قصيدة كتبت في مطلع الحرب الأولى على صعدة  تنفرد صحيفة "لا" بنشرهـا

شاعر منافح لا يهدأ. عجنته السياسة، فلم يكن يجد نفسه إلا في قلب الأحداث على الدوام. يرقب المشهد عن كثب؛ فإن كان مشرّفاً أشاد به وأطراه، وإن كان مخزياً جَلَده وعبّر عن رفضه له، حتى لو علم أن ذلك سيكلفه الكثير.
سلاحه الكلمة دائماً؛ حيناً يلوذ بها غناء، وأحياناً كثيرة موقفاً. إنه الشاعر الكبير عبد الله هاشم الكبسي.
نقف اليوم مع إحدى قصائد هذا الشاعر الكبير، والتي تنفرد صحيفة "لا" بنشرها تزامناً مع ذكرى الصرخة، حيث كتبها الشاعر بعد أسبوع واحد من الحرب الأولى على صعدة، ينتقد فيها النظام السابق وأزلامه بشنهم تلك الحرب الظالمة خدمة لأمريكا، مؤكداً فيها أن "الحوثي" لم يرتكب أي جرم سوى أن أطلق تلك الصرخة: "الموت لأمريكا"، فهل كان يستحق بها شن حرب ضروس عليه بالطيران والجيش وقوات الأمن؟!
شنت الحرب الأولى على صعدة في 18 حزيران/ يونيو 2004، وكتب الشاعر عبد الله هاشم الكبسي قصيدته في 25 يونيو، أي بعد سبعة أيام فقط من الحرب، وعنونها بـ"إشارة مناسبة"، مخاطباً فيها رئيس النظام السابق بأن الحرب على صعدة حرب ظالمة بكل المقاييس، في وقت كانت فيه كل الأبواق والأفواه موجهة لتأييد تلك الحرب. فإلى القصيدة:

قد انت الرئيس والقائد الرمز والإمام
فما لك وللحوثي؟! لماذا تحاربه؟!
وبالطائرات والجيش والأمن... يا سلام
على قد عدالة! قبة العدل خاربة
وما فعل الحوثي؟! تمرد على النظام؟!
وقال هو إمام؟! منكر روايات كاذبة
وكذاب من قال لك ولفق لك الكلام
إلى مكتبك ساقه وكم له يسايبه
فوالله لا مرّان تقل به ولا رجام
وكل اليمن في الشرق والغرب قاطبة
وماذا على الحوثي إذا قال -ولا يلام-
سوى "الموت لأمريكا" إلى الله يخاطبه
تموت شر موتة تخرب المخ والعظام
كما خربت بغداد والقدس غاصبة
وللمه؟ لياه الحرب والضرب؟! مش حرام؟!
على "الموت لامريكا"؟ لهذا تعاقبه؟!
وأين "مصدر التشريع"؟! هل خيم الظلام
عليه وانطوى الدستور تاهت مراكبه؟!
و"حرية القول" الذي دوّش الأنام
وطقطق على الجمهور ضاعت مكاسبه
وأين جيت بالعقل الذي كان لك زمام
تسير به مع الحكمة قيادة مصاحبة؟!
ومن ورّطك في الأمر؟ والقصد والمرام
يخرّب عليك.. واليوم لاحت معايبه
فبادر إلى إصلاح ما أفسد اللئام
وخذها من الشاعر إشارة مناسبة
وصلّ على المختار في البدء والختام
مـــحمـــــد رســـــول اللــه والآل واجبـــــة