استطلاع:يسرية الشرقي/ لا ميديا -

يمضي علينا رمضان الرابع على التوالي في ظل العدوان الغاشم الذي تتعرض له بلادنا، أتلفت حولي ولا أجد ما يبعث فيَّ الأمل بعد الدعاء سوى ضحكات الأطفال ونشاطهم المتزايد وحركاتهم الرقيقة تملأ البيوت بهجة، فيأتي نور شهر رمضان المبارك ليحيي قلوب الساكنين بذكر الله من جديد، ويدخل البهجة على قلوب الصغار قبل الكبار، فلقدوم شهر رمضان نكهة فريدة تضفي البهجة على الأجواء العامة لدى الجميع ومنهم الأطفال، فمن كان في سن الصوم يبدأ بتعلم الصيام خطوة خطوة.
ولنا مع بداياتهم حكايات لا تنتهي، ما بين الإرادة والعزيمة، وما بين الاحتيال على الأهالي والشعور بالنصر عند أول رشفة ماء خفية في نهار رمضان.
«رمضان ما يشوف»
الطفل أمجد، في الـ10 من العمر، يقول: عندما بدأت الصوم لم أصم يوماً كاملاً، وكنت أتحايل على رمضان وآكل وأشرب في الأماكن المظلمة، لكي لا يراني أحد، فقد كنت حاذقاً فطناً منذ صغري، أتذكر قبل سنتين أول ما بدأت أصوم كنت أتعب جداً، وأقول لنفسي «عادي، هي فقط شوية ماء، ورمضان ما بيشوف»، كنت أشرب بسرعة وأكمل الصوم، وعندما يأتي المغرب، أكون أول واحد على السفرة بانتظار الأذان.
ويضيف أمجد: «لما أتذكر تلك الأيام فعلاً أستحي من نفسي، وأشعر بإحراج كبير، بس كنت فعلاً طفل ومش فاهم حاجة أو إيش المفروض الواحد يسوي».

الصوم لإثبات الرجولة
أمير، طفل في الـ13 من العمر، يحكي تفاصيل طريفة عن بداياته مع الصيام، حيث يقول: في بداياتي مع الصيام كنت أحب أن أقلد الكبار في كل شيء، وطبعاً من أجل أن أُبيّن أني كبير و»رجّال»، كان أبرز شيء أقوم بفعله، هو أنني كنت أصمم على الصوم حتى لو كنت متعباً، المهم ما يقولوا 

لـــي عادك صغير، عادي لا تصوم.
ويستطرد: طبعاً كانت أمي (ربنا يحفظها) لما تلاحظ أني متعب من الصوم، تقول لي: غطي على عيونك وكل، رمضان ما يعرفش أنك فاطر، فكنت أسألها: أنتم الكبار تعملوا هكذا لما تتعبوا، كانت تقول لي: أيوه. وحينها كنت وفي وقت المغرب أظل أتفرج على الكبار وأضحك، دون أن يدري أحد، حتى أمي، لماذا أضحك!

لُبان في نهار رمضان
ويختتم أمير: أكثر موقف أتذكر أنه ضايقني وسبب لي الإحراج، وهو أني أصلاً متعود على مضغ اللبان (العلكة) أغلب الوقت، وفي بعض أيام رمضان كنت أقوم بوضع اللبان في فمي وأمضغه وأخرج بين الناس، ولا أنتبه أننا في نهار رمضان إلا بعد مرور وقت طويل، وحينها أتذكر سبب نظرات الناس نحوي، وأفهم لماذا كانوا مستغربين.

آكل في الغرفة خوفاً من عيال الحارة
ريم، طفلة في الـ8 من العمر، تقول عن بداياتها مع الصوم: أبكي عندما تصحيني أمي لتناول وجبة السحور، وأستمر في النهار كل شوية أحلف لها بأني سأفطر، لأنني أشعر بالجوع، ومع كثرة تهديداتي بــــــــأني سأفطر، تقول لي أمي: طيب خلاص افطري. لكني أبكي وأقول لها: لا، العيال في الحارة سيضحكون علي، ويقولون بأنني فاطرة، لذا كنت أرفض تماماً أن آكل أمامهم، حتى لا يضحكوا علي، بل كنت أدخل الغرفة وآكل حتى أشبع، ثم أخرج لتقابلني أمي بابتسامة خفيفة كأنها تقول لي: أنا أدري ماذا فعلت في الغرفة.

10 أيام صيام
روان، في الـ11 من العمر، تقول: دائماً ما أتشاجر مع أختي ريم حول من هي الفاطرة منا، مع أني أصوم أكثر منها، لكنها كانت دائماً تضحك علي فيما لو حدث أن أفطرت يوماً لسبب ما، وحتى لو كنت مريضة وأفطرت كانت تظل تضحك علي.
وتستطرد روان: لكن في هذه السنة وها نحن في اليوم الـ10 من شهر رمضان، ولم أفطر أبداً حتى الآن، فأنا أريد أن أكمل صيام كل أيام شهر رمضان المبارك، لأن الأستاذة قالت لنا بأن صيام شهر رمضان كاملاً له أجر عظيم.
وتضيف: كل يوم أجلس مع أختي ريم في غرفتنا، ونقضي وقتنا قبل المغرب بالدعاء الكثير، لكن أهم دعاء عندي أن ترجع اليمن كما كانت، وأقول: يا رب ما أسمع صوت طيارة أبداً، لأنها تخيفني جداً، حتى أختي ريم تجلس تبكي وأمي لا تستطيع أن تسكتها عندما نسمع صوت طيارة، يا رب أن اليمن تكون بخير، ونفرح كلنا في العيد حق رمضان بلا طيارات وبلا حرب.
لهم أمنيات لا تختلف كثيراً عن أمنياتنا، لكنها مليئة بصفاء ونقاء قلوبهم البريئة، أمنيات بأن ينقشع الكرب والغمة عن بلد الحكمة، وأن يجد السلام طريقه إلى بلد تكالبت عليه الأمم، أمنيات ربما تجد طريقها للتحقق، فقولوا أنتم أيضاً: يا رب.