استطلاع وتصوير: فضل النهاري

أصبحت الحوبان (الواقعة شرق مدينة تعز) منطقة جذب اقتصادي وعمراني كبير، على الرغم 
مما أفرزه واقع العدوان والحصار من حالة ركود اقتصادي وتفش للبطالة.
وقد تزايدت أهميتها في الوقت الحاضر، كونها تحتضن أعداداً كبيرة من النازحين من أحياء وسط تعز، بالإضافة 
إلى النازحين من خطوط التماس على أطراف المدينة (مناطق القصر والجحملية وصالة وكلابة وغيرها) الباحثين عن الأمن والاستقرار بعيداً عن مناطق سيطرة عصابات المرتزقة وما ترتكبه من جرائم بحق المواطنين بشكل يومي.
البحث عن الأمان
لعل من أهم ما يلفت نظر الزائر إلى منطقة الحوبان اليوم هو التوسع العمراني المتسارع الذي تشهده، وبالرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة وارتفاع الأسعار لاسيما مواد البناء، لكن كثيرين يؤكدون أن ذلك لم يكن ليحدث لولا ما تتمتع به هذه المنطقة من سمات وخصائص أسهمت في حدوث هذه الحركة العمرانية التي تعيشها، حيث يرى عبدالرحمن الجنيد (تربوي) أن تطور جوانب الحياة في الحوبان يعود إلى سببين رئيسين: السبب الأول يكمن في نزوح أغلبية السكان من المناطق التي تقع تحت سيطرة عصابات المرتزقة، وذلك لعدم توفر الأمن في تلك المناطق التي أصبحت مناطق طاردة للسكان، على عكس المناطق التي تقع تحت سيطرة الجيش واللجان الشعبية، حيث يتوفر فيها الأمن والأمان، وهو ما يبحث عنه الجميع بلا استثناء.
ويستطرد: أما السبب الثاني فيتمثل في كون أصحاب رؤوس الأموال والتجار لا يستطيعون ممارسة أنشطتهم التجارية في مناطق سيطرة مرتزقة العدوان خوفاً من تعرضهم للسرقة أو النهب أو الابتزاز المالي من قبل فصائل المرتزقه، والجرائم والحوادث الأمنية التي شهدتها تلك المناطق ولا تزال هي خير دليل على ذلك.
ويضيف الجنيد: لقد نزح الأهالي إلى مناطق سيطرة الجيش واللجان للنجاة بأرواحهم وبما تبقى لديهم من أموال ومدخرات، بحثاً عن الأمان، وعن بيئة مناسبة للاستثمار، ففي الحوبان اتجه المواطنون لبناء المنازل السكنية والأسواق التجارية وغيرها، واتجهوا لممارسة أنشطتهم التجارية والمهنية، وذلك لتوفر مقومات الدولة، على عكس مناطق سيطرة المرتزقة.

نمو عقاري ونهوض تجاري
رضوان الكحلاني، أحد أهالي منطقة الحوبان، ويعمل سمساراً عقارياً، يؤكد أن القطاع العقاري في الحوبان يشهد نمواً متزايداً ومتسارعاً يواكب التزايد السكاني الناتج عن توافد الكثير من النازحين من داخل مدينة تعز، وتبعاً لذلك تضاعفت أسعار الأراضي والمنازل والشقق السكنية في المنطقة بشكل هائل عما كانت عليه قبل سنوات، بفعل حالة النزوح المتزايدة والنهوض التجاري النسبي مقارنة بالفترة السابقة.
ويرى الكحلاني أن نمو القطاع العقاري في الحوبان يعود لأسباب تتعلق بالأمن والاستقرار بالدرجة الأولى، "والفضل في ذلك ـ بعد الله تعالى ـ يعود إلى رجال الجيش واللجان الشعبية الذين يعملون على استتباب الأمن والاستقرار في منطقة الحوبان وغيرها من المناطق الواقعة تحت سيطرة الدولة اليمنية".
ويشاطره في الرأي، خالد شرف الدين (ناشط مجتمعي)، الذي يؤكد أنه "أينما وجد 

الجيش واللجان الشعبية وجد الأمن والاستقرار".
ويضيف أن من أهم متطلبات وأساسيات تطور الحياة، توفر الأمن، وهو ما لا يتوفر في مناطق سيطرة فصائل مرتزقة العدوان داخل مدينة تعز، حيث تنتشر العصابات، وتنتشر معها أعمال القتل والنهب والسلب والخطف والاغتصاب، وغيرها من الجرائم التي أصبحت روتيناً يومياً، كل هذه الأمور عملت مجتمعة على جعل مناطق سيطرة الجيش واللجان الشعبية ملاذاً آمناً للباحثين عن العيش بأمن واستقرار وكرامة.


