علي نعمان المقطري / لا ميديا

بعد أن وقعت العديد من قوات العدو وألويته تحت التطويق والحصار والتقطيع عن قواعدها وتعريضها لحقول الألغام في مناطق مديرية التحيتا، وجد العدو نفسه يفر بما أمكنه إنقاذه والعودة إلى قواعده في الساحل الغربي الفازة ـ الجبلية ـ المجيليس ـ الجاح ـ الطائف، حيث تتركز عدد من الألوية المحاصرة إلى الآن، وخلال الشهرين السابقين حاول العدوان أن يمد قواته بأسلحة وتموينات عبر الجو بالمظلات لكسر أحزمة التطويق والبحث عن مخارج ومسارب توصلها إلى القواعد الخلفية للعدو، ولكن دون جدوى، ولذلك ركز العدو هجماته على مناطق التحيتا، حيث يتمركز أغلب المحاصرين، وقد شن العدو خلال يونيو ويوليو الماضيين عدداً من الهجومات والزحوفات تركزت على مركز التحيتا، لكن الجيش كان قد أعد الكثير من الحقول المفخخة لاستدراج العدو والإيقاع به، ولم يفق العدو إلا وهو في قلب الكمين المحكم تتفجر تحته الأرض في كل اتجاه، ووقع لواء بأكمله أو من بقي منه في الكمين والحصار، واعترف إعلام العدوان بمصير اللواء البائس بقيادة العميد المرتزق محمود العزب، وهو من ألوية الحماية الرئاسية التابعة لهادي، الذي تعرض للتدمير في كتائبه، حيث قتل وجرح وأسر أكثر من 600 فرد من أفراده، ودمرت أكثر من 45 مدرعة وآلية ودبابة وعربة، كما دفع العدو بلواء ثالث إلى شمال التحيتا في صحراء المجيليس، لشن اختراق جديد للسيطرة على شرق التحيتا وفك الحصار على ألويته هناك، وما إن توغل العدو في صحراء المجيليس حتى اصطدم بقوة كامنة في وسط الصحراء شنت عليه هجومات خاطفة.

هجومات يمنية مضادة.. الفازة كانت البشارة
بدأت قوات الجيش واللجان شن هجمات مضادة ضد مواقع العدو المحاصر على طول الطريق الرئيسي الرابط بين المخا ـ التحيتا ـ الدريهمي، وكانت أولى المناطق والنقاط المستهدفة بقوة من قبل الجيش واللجان هي منطقة الفازة الواقعة جنوب غرب التحيتا، حيث رابط فيها عدد من ألوية العمالقة وكتائبها للسيطرة على الطريق الرئيسي العام وتأمين حركة العدو المتقدم من الجنوب، حيث تم التنكيل بعدة كتائب في المنطقة.

حيس ـ الخوخة كعب أخيل العدوان 
كان العدوان قد حصل على حيس ـ الخوخة عبر خيانة عفاش نهاية العام الماضي ومطلع العام الجديد، وبحكم موقعها فقد أراد العدو أن يجعلها قاعدة انطلاق نحو الجراحي ـ زبيد من الجنوب لإسناد هجوم العدو من التحيتا ـ زبيد، غير أن الجيش واللجان كانوا قد طوقوا حيس من جهة الشمال والشرق والجنوب، وشنوا عليها هجمات جعلتها في وضع المطوق من الخارج من 3 اتجاهات، وتتوسع قوات الجيش واللجان باتجاه منطقة موشج الآن على الطريق بين حيس والخوخة، مما يهدد العدو بقطع خطوط إمداداته من المخا ـ الخوخة ـ التحيتا، واستكمال السيطرة على حيس ـ الخوخة.

الجبلية خابور في خاصرة العدو
من الجبلية يشرف العدو على الطريق الإمدادي القادم من المخا ـ الخوخة، كما تقع الجبلية بين الخوخة والتحيتا من جهة الغرب، وتسيطر على الطريق الرابط بين الخوخة ـ التحيتا، وتتحكم بالإمدادات القادمة من الخوخة وميناء الحيمة إلى التحيتا في الشرق ومنها إلى بقية المناطق الرئيسية المستهدفة. على هذه النقطة الهامة عقدة عدة طرق رئيسية تركزت حولها وداخلها عدة كتائب تتبع ألوية العمالقة السلفية التكفيرية، وشكلت بذلك الخاصرة الضعيفة للاختراق الأخير للعدوان، حيث أباد الكتيبة الأولى في شهر يونيو الماضي، والكتيبة الثانية في شهر يوليو، وفي الـ22 من أغسطس الماضي شنت قوات الجيش واللجان هجومها الكبير على بقية الكتائب في الجبلية واجتاحت سوقها ومدرستها ومركزها، وطاردت فلول المرتزقة خارج المنطقة بعد أن حررتها كاملة، كما شنت قوات الجيش واللجان هجوماً جديداً على مواقع العدو خارج ومحيط الجبلية التي انسحب إليها العدو بعد انكساره في الـ8 من أغسطس، حيث أبادت قوة جديدة قتل منها 50 مرتزقاً وجرح 60 آخرون، ودمرت عشرات المدرعات والآليات والعربات، كما استسلم أكثر من 200 مرتزق، ما شكل مظهراً بارزاً من مظاهر انهيار العدوان في الساحل.

الدريهمي وحلم القفز شمالاً
بعد فشل العدو في التقدم شرقاً لاقتحام مناطق الساحل شرق التحيتا ـ زبيد ـ الجراحي، ووقوع حيس في حصارها الطويل من قبل الجيش واللجان من عدة اتجاهات، سارع العدو إلى محالات توسيع الاختراق شمالاً للتوغل نحو مناطق الزعفرانة انطلاقاً من مناطق شمال الدريهمي الصحراوية المكشوفة للتسلل إلى مفرق طريق الحديدة ـ تعز، والحديدة ـ صنعاء، لتحقيق هدف الاختراق الكبير المتمثل في عزل الحديدة عن بقية المحافظات المحيطة، ليسهل حصارها واجتياحها، ولذلك تركزت هجماته خلال الشهرين الأخيرين على محاور الدريهمي الشمالية الشرقية بأكثر من نسبة عملياته على محاور التحيتا جنوباً، وهو ما يعني أن العدو مشدود إلى تحقيق الهدف الرئيسي للعمليات الحربية رغم حصار قواته وإخفاقاتها السابقة جنوب الحديدة.. جعل العدو الساحل الغربي ساحته الكبرى للعدوان، وعقد عليها آماله أكثر من أية جبهة أخرى، وركز أكثر قواته هناك، مما يجعلها ساحة واعدة ومصيرية، والجريمة التي ارتكبها العدو في الدريهمي بحق 20 طفلاً وأمهاتهم وآبائهم، في غارة للطيران الحربي، خلال انتقالهم من المدينة إلى خارجها نزوحاً إلى مناطق أكثر أمناً، مع إدراكه لنوعية الهدف، هي جريمة تأتي ولم تبرد بعد جثامين أطفال ضحيان صعدة الذين استهدفهم طيران العدوان قبل أسبوعين، وقتل وجرح أكثر من 150 طفلاً، تأتي شهادة جديدة على مدى بشاعة قادة الكيانات العميلة وأسيادهم.. الاختراق الساحلي السابق في يونيو ويوليو الماضيين جعل مركز الدريهمي تحت سيطرة الجيش واللجان، وكانت الدريهمي تعرضت للحصار من كل جانب من بداية شهر أغسطس، وواجهت عدة زحوفات حاول فيها العدو احتلال مركز الدريهمي، إلا أنه تعرض لهزائم وخسائر باهظة، حيث تم تدمير أكثر من 50 مدرعة وآلية، وقتل وجرح وأسر أكثر من ألف مرتزق من ألويته، كما وقعت ألوية جديدة في الحصار إلى جانب سابقاتها خاصة لواء 103 الشهير الذي كان مصيره مأساوياً، واعترف بذلك إعلام العدوان.
وكان من أشد هجومات العدو يوم الـ8 من أغسطس الماضي، حاول فيه مهاجمة مركز الدريهمي، إلا أنه تكبد خسائر كبيرة تمثلت في عشرات القتلى والجرحى وعشرات المدرعات والآليات.
وفي الـ14 من نفس الشهر، شن العدو في شمال الدريهمي وغربها محاولة هجومية جديدة للتقدم نحو مداخل الدريهمي، لكنه فشل، وبعد 4 أيام عاد العدو ليشن هجوماً جديداً على الدريهمي من عدة محاور، إلا أنه واجه مقاومة شديدة أوقعته في كمائن وفخاخ أودت بحياة المئات من جنوده ومرتزقته وآلياته، حيث قتل وجرح أكثر من 500 مرتزق، ووقع في الأسر أكثر من 60 آخرين، ثم تعرض العدو لنكسة جديدة يوم 22 أغسطس. وحين فشل العدو في هجوماته وتحطمت الهجمات السابقة على مداخل الدريهمي، اتجه نحو الصحراء الواقعة شمال المنطقة ليعيد تنظيم قواته ويستعد للمرحلة التالية التي كان يخطط فيها للتحرك شمالاً انطلاقاً من الصحراء.

أين ينتهي المطاف بالعدو في مغامراته الأخيرة؟
سؤال اللحظة الراهنة يتمثل في: أين ينتهي المطاف بالعدو في مغامراته الأخيرة؟
يهدف العدو الوصول إلى الكيلو 16 كنقطة ارتكازية لبداية جديدة حاسمة على الطريق لتطويق الحديدة، هي نقطة للعبور لا للتمركز والتوقف عندها، وقد وصل إليها فعلاً، وسيطر لساعات، لكنه تلقى ضربات موجعة جعلته يتراجع جنوباً وغرباً، ليحاول الهجوم من الغرب باتجاه المنظر جنوب غرب المطار، وبعد تلقيه ضربات موجعة عاد ليتمركز جنوباً في صحراء الدريهمي جنوب الكيلو 16، لإعادة تنظيم قواته وتعويض خسائرها لإعادة المحاولات مجدداً على كل من الكيلو 16 والمطار ومفرق باجل ـ الكثيب.
ملاحظات هامة ومفصلية في معركة الساحل الغربي:
1. لقد كان المطار هو المحور الأساسي الذي دار حوله الصراع طوال المحاولات الهجومية للعدو خلال الفترة السابقة، والذي يريد العدو السيطرة عليه الآن.
2. إن هدف العدو المخفي لكنه رئيسي هو الوصول إلى مفرق باجل عبر الكيلو 16 ـ المراوعة ـ القطيع.
3. إنزال قوات بحرية وجوية في شمال منطقة الكثيب، وتوسيع اختراق الكثيب نحو الشرق.
4. تتلاقى القوات الغازية الآتية من الكثيب والمطار والكيلو 16 في نقطة المفرق لتحكم حصار وتطويق مدينة الحديدة.
5. تحويل المطار بعد السيطرة عليه إلى رأس جسر كبير لإنزال القوات الأجنبية الغازية ونقلها من البحر إلى البر مباشرة دون التورط في مغامرات بحرية تهدد بكوارث محتمة له، وإعادة الهجوم من البر نحو البحر في الشق المحاذي للساحل الغربي من المياه للتخلص من المعوقات والألغام لفتح الطريق أمام تحركات السفن والبوارج العدوانية لنقل القوات والمعدات الحربية.
6. إطلاق حملة كبيرة من القصف الجوي الصاروخي على المدينة الصامدة لترويعها وإرهاب أهلها وإجبارهم على مغادرتها.
7. عرض سلام غير مشرف يقضي بتسليم المدينة كمدخل لأية مفاوضات جديدة كغطاء سياسي للاستعداد لاجتياح المدينة.
8. يمكن هزيمة العدو في أية نقطة يصل إليها بخيار بسيط بما هو متوفر في أيدي قواتنا وشعبنا من أسلحة وإرادة وعزم، فالنقاط المفصلية الآنية في المخطط العدواني هي محيط الدائرة الممتدة بين باجل والمطار والكيلو 16 والكثيب، كضرورات موضوعية لأي تصور عملياتي عدواني، ولو لم تكن الكثيب وباجل قد ظهرتا في خارطة العدو في الوقت الراهن، فإنه كان يتعمد إخفاءهما ليحتفظ بالمفاجأة لنا.
النقطة القادمة التي سيستهدفها العدو ستكون منطقة الكثيب كمحور ثانوي بهدف جذب اهتمامات قوات الجيش واللجان بعيداً عن مركز اهتمام عمليات العدو الكبرى جنوب شرق وغرب مدينة الحديدة.