة، للأسف الشديد، هناك آلاف الشهائد لطلاب لم يحضروا يوماً لمحاضرة واحدة بالجامعات الخاصة، بل يدفع دولارات ليحصل على شهادة، ووصلت هذه الجامعات لمرحلة أنها تفتح فروعاً في الخارج، والفروع التي في الخارج لا تطبق الحد الأدنى من معايير التعليم العالي، وتمنحهم شهائد من اليمن، وزارة التعليم العالي تقوم بتعميدها للأسف.

شهائد مزورة
 هل من المعقول أن يتم تعميد هذه الشهائد وهي مزورة؟
نعم للأسف يتم تعميدها من قبل التعليم العالي، تبييض وغسيل لهذه الشهائد، وهي شهائد مزورة، وشهائد لا ترتقي للحد الأدنى من الشهائد العلمية، فجامعة مثل العلوم والتكنولوجيا لديها 40 فرعاً في الخارج، وقد تم إغلاق الكثير من هذه الفروع، وإغلاق التعليم عن بعد، فكان هناك فرعان في إدلب بسوريا الخاضعة لسيطرة داعش، وفي تركيا، وجمهورية الصومال، وهي عبارة عن مكاتب لجمع الأموال وغسيل لشهائد مزورة، ولا يوجد بها بنية تحتية أساساً، فإذا كانت ليست موجودة في صنعاء، فكيف توجد بنية تحتية في الصومال! لكن كان قد تم اتخاذ إجراءات عملية وملموسة لوقف هذا العبث المنظم، حتى تم تغيير الدكتور عبدالله الشامي، بتعيين الشيخ حسين حازب الذي يمارس مخالفات أمام مرأى ومسمع من المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني، والأجهزة الرقابية التي تم رفع الكثير من القضايا إليها.

ومن باب أخذ الرأي الآخر، والمتمثل في وزير التعليم العالي الشيخ حسين حازب، حاولنا التواصل معه ليرد على كل ما ورد في هذه المقابلة، فلم يتم التجاوب معنا، رغم رد سكرتيره حزام حازب علينا بأنه سيحدد لنا موعداً لأخذ تصريح منه، وتم تأخير المادة أكثـر من شهر، ونحن ننتظر متى سيتم تحديد الموعد، ولكن دون جدوى..