منى الحجري:الشاعرة لاتزال عورة بنظر المجتمع
- تم النشر بواسطة احمد عطا / لا ميديا
حوار: أحمد عطاء/ لا ميديا
للشواعر لغة عذبة وأسلوب مختلف من حيث الفلسفة والمشاعر النقية. والشاعرة الحقيقية هي التي تحتفظ بروحها وانتمائها، فما بالك بشاعرة تخرج من وسط لغوي مكثف ومجتمع أدبي بحت؟!
تلك هي ضيفتنا الشاعرة التهامية منى الحجري. لها نَفَسٌ يناطح عنان السماء، وإصرار إبداعي شاهق، كيف لا وهي من أوائل شواعر الساحل الكبير؟! حين تسمع لها تؤمن بالشاعرة اليمنية التي يكاد صوتها أن يغيب، خصوصاً في هذه المرحلة التي تمر بها البلاد.. لها حسٌّ جميل تلمسه في نصوصها الكثيرة، فهي ذات باع كبير في المجال اللغوي، ومشجعة للحياة الشعرية داخل محافظة الحديدة، وانعكس ذلك بتأسيس منتدى المُنى الثقافي، للاحتفاء وتشجيع الشعراء والشواعر والمبدعين بشكل عام. الشاعرة منى غنية عن التعريف بروحها المرحة والعميقة بفكرها وأدبياتها.
الكتابة على دفاتر الدراسة
أولاً هل لك أن تحكي لنا عن بداياتك؟
البداية كانت تدريجية منذ سن العاشرة، حيث كنتُ أصغر أخواتي، وكن يدرسن في الجامعة، وكنت شغوفة بقراءة كتبهن والقصائد المقررة عليهن، وجذبتني قصيدة لأبي تمام وقصتها، وحفظتها كاملة عن ظهر غيب معهن، مطلعها: (السيفُ أصدقُ إنباء من الكتبِ، في حدهِ الحد بين الجدِّ واللعبِ)، وعلى هذا المنوال حتى بدأت الكتابة خلف دفاتر الدراسة وفي أوراق الاختبارات في الثانوية العامة، وظهرت قصائدي فعلياً للناس في أيام الجامعة، حيث كنت أشارك في فعالياتها الثقافية المختلفة.
الحاجة للتشجيع
لماذا الشواعر في تهامة قليلات ويعددن بالأصابع؟
الشواعر في تهامة لسن قليلات بقدر ما هن يفتقدن الأماكن اللائقة للظهور، بالإضافة إلى تحفظ أهاليهن ومجتمعاتهن بشأن ظهورهن.
ما الذي تحتاجه الشاعرة التهامية لتبرز وتظهر للواجهة؟
الشاعرة التهامية تحتاج للتشجيع والمساندة لتظهر في الوسط الثقافي.
انزواء بعيداً عن المجتمع
كيف ينظر المجتمع التهامي للشاعرة من أبنائه؟
هذا السؤال قد أتحفظ فيه على بعض ما في نفسي، ولكن سأقول مجمل الحقيقة: المجتمع التهامي ينظر للشاعرة كأنها عورة وربما عار عليهم، ولا أعمم، فهناك من يفخر بها وينظر إليها باعتبارها كائناً نادراً وغريباً، وتكون عند البعض مطمعاً للأحاديث الخارجة عن إطار الأدب والثقافة، فنجد أكثر الشواعر ينزوين بمواهبهن في الخفاء بعيداً عن أعين المجتمع.
تعبير عن المشاعر
ماذا يمثل الشعر بالنسبة لك؟
الشعر يمثل لي حالة فريدة، إحساساً انفعالياً، وفي الأخير هو وسيلة للتعبير عما يختلج بداخلي من مشاعر مختلفة كالفرح والحزن والألم... وهلم جرا.
إبراز موروث تهامة
منتدى المنى للثقافة والتراث الذي أسسته.. حدثينا عنه قليلاً؟
منتدى المُنى للثقافة والتراث هو بادرة ثقافية نشأت في أكتوبر 2013م، كان هدفه تنشيط العمل الثقافي وإبراز موروث تهامة بشكل خاص وموروث اليمن ككل. قام المنتدى بعدة أنشطة أدبية وفنية، وكان المنتدى الوحيد في المحافظة الذي يُعنى بكل ما سبق، حتى اجتمعنا على إنشاء نادي القراءة في الحديدة الذي فعل الحركة الثقافية وحرك المياه الراكدة في المجتمع التهامي الذي انحسر حراكه الثقافي للأسف في (المقايل).
نصوص وقتية
هل لديك نصوص ملحنة ومغناة؟
نعم، قصيدتان، واحدة باللهجة العامية كانت تتر لفيلم قام به مجموعة من طلاب كلية الفنون الجميلة، بعنوان (بين العشق والأنا)، والأخرى كانت قصيدة في مدح المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه، بعنوان (أخلاقُنا)، لكني أعتبرها نصوصاً وقتية في كتابتها وزمانها.
طموحات كالبحر
ما هو طموحك الأدبي؟
طموحي الأدبي كبير وواسع باتساع بحر تهامة وساحلها، كطباعة ديوان مثلاً، وكثير من الأنشطة والفعاليات الأدبية التي تواجه الكثير من المصاعب لتنفيذها في الوقت الراهن...
تدهور معيشي ونفسي
كيف تقيمين الحالة الثقافية لدى الشواعر المبدعات حالياً؟
الحالة الثقافية للشواعر والمبدعات حاليا في الحقيقة مضمحلة مقارنة بالسنين الفائتة. الشواعر على مستوى الجمهورية ربما يعانين من تدهور معيشي ونفسي، بالإضافة إلى وضع البلاد وما تمر به من أزمات، وغير ذلك مما أدى إلى حجب الكثير منهن، ولا أعمم ولستُ هنا بمقام الحديث بالنيابة عنهن، وإنما هذا رأي شخصي فقط، وليعذرنني في ذلك.
تهامية ورأسي في السماء عالِ
ما هو النص الذي كتبته وترددينه باستمرار؟
نصان رددتهما كثيرا ورددهما معي الكثير، كانا عن تهامة، أقول في مطلع أحدهما:
تهامية وناري بالحشا يا ناس
مثل الماء مغلية
وقلبي صابته صدمة
غنَائي صار مَرْثِية
فُؤادي مِثلما الرِيشة
أحاسيسي رُومَانسية
ما أجي بالصوت والتهديد
أجي بِطيبة وحِنية
تهامية وراسي في السما عالي
فْ دَمي يجري وطن غالي
صحيح ما في معي منصب
ولا رُتبة إدارية
ولا في لي أهمية
ولكنَّ الوطن يبقى
فْ قلبي الحُر.. في روحي
أمل، أنفاس.. أُغنية...
أخذوا بيدي
من هو الشاعر الذي شجعك وأخذ بيدك في بداية تجربتك؟
الشاعر الذي شجعني على المشاركة والتفاعل مع المجتمع في بداية مشواري الأدبي هو الشاعر التهامي الصديق عبدالعزيز عجلان، ولا أنسى له ذلك. وتوالى بعده كثير من الشعراء الذين شجعوني بالإطراء والتحفيز، من بينهم الأستاذ الشاعر إسماعيل مخاوي والشاعر أيوب حشاش وكثير من شعراء ومثقفي تهامة، كالأستاذ القدير سالم مهيم وغيرهم.
ما هو الوقت المفضل لديك لكتابة القصيدة؟
في الحقيقة ليس لي وقت محدد للكتابة، ولكن الوقت المناسب هو الوقت الذي يسكنُ فيه كل شيء ما عدا الإلهام والقلم. طبعاً قصدي يكون المكان هادئاً جداً.
انغلاق المحافل الثقافية أمام المرأة
ما هو أصعب موقف مر عليك خلال تجربتك الشعرية؟
كتجربة ليس هناك صعب، ولكن الصعوبة كانت في إبراز هذه التجربة في المحافل الثقافية، بسبب انغلاق الكثير منها على الذكور، وكما أسلفتُ سابقا (المقايل)، حيث يصعب على الشاعرة أن تتواجد في أماكن خاصة بالرجال فقط، وأتحدث عن الحديدة، أما عداها كصنعاء فهناك أماكن، مثل منتدى القصة (المقة).
تعامل عاطفي مع الواقع
ما الذي يميز الشواعر عن الشعراء؟
لا أرى هناك تميزاً كبيراً، كلاهما يجيد الكتابة، ولكن ربما الشواعر يتعاملن مع الواقع بشكل عاطفي أكثر، وهذهِ طبيعتهن التي فطرهن الله عليها، ولا يغضب منا شعراؤنا على هذا الرأي، فجميعهم مبدعون.
من هي الشاعرة التي تجذبك بنصوصها كلما قرأت لها؟
تقصد من الشاعرات العرب أم من شاعرات اليمن؟ في الواقع هن كُثر ولا تسعفني الذاكرة لذكرهن، من بينهن الشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان، والشاعرة العراقية نازك الملائكة، والكاتبة السورية غادة السمان... أما من الشاعرات اليمنيات فهناك هدى أبلان وابتسام المتوكل والشاعرة الصديقة مليحة الأسعدي ونبيلة الشيخ وغيرهن.
ما المدى الذي تهدف الشاعرة اليمنية بشكل عام أن يصل إليه خلال مشوارها الإبداعي؟
مما لا شك فيه أن الشاعرة اليمنية تهدف إلى إبراز ثقافة وطنها وعاداته وتقاليده وتخليدها، بالإضافة إلى غرس المبادئ والقيم في قصائدها ووضع بصمة لها بين مئات الشاعرات العربيات.
برأيك ما هو المطلوب من شواعر تهامة في الوقت الراهن؟
برأيي ليس مطلوباً من شواعر تهامة إلا أن يعبرن عن أنفسهن، وطنهن، بيئتهن، أوضاعهن وما يعشنه من ظروف صعبة، ولا بأس إن كان بأسماء مستعارة كما يفعل البعض منهن.
قبلة من توت العشق
متى كان آخر نص كتبته؟ وما هو؟
قصيدة أعدتُ صياغتها قبل ليلة ويوم، عنوانها: (قبلة من توت العشق)، أقول في بعضها:
شعرتُ بأن بعضاً من غنــاءِ
تُحشرجهُ الخطايا في عزائي
فكيفَ بمذنبٍ يهوى المعاصي
يخــونُ اللهَ فـي ظُلَـمِ الخفــاءِ؟
وهـا أنذا: تُسَطِّـرُنِي حُروفــي
شديدُ الحُزن من قيــدِ السِّباءِ
أمُــد كفـوفَ قلبي من شجوني
يذوبُ الخوفُ في مقلِ المساءِ
كلمة أخيرة تودين قولها؟
أشكركم على هذا اللقاء الذي يلقي الضوء على شواعر تهامة، وعلى الشعر والمستوى الإبداعي والثقافي في اليمن. وأسأل الله عز وجل أن يُنعم على بلادنا بالأمن والأمان وأن يجنبها ويلات الحروب وأن يحفظ تهامتنا وأبناءها من كل مكروه.
المصدر احمد عطا / لا ميديا