صحيفة لا / حاوره/ عبدالرقيب المجيدي

الفن لغة عالمية، ولكننا نريد أن نكون مسهمين في هذه اللغة العالمية، وليس مجرد متطفلين عليه، لذلك نرى المخرج الياباني المعاصر يقوم بإخراج فيلم عالمي، لكن به قدراً من المحلية، والأثر نفسه لدى فنان آخر من الهند.
هكذا يبلغ مخرجون وفنانون كثيرون مرتبة عالمية، والمخرج والفنان عبدالله يحيى إبراهيم واحد من المبدعين الذين يصنعون فناً راقياً لهذا البلد. الفنان والمخرج والمؤلف عبدالله إبراهيم يدرك أن الفن ليس مشروعاً تجارياً ينتهي بانتهاء العقد، وإنما رسالة يعتلي صهوتها فارس مدجج بالمعرفة، ليرفع راية التقدم والرقي بالحس والذوق الإنساني. بعض الفنانين جُل همهم وكل سعيهم لا يعدو أن يكون تحقيق مجد شخصي أو دعاية ذاتية. يبدو أن الفنان عبدالله إبراهيم يستطيع بفنه ومسرحياته أن يعالج بالفن بثور التخلف وضمور الاقتصاد.

خدمة الفن اليمني
 كيف يحب الفنان والمخرج عبدالله يحيى إبراهيم أن يقدم نفسه لقراء صحيفة (لا)؟
أحب أن أقدم نفسي كفنان يحب هذا البلد، يحب أن يقدم فناً راقياً لليمن يرتقي للفن العربي والعالمي. هذا ما أتمناه طوال مشواري أو مسيرتي الفنية، وهذا يعتبر حباً لليمن وليس لنفسي، أحب أن أظهر مجموعة من الفنانين الجدد، أظهر مساحة فنية مختلفة وجانباً إبداعياً جميلاً وهذا الشيء سواء حققته أنا أو غيري فهو يعتبر فخراً لي ولليمن بأكمله.

المزج بين الشباب والقدامى
 هناك مشكلة يعاني منها الفنانون القدامى بسبب أن المخرجين يتعاملون مع فنانين جدد، برأيك لماذا؟
من المفترض أن تكون العملية مشتركة وأن يتم إشراك الفنانين القدامى والروح الجديدة والدماء الجديدة من الشباب. أعتقد هذا الشيء سيولد شيئاً إيجابياً، وهذا هو المفترض أن يكون، فالشاب الجديد عندما يحتك ببعض الفنانين القدامى فإنه يسير على خطى صحيحة وعلى خطى أكاديمية صحيحة، وهنا يتعلم منهم الالتزام والصبر والحب للعمل الفني وأيضاً يتعلمون منه النشاط والحماس والاندفاع الكبير ويعمل على تحفيزهم بإعادة نشاطهم، وهذه العملية إذا كانت موجودة سيكون الفن متماسكاً وقوياً.

أسلوب غير صحيح
  المخرج اليمني في كل أعماله يرافقه مجموعة من الممثلين دون غيرهم.. ماذا تقول في هذا الجانب؟
قد يكون المخرج يبحث عن راحة البال نوعاً ما، وهذا الشيء باعتقادي ليس صحيحاً، وأتمنى ألا أسير بهذه الخطوات، ودائماً أحاول أن يكون في أعمالي بعض الفنانين الكبار ومن الشباب وأحاول كل مرة أن يشارك في أعمالي وجوه جديدة وكل حسب الشخصية والدور الذي يقوم به.
الوصول إلى العالمية
 لماذا لم يظهر فنانون أو مخرجون يمنيون في بعض الأعمال العربية؟
هناك ظهور لفنانين في بعض الأعمال العربية، أما نحن كمخرجين يفترض بنا أن نرتقي بالفن داخل اليمن، وإذا ارتقينا وقدمنا أعمالاً محترمة فإننا سنكسر الحاجز ونستطيع أن نصل إلى مراحل عالمية. وهناك بعض الأعمال التي قدمت في اليمن واختلفت تماماً وأظهرت للوطن العربي أنه يوجد فن رائع في اليمن.