الهروب من الجحيم
الشيخ طلال الصوفي، نائب مدير مكتب الأوقاف بتعز، يؤكد أن الحوبان تشهد تطوراً عمرانياً ملحوظاً في الفترة الراهنة، وأن العمران بدأ بالزحف على منطقة الحوبان وما جاورها باتجاه خط الراهدة، وأيضاً باتجاه مفرق ماوية، كما ارتفعت أسعار الأراضي بنسبة 200%، وهي في ارتفاع متزايد.
ويشير الصوفي إلى أن الحوبان أصبحت تعاني ازدحاماً سكانياً كبيراً جراء استقبالها الكثير من النازحين الذين فروا من جحيم فصائل المرتزقة داخل مدينة تعز، إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش واللجان ومنها الحوبان، حيث يتوفر الأمن والاستقرار.
ويضيف: هناك أيضاً حراك تجاري كبير، حيث وجد التجار وأصحاب رؤوس الأموال البيئة الآمنة التي تحمي وتنمي نشاطهم التجاري، فأغلب المستثمرين الذين كانوا في نطاق سيطرة المرتزقة نزحوا إلى الحوبان هرباً من جرائم النهب والسلب والاغتيالات التي يقوم بها المرتزقة وسط تعز. 
ويختتم الصوفي: الحوبان تعد اليوم مركزاً لمدينة تعز، بالإضافة لكونها نقطة ارتباط بين المديريات الشرقية والغربية والشمالية للمحافظة.. وهو ما يؤكده أيضاً معتصم القرشي (ناشط سياسي) بقوله: الحوبان أصبحت اليوم مركزاً لمدينة تعز، نظراً لما تتمتع به من الأمن والأمان بفضل الله ثم بفضل قوات الأمن والجيش واللجان الشعبية، والذين لا يألون جهداً في سبيل تحقيق الأمن والاستقرار والسكينة العامة.

مركز تعز وعاصمتها
الشيخ محمد طاهر أنعم، وكيل وزارة التربية والتعليم، نائب رئيس حزب الرشاد السلفي، يؤكد أن الحوبان أصبحت مركزاً هاماً للنشاط العمراني والسكني والتجاري، وعاصمة لمحافظة تعز، بسبب شيء جوهري يبحث عنه الناس في أي تجمع سكاني، وهو الأمن والأمان، وتوفر سبل العيش بأمان وكرامة، وهو ما لا يتوفر في مناطق وسط تعز التي أصبحت اليوم بيئة طاردة للسكان.
إلا أن أنعم يشدد على أن الحوبان بحاجة لاهتمام أكبر من السلطة المحلية، وفي مقدمتها المحافظ أمين البحر، وغيره من المسؤولين، وذلك لتعزيز مكانتها اليوم كمكان مناسب للسكن والنشاط التجاري.
وبحسب وجهة نظره، فإن هذا الاهتمام يتمثل في ضرورة قيام السلطة المحلية بعدد من الإجراءات، يلخصها بقوله: الرقابة على أسعار الإيجارات العقارية، والحد من الاستغلال الذي يمارسه بعض مالكي العقارات على المستأجرين، تنظيم الوجه الحضاري للمنطقة من ترتيب الأسواق وحركة السير والباعة المتجولين، والحفاظ على حالة الأمن والأمان، وحفظ الحقوق العامة والخاصة، بالإضافة إلى الجوانب الخدمية المختلفة، وبما يواكب ما تشهده الحوبان من نهضة عمرانية كبيرة.
فيما يؤكد مصطفى المغربي أن النشاط العمراني في الحوبان تضاعف عشرات المرات عما كان عليه سابقاً، فقبل 4 أعوام لم تكن سوى ضاحية من ضواحي مدينة تعز، وشبه خالية من السكان، لا تتواجد فيها سوى المصانع والورش، لكن منذ بداية العدوان أصبحت ملاذاً لعشرات الآلاف من الأسر التي فرت من عبثية صراع واقتتال الفصائل الموالية للتحالف وسط تعز، لأنها وجدت فيها الأمن والأمان المنعدم في قلب المدينة.