التقيد بالمنتجين
 لماذا الدراما اليمنية دائماً ترضخ لرغبات المنتجين؟
في الوضع الحالي تكلفة إنتاج عمل فني تتطلب المبالغ الكبيرة، ولذلك نتقيد بالمنتج ونتقيد بمواعيد المنتج الموسمية، لكن إن شاء الله سنتجاوز هذا الشيء، فالوالد الفنان القدير يحيى إبراهيم انفرد بمؤسسة الوفاء وأنا مدير تنفيذي لهذه الشركة.

حياة فنية
 إن لم تكن مخرجاً وفناناً ماذا ستكون؟
سأكون فناناً، لأنني عشت طفولتي في الفن وترعرعت على الفن، فأنا وجدت نفسي في المسرح وفي التلفزيون، ومنذ عرفت نفسي وأنا أعيش في أوساط الفنانين وفي خشبة المسرح، فكانت حياتي كلها في الفن.

لا أرد الانتقادات السيئة بالمثل
 كيف تنظر إلى النقد؟ وما الجميل الذي يرضيك؟ وما السيئ منه؟
النقد البناء يدفع الإنسان إلى التحسين والتغيير في حياته ومحاولة إيجاد الشيء الجميل، لكن للأسف هناك انتقادات تكون خارجة عن الإطار. أنا طبعاً لم أسئ إلى أحد، حتى لو أتتني انتقادات مسيئة أرد عليها بكل أخلاق وكل أدب، لأنني فنان ورسالتي سامية للجميع.

السرطان في مسرحية كوميدية
 عمل فني تعتز به كثيراً...؟
مسرحية (من أنت؟!) أعتز بها كثيراً، وكاتب المسرحية هو الأستاذ حسن عناب، وأنا من قام بالمعالجة الدرامية للعمل، وكانت هذه المسرحية تتحدث عن السرطان بطريقة مختلفة، فأعمال السرطان تكون دراما ومأساة، إلا أن مسرحية (من أنت؟!) كانت مسرحية كوميدية جميلة وكان الجمهور يضحك وكان فيها رموز معينة، كما أن هذا العمل فيه حبكة وفكرة مختلفة تماماً، وكذلك برنامج (مواقف) كنت أعتبره طفلي البكر وهو من الأعمال التي أعتز بها، وكانت الفكرة فيه مختلفة، وكان إخراجي ومن كتابتي، وهذا البرنامج ظلم وهضم بحكم أنه كان يبث في أيام الحرب فكانت الكهرباء طافية ولم يتابعه الكثير.

إضافة ما يخدم النص
 إذا قدم لك بعض النصوص هل تضيف إليها ما يتناسب مع إيقاعك وأسلوبك؟
إذا كان النص جميلاً فإنني أضيف إليه لمسات إخراجية، وإذا كان النص ضعيفاً أحاول قدر استطاعتي أن أضيف إليه الجانب الذي أبحث عنه.
من الذاكرة
 درست في سوريا تكنولوجيا المسرح في المعهد العالي للفنون وفي المعهد الروسي في قسم الإخراج السينمائي.. ما هي الذكريات التي لا تزال عالقة في ذهنك؟
أذكر أول اختبار لي وكان يتواجد ممثلون كبار مثل الأستاذ عبدالمنعم عمايري والأستاذة منى واصف. الاختبار كان أول دخولي للمعهد، فمن المواقف التي حصلت لي أن الاختبار كان إذا وجدت شنطة في الشارع ولا يوجد بجانبها أحد ماذا ستفعل؟ قمت أمثل المشهد والتفت يميناً وشمالاً وعملت نفسي أنني آخذ الشنطة وأنسحب، بعد ذلك سمعت صوتاً من عند اللجنة وضرب على الطاولة بقوة وقفز من فوق الطاولة في ذلك الوقت، عندما رأيته يتجه نحوي شعرت أنني ارتكبت خطأ كبيراً فارتعبت وارتبكت، فقال لي: إلى أين ستأخذ الشنطة؟! حينها نزلت الدموع من عيني لاإرادي فقلت له سآخذها وأسلمها لقسم الشرطة، وكان أعضاء اللجنة يضحكون ويصفقون من الارتباك الذي أنا فيه ومن طريقة التصرف التلقائية التي قمت بها.
ومن الذكريات التي لا تزال عالقة في ذهني: كنت مع فرقة الأستاذ الفنان بسام داود، وأوجه له عبر صحيفة (لا) كل الحب والتقدير، وهي فرقة مسرحية وأنا كنت من ضمن المقبولين في هذه الفرقة، فكانت الكثير من الذكريات معهم في الاختبارات والتدريب، والذي استفدت منه بشكل كبير في مادة التمثيل، فشكراً له. في سوريا اكتسبت خبرة كبيرة وصقلت لي موهبتي بشكل كبير جداً.
 مسلسل تمنيت أن يكون من إخراجك...؟
مسلسل (حكاية من الحارة)، وهو مسلسل قديم من الأعمال الجميلة، وفيه حبكة للأستاذ القدير سمير العفيف.

عمل أفتخر به
 مسرحية (حلا حالي) من أفضل أعمالك والتي انتشرت كثيراً.. ماذا تعني لك؟
مسرحية (حلا حالي) من الأعمال التي أفتخر بها، وتعتبر من الأعمال الراقية، وأشكر مؤسسة القيادات الشابة الذين استطاعوا أن يقدموا مسرحاً حقيقياً بكل إمكانياته، ديكوراً وإضاءة... وكانت بمشاركة الفنان الغنائي الرائع الأستاذ حارث الشمسي، وكذلك الفنان القدير يحيى إبراهيم والفنانة منى علي والفنانين قيس السماوي وطارق السفياني والعديد من الشباب المشاركين في المسرحية، وكان لها صدى كبير جداً.

والدي مدرستي الأولى والأخيرة
 ماذا أضافت لك شهرة الفنان القدير يحيى إبراهيم؟
أوجه لوالدي التحية والشكر عبر صحيفتكم، فهو مدرستي الأولى والأخيرة، فشهرة والدي ومكانته أفادتني بشكل كبير، فأنا كنت أراقب والدي بشكل كبير، أراقب تصرفاته، استفدت من الشيء الإيجابي بعد ذلك حبيت انفرد عن خط والدي وأثبت لي مساحة خاصة بي، فاتجهت إلى الإخراج، ووالدي ليس في هذا المجال وهو الإخراج التلفزيوني، فاشتغل والدي معي ببعض الأعمال وقال لي. أنت تشتغل بطريقة مختلفة وأنا أفتخر بك.

أتمنى بناء خشبة مسرح
 بماذا يحلم الفنان عبدالله يحيى إبراهيم؟
حلمي نابع من جرح! أتمنى من أعماق قلبي أن أستطيع بناء خشبة مسرح لبلدي، مسرح حقيقي في اليمن، بلد بأكمله لا يمتلك خشبة مسرح خاصة ولا حتى حكومية، كل ما نملكه في اليمن هو مركز ثقافي. فالمسرح ثقافة، ومبنى ثقافة اليمن وثقافة الشعوب من خلال المسرح.

الفن عزلني عن هوايتي
 هل لك هوايات قريبة من التمثيل أو بعيدة عنه؟
أهوى السباحة بشكل كبير، فأنا سباح ماهر، وكنت أتمنى أن أشارك في بطولات، لكن الفن أخذني وأخذ تركيزي واهتمامي بدرجة كبيرة جداً، وأنا أحب الفن لدرجة جنونية لا يتوقعها أحد.

 كلمة أخيرة...؟
أشكرك كثيراً، وأنت من الناس الرائعين الذين تعرفت عليهم مؤخراً، وتشرفت جداً بمعرفتي بك. وأشكر صحيفة (لا) وكل من يهتم بالفن